لماذا وإلى أين ؟

ماذا تعرف الأسر المغربية عن منظومة التربية؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
يونس العمراني
المعلق(ة)
13 يونيو 2019 13:03

عرفت المنظومة التعليمية بالمغرب، منذ بداية الاستقلال، عدة إصلاحات كان الهدف الأسمى لها- دائما – هو تطويرها وجعلها تساير التغيرات التي يعرفها المغرب والعالم على حد سواء. وهكذا كانت البداية الأولى لهذه الإصلاحات منذ بداية الاستقلال. وقد تميز الإصلاح الأول، الذي تم في سنة 1957 وكان شعاره آنذاك هو: ” توحيد المغاربة قاطبة حول مدرسة مغربية وطنية موحدة “، بالتوافق حول ما سمي في الأدبيات التربوية المغربية بالمبادئ الأربعة ” التعميم، التوحيد، التعريب والمغربة”. لكن رغم أهمية هذه المبادئ الأربعة في وقتها تبين أنها عبارة عن صيغ عامة عبارة عن رد فعل عن السياسة التربوية التي اعتمدتها سلطات الحماية الفرنسية بالمغرب وبالتالي فهي صيغ تفتقد إلى محتوى يمكن اعتماده في وضع إصلاح تربوي ناجع يجعل من المدرسة محركا للتنمية. بعد ذلك بدأت المنظومة المغربية للتربية والتكوين تشهد العديد من محطات الإصلاح أغلبها لم يحقق الأهداف المتوخاة منه. وبادر المسؤولون بعد كل محطة إلى تدارك ما فات بأساليب وطرق مختلفة إما عبرمناظرات أو تكوين لجن أو تنشيط ندوات…. وهكذا يمكن الوقوف عبر تاريخ إصلاح التعليم في بلادنا على مجموعة من المحاولات التي تصب في البحث عن نموذج تعليمي ملائم للمرحلة التاريخية التي يعيشها المغرب، بدءا بالإصلاح المعروف بالمبادئ الأربعة لسنة 1957 ومرورا بالإصلاح المرافق للمخطط الخماسي 1960/1964 ثم الإصلاح المنسوب لوزير التعليم الدكتور بنهيمة سنة 1966، والإصلاح الذي انطلق سنة 1985 في إطار سياسة التقويم الهيكلي التي عرفها المغرب سنة 1983، وإصلاح 1994، ثم الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي انطلق سنة 2000 وأخيرا البرنامج الاستعجالي 2009/ 2012 الذي جاء لتدارك بطء تنفيذ مضامين الميثاق الوطني للتربية والتكوين بعدما مرت العشر سنوات الأولى على بدء تنفيذه، وبدأ يتضح أن العشرية المحددة لتفعيل مضامين الميثاق لم تحقق ماكان محددا لها من أهداف.

وللتذكير فقد تشكلت في سنة 1999 لجنة خاصة بهدف بلورة مشروع متكامل لإصلاح المدرسة المغربية قصد الخروج بالنظام التعليمي من الوضع المتأزم الذي وصل إليه. وتوجت أعمالها بتبني الميثاق الوطني للتربية والتكوين كوثيقة مرجعية للإصلاح، حظيت بالتوافق الوطني التام.

وإذا كانت الأهداف والغايات المسطرة في الميثاق، الذي انطلق تفعيله منذ سنة 2000، تعبر عن انتظارات ومطالب المجتمع المغربي؛ ورغم الاهتمام الخاص الذي حظي به قطاع التربية والتكوين من لدن مختلف الهيئات المجتمعية، والمجهودات المبذولة وال إنجازات الملموسة في العديد من المجالات، فإن عددا من الاختلالات والانتظارات مازالت قائمة.

وأمام هذه الوضعية المفارقة. تفضل جلالة الملك محمد السادس، في خطابه الافتتاحي للدورة التشريعية لخريف سنة 2007، بإعطاء تعليماته السامية للحكومة الجديدة آنذاك لبلورة برنامج استعجالي، يتغيا تسريع وتيرة إنجاز الإصلاح خلال الأربع سنوات الموالية. وهكذا، تم الالتزام بتقديم خارطة طريق تحدد، بصفة دقيقة وملموسة، برنامج تسريع وتيرة إنجاز إصلاح منظومة التربية والتكوين.

وضمن هذا السياق، وضعت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي برنامجا استعجاليا طموحا ومجددا، ممتدا على مدى أربع سنوات، يستمد مرجعيته من المثياق الوطني للتربية والتكوين ويروم إعطاء الإصلاح “نفسا جديدا”.

وقد تزامن تهييء البرنامج الاستعجالي، مع إصدار المجلس الأعلى للتعليم، سنة 2008، للتقرير الوطني الأول حول حالة منظومة التربية والتكوين وآفاقها، والذي اعتمدت خلاصاته وتوصياته ومناقشاته، كوثيقة مرجعية في صياغة البرنامج الاستعجالي، الذي يتمحور حول المجالات الأربعة التي اعتبرها التقرير ذات أولوية حاسمة، ودعا إلى بلورتها في الميدان.

وسعيا إلى تحقيق فعالية قصوى لهذا البرنامج، تم تبني منهجية عمل جديدة، تتجاوز صيغ التدبير السابقة، وتعتمد خمسة مكونات أساسية تتدرج كالتالي:

• تحديد برنامج طموح ومضبوط في أدق تفاصيله: يتضمن تحديد مجالات التدخل، مع تدقيق المشاريع، وبلورة مخططات العمل، وضبط الجدولة الزمنية لل إنجاز. وتوفير الموارد التي ينبغي تعبئتها؛

• اعتماد نهج تشاركي يرتكز على إشراك مجموع الفاعلين الأساسيين داخل منظومة التربية والتكوين في إنجاز وتطبيق البرنامج الاستعجالي؛

• الانخراط القوي للفاعلين في الميدان لضمان تطبيق ال إجراءات المحددة بصورة تعتمد سياسة القرب، بغاية إعطاء النفس الجديد للإصلاح بعدا عمليا وملموسا؛

• وضع عدة طرق للتتبع عن قرب تسمح بالمواكبة الدقيقة لكل العمليات المرتبطة بتطبيق البرنامج الاستعجالي؛

• وضع أرضية لتدبير التواصل والتعبئة لتحقيق التغيير المنشود على كل مستويات المنظومة ضمانا لانخراط الجميع؛

ومن الإنصاف القول – رغم ما عرفته مختلف الإصلاحات من تعثرات وما وجه إليها من انتقادات – ” أن المدرسة المغربية لعبت أدوارا إيجابية في التنشئة الاجتماعية، وتكوين الأطر، وساهمت بنصيب وافر في الحراك التنموي وفي البناء المادي والفكري للوطن، وتنامت بوتيرة ملحوظة مؤشرات ولوج وارتقاء المدرسين. لقد بذلت منذ الاستقلال جهود كبيرة وتحققت منجزات هامة في مجال التربية والتكوين تمثلت في ارتفاع نسبة التمدرس، وخاصة لدى الفتيات، وفي توسيع شبكة المؤسسات التعليمية، وفي توفير العرض المدرسي بشكل يستجيب للحاجيات، فقد ناهز عدد المتمدرسين في الوقت الحاضر الستة ملايين ، وعدد المؤسسات المدرسية العشرة آلاف، كما وصل عدد المدرسين إلى ما يربو عن مائتي ألف، علاوة على ال إمكانات المستثمرة في مجال تجهيز المؤسسات وربطها بشبكة الإنترنت والإطعام المدرسي والدعم الاجتماعي.

” بيد أن إيقاع تفاعل المنظومة مع التحولات التي يعرفها المغرب خاصة منذ سنة 2000، وديناميتها البطيئة، وغير المتوازنة، وتراكم مؤشرات الضعف والهشاشة الذي يهدد مردوديتها يدفع إلى مساءلة المدرسة المغربية وتحديد مواطن الاختلال، باعتبارها قطاعا يستهدف بناء المستقبل وإعداد أجيال الغد، بغرض التفكير في إعادة البناء واستعادة الثقة في المدرسة كفضاء أنسب لبناء الذات والارتقاء بقدرات الإنسان المغربي، وضمان تكافؤ الفرص، وتحقيق الاندماج الاجتماعي والتقدم المرتقب.

فما هي إذن يا ترى مواطن الاختلال التي تواجه المدرسة المغربية ؟

الاختلالات

تواجه المدرسة المغربية اختلالات كثيرة داخلية وخارجية لم تستطع تجاوزها رغم المجهودات المبذولة لإيجاد حلول ملائمة لها. ورغم صعوبة رصد جميع هذه الاختلالات فسوف نحاول الوقوف عند أهمها كما تم رصدها من طرف أغلبية المهتمين بقضايا التربية والتكوين ببلادنا، وهي كالتالي:

• عدم القدرة على الاستجابة لمتطلبات المجتمع بالإيقاع والحجم المطلوبين، فبالرغم من عمليات توسيع البنيات التحتية، وتقديم الدعم الاجتماعي للتلاميذ، فإن المدرسة المغربية لم تستطع بعد مسايرة متطلبات المجتمع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ، بدليل حالة اللاتوازن القائمة بين منتوج المدرسة وسوق الشغل تعبيرا عن علاقة غير متوازنة بين المدرسة ومحيطها الاقتصادي عنوانها المزدوج بطالة الخريجين من جهة، ونذرة الكفايات والأطر في قطاعات إنتاجية معينة؛

• ضعف القدرة على كسب رهان التنافسية العالمية في المجالين الاقتصادي والمعرفي ، ذلك أن التعليم العمومي بالمغرب ما يزال أسير المؤشرات الكمية يراهن على رفع معدلات الولوج، دونما الالتفات إلى نوعية الخدمات المقدمة، وهذا ما يجعل مسألة جودة التعلم والانخراط في مجتمع المعرفة بعيدة المنال وذلك في غياب تبني اختيارات بيداغوجية ملائمة وناجعة تمكن زبناء المدرسة المغربية من اكتساب الكفايات التي تتيح لهم الإسهام في تدبير المعرفة وإنتاجها؛

• ضعف في التمكن من الكفايات الأساس المحددة لكل سلك وخاصة التمكن من اللغات التواصلية مع العالم الخارجي؛

• ضعف الاهتمام بالموارد البشرية داخل وخارج وزارة التربية الوطنية، إذ أن مختلف الأبحاث والدراسات الدولية تؤكد على مركزية الموارد البشرية ومكانتها في إنجاح المنظومة التربوية؛

• ضعف ممارسة الحكامة الجيدة في تدبير الموارد البشرية (ضعف المشاركة و التشارك في تدبير العنصر البشري، نقص الشفافية، ضعف ثقافة التقييم و المحاسبة…)؛

• عدم تحقيق تعميم التعليم على كافة الأطفال البالغين سن التمدرس. فرغم جميع المجهودات المبدولة في هذا الإطار فإن نسبة مهمة من الأطفال البالغين سن التمدرس في العالم القروي لازالت خارج أسوار المدارس، وخاصة الفتيات منهم؛

• غياب نظام ناجع لتقويم كل مكونات المنظومة التربوية، إذ غالبا ما يتم اعتماد تقارير سريعة أو تخمينات غير موضوعية لاتخاد قرارات مصيرية تهم جوانب مصيرية في حياة المجتمع؛

• انتشار العنف المدرسي في أوساط المؤسسات التعليمية بمختلف أنواعه، عنف رمزي ولفظي وجسدي، وقد عرف طريقه إلى المدرسة المغربية في السنوات الأخيرة بشكل كبير؛

• التعامل غير الواضح مع إشكالية اللغات، التي يعتبر دورها وتأثيرها على النجاح المدرسي والإدماج المهني بديهيا؛

• اعتماد الكم والتلقين في إعداد المناهج والبرامج بدل اعتماد الكفايات وتنمية المهارات والقيم الإنسانية الوطنية والكونية في تصريفها؛

• ضعف الانفتاح على المحيط وغياب المقاربة التشاركية في تدبير شؤون المدرسة سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني؛

• تسجيل قصور في النصوص التشريعية و التنظيمية الحالية ويتجلى ذلك حسب عبد الغفور العلام فيما يلي: ” غياب الإطار المرجعي للكفاءات والوظائف، والذي يحدد بشكل مفصل و بدقة المهام و الأدوار المنوطة بكل موظف و يضمن له الحقوق ويحدد له الواجبات؛

– قصور النظام الأساسي الحالي في معالجة الإشكاليات الروتينية المتعلقة بتدبير الموارد البشرية (الترقية، التقييم، التكوين المستمر ، حركية و انتقال الموظفين…)؛

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x