لماذا وإلى أين ؟

بالأرقام.. هذه هي حقيقة 88 مليارا التي تصرفها جامعة كرة القدم

يستغل البعض إقصاء المنتخب المغربي لتضخيم الأمور والبحث عن كل ما من شأنه أن ينال من سمعة وواقع كرة القدم المغربية وإن كان ذلك بإطلاق إشاعات حول أموال وميزانيات كما لو أن هناك “وزيعة” يتم اقتسامها بدون حسيب أو رقيب وكأن المغرب لا يحكمه قانون…

“آشكاين”، بعد الحديث عن صرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أزيد من 88 مليارا، بحثت عبر مصادر مطلعة وكذا في التقارير المالية السنوية للجامعة الملكية لكرة القدم، مادام الأمر يتعلق بمصاريف عمومية من الواجب تبرير صرفها، ووصلت إلى أرقام ومعطيات حقيقية، تفند كل المزاعم التي قارنت بين ميزانيات اتحادات قارية وميزانية الجامعة وأيضا مع قطاعات حكومية، كميزانية التعليم التي قيل إنها تصل إلى 40 مليارا وميزانية الصحة التي أشاروا إلى أنها لا تتجاوز 10 ملايير. لكن ما وصلنا إليه يظهر أننا أمام أرقام مغلوطة الهدف منها هو الإساءة فقط وتصفية حسابات سياسية. ورغم كل ما يمكن قوله تبقى ميزانية الجامعة ضعيفة جدا ليس فقط مقارنة مع اتحادات قارية بل حتى مع فرقها المحلية.

أول المغالطات التي نشرتها تلك الجهات المعلومة تفندها الحقائق التي توصلنا إليها والتي هي على الشكل الآتي:

– ميزانية التعليم: 54 مليار درهم

– وميزانية الصحة: 23 مليار درهم

– فيما ميزانية الجامعة الملكية محددة في 16 مليون درهم (8 ملايين درهم منها فقط كدعم من الدولة)، وليس 88 مليارا كما تم الترويج له بطريقة مجهولة من طرف البعض.

إذن، إلى جانب أن المقارنة تنتفي بهذا الرقم الضعيف، عكس ما رُوج له، فإن ضُعفه يظهر أكثر إذا استحضرنا أن نصفه تلتهمه الضرائب وتسديد ديون شراء المقر. ما يعني أن الجامعة تُسير بـ8 ملايين درهم، تذهب منها نسبة كبيرة في أجور حوالي 80 موظفا ومصاريف التدبير والتسيير…

إن الرقم الذي يجب أخذه بعين الاعتبار هو التكلفة الإجمالية لكرة القدم المغربية، والتي تصل إلى حوالي 500 مليون درهم، موزعة بين تدبير الملاعب، وميزانيات النوادي، والحكام، والإدارة التقنية… لا تساهم الدولة من كل هذا إلا بـ8 ملايين درهم كدعم مباشر (800 مليون سنتيم)، في وقت تستفيد تظاهرة نزهة بدوان “الرياضة للجميع”  من 10 ملايين درهم. أما جامعة كرة السلة، التي جُمدت أنشطته، فتدعمها الحكومة بـ 12 مليون درهم. أي أن الدعم الحكومي الممنوح لجامعة كرة القدم ضعيف أمام المساهمات التي تتلقاها الجامعات الرياضية الأخرى.

أمام هذا الوضع، تجد الجامعة نفسها في بحث مستمر عن موارد أخرى، تتأتى لها من التمويل الخاص وعائدات الإشهارات والبث التلفزي وكذا المؤسسات البنكية وبعض المؤسسات العمومية. ورغم ذلك تستنفد التزامات الجامعة ما تتحصل عليه من أموال، إذ تصرف سنويا:

على القسم الأول: ما بين 6 ملايين درهم إلى 10 ملايين درهم، حسب معايير موضوعية، لفائدة كل فريق البالغ عددها 16 فريقا، أي حوالي 160 مليون درهم.

القسم الثاني: حوالي 4 ملايين درهم في السنة لفائدة كل فريق (16 فريقا)، أي حوالي 64 مليون درهم.

أما قسم الهواة فيلتهم بدوره مصاريف كثيرة بشكل سنوي على الشكل التالي:

القسم الممتاز: تقريبا مليون و200 ألف درهم لكل فريق (16 فريقا)

عصبة الهواة “أ”: حوالي 900 ألف درهم لكل فريق (32 فريقا)

عصبة الهواة “ب”: ما يقارب 500 ألف درهم لكل فريق ( 54 فريقا)

ولكرة القدم داخل القاعة نصيب من الميزانية أيضا، حيث تمنحها الجامعة حوالي 300 ألف درهم سنويا لكل فريق (56 فريقا)

أما البطولة النسوية فنصيبها السنوي هو تقريبا 350 ألف درهم لكل فريق (23 فريقا)

دون إغفال ما يتوجب على الجامعة صرفه لفائدة الحكام ومصاريف الدورات التكوينية التي تخصص لهم وتكاليف معسكرات المنتخبات الوطنية ومسابقة كأس العرش والمشاركات الدولية والمباريات الدولية والودية…

وفي مقارنة بسيطة بجيراننا، نرى أن الأهلي المصري مثلا تبلغ ميزانيته مليارا و200 مليون درهم، فيما ميزانية العين الإماراتي تقارب مليارا و100 مليون درهم، أما الترجي التونسي فميزانيته السنوية محددة في مليار درهم. أما فريق الزمالك المصري فميزانيته تناهز 27 مرة ميزانية نهضة بركان الذي قارعه في منافسة الكونفدرالية الإفريقية بإمكانياته البسيطة جدا وكاد يخطف منه اللقب.

أي أن فريقا محليا في بعض الدول الإفريقية يتجاوز ليس فقط ميزانية الجامعة وإنما تكلفة كرة القدم المغربية ككل.

أما إذا أجرينا مقارنة مع فرق عالمية، فالأرقام فلكية يستحيل معها المقارنة. حيث أن برشلونة الإسباني مثلا يؤدي حوالي 425 مليون أورو سنويا كأجور للاعبيه، وهو ما يساوي صرف كلفة الكرة المغربية لمدة 10 سنوات. وكذلك الشأن بالنسبة لفريق باريس سان جيرمان الذي اشترى لاعبا واحدا (نيمار) بحوالي 500 مليون أورو (222 مليون أورو كشرط جزائي لبرشلونة + 280 مليون أورو لنيمار) أي تكلفة الكرة المغربية برمتها لتقريبا عشر سنوات.

وهذا ما يفسر عجز فرقنا الوطنية على جلب لاعبين أجانب.  فحتى الأفارقة منهم يفضلون الاحتراف أولا في بلدان كمصر وتونس والجزائر ويضعون المغرب آخر خيار لهم نظرا للرواتب التي يتلقونها هناك.

هذه الأموال التقريبية التي استعرضنا ليست سرية ولا خافية على أحد، لأنها تُنشر سنويا وتصادق عليها الجموع العامة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بعد تدقيقها من قبل مكتب الحسابات المشهور علميا (kPNG) الذي يصادق أيضا على حسابات الاتحاد الدولي لكرة القدم ويلتزم بالمسؤولية الجنائية في عمله.

الخلاصة أنه رغم قلة الدعم الذي يُمنح لجامعة لقجع، فإنها استطاعت تحقيق الشيء الكثير، إذ تناسى البعض، من أصحاب الذاكرة الضعيفة، حملة الإصلاحات التي باشرتها منذ حوالي 4 سنوات، بإصلاح الملاعب والمركبات الرياضية، وتجهيزها، وإنشاء عشرات ملاعب القرب، والثورة التي شهدتها الإدارة التقنية وما تستنزفه من موارد تُصرف على أطرها وتجهيزاتها، وتأطيرات الحكام المغاربة والأفارقة، وتشكيل العصبة الاحترافية وتطوير البطولة الاحترافية بشكل جعلها أكثر تنافسية وهيكلة لم تدع للنقاد مجالا لمعاودة الحديث عن ضعف بنياتها وتنافسيتها. حتى أضحى المغرب جاهزا لأي منافسة قارية يمكنه أن يستضيفها متى شاء (كان بديلا جاهزا لاحتضان كان 2017، و2019).

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x