2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
من النجومية إلى الميزيرية: سلوى الجواهري فنانة حصلت على تكريمات كثيرة ولم تسطتع دفع سومة الكراء (8)

هم مجموعة من الفنانين مغاربة وأجانب احتلوا الصف الأول في عالم الأضواء والشهرة، لكن شاءت الأقدار والأحوال أن يتحولو من شخصيات مشهورة إلى شخصيات منسية بحاضر مليء بالمعاناة والآهات، منهم مغاربة وأجانب معظمنا أحبهم وأحب شخصياتهم سواء الحقيقية أو التي سحرونا بها على الشاشات، ومنهم من غادر الدنيا وهو لا يملك شيئا بعدما كان يملك الكثير .
” آشكاين ” وفي هذه الفسحة الصيفية ستقدم لقرائها سلسة من البورتريهات عن فنانين مغاربة وأجانب سقطوا من عالم الشهرة والأضواء إلى عالم الفقر والحاجة ، إما بفعل منظومة فنية فرضت عليهم تلك الظروف، أو بسبب اختيارات شخصية وسوء تدبير للحياة.
الحلقة الثامنة : سلوى الجواهري
البدايات
ولدت الفنانة المغربية سلوى الجواهري بمدينة الدار البيضاء في نهاية الستينات، بدأت صقل موهبتها في البداية بالمعهد الألماني بالبيضاء رفقة مجموعة من الوجوه الفنية المغربية المعروفة أنداك، حيث كان هذا المعهد يشهد تنظيم أنشطة ثقافية تتنوع بين المسرح والموسيقى تنشطهما الفنانتين الكبيرتين رجاء بلمليح ونادية أيوب، في مجال الموسيقى والغناء، إضافة إلى ماجدة بدر الدين زوجة العربي باطما وكانت تـُمارس المسرح والموسيقى ما جعلها تكبر وسط هذا الزخم الفني والثقافي وتصقل موهبتها بين هذا العرض وذاك.
كانت الجواهري تمارس التشخيص المسرحي، رفقة هؤلاء الرواد المذكورين، لتلتحق بمعهد «الزيراوي» لدراسة التمثيل، خلال موسم 1977 و1978، حيث شاركت في عدة أنشطة فنية في دور الشباب وفي العديد من المهرجانات بأدوار رئيسية وثانوية من خلال اعمالا ومسرحيات مختلفة.
احترفت مجال التمثيل سنة 1980 حينما انضمت لفرقة مسرح «الثمانين»رفقة كل من سعد الله عزيز وخديجة أسد، واشتغلت مع هذه الفرقة في مسرحية «النخوة على الخوى» مشخصة دور خادمة تُسير وتتحكم في دواليب العائلة التي تعرض المسرحية قصتها، وقد أسند إليها هذا الدور بعد أن حصلت على جائزة أحسن ممثلة في مهرجان المسرحيات القصيرة، وكان يحتضنه المسرح البلدي بالدار البيضاء، كما شاركت في بطولة فيلم «لالة شافية» للمخرج محمد التازي، وسنها لا يتجاوز 15 سنة حيث كان المغرب يعرف ثورة سينمائية وتنافسا مهما بين المخرجين المغاربة .
رصيد فني غني وحياة فقيرة
رصيد الفنانة القديرة سلوى غني جدا لكن حياتها لم تكن بالرضى الذي ناشدته منذ طفولتها، حيث تقول في إحدى حواراتها الصحافية حول وضعها المادي في عز مسيرتها الفنية :” آنذاك كانت فرص الشغل في المجال الفني جد متوفرة، وكانت المداخيل مُستقرة، ولم نكن نخشى أو نحس بالأزمة، وكنا نسمع من حين لآخر أنه سوف يتم إحداث شركات للإنتاج، وسوف تتضاعف الأعمال الفنية وستتزايد معها فرص الشغل أكثر، ولم نكن نعرف الفراغ الفني، كنت أشارك في تصوير المسلسلات التلفزيونية، وأقدم مسرحيات كثيرة، وكنت أظن أن الوضع سيستمر بهذه الوتيرة وهذا الكم من فرص الشغل، إلى حين بداية عمل شركات الإنتاج، وما وقع هو أني ارتكبت خطأ أعترف به، إذ لم أكن أتقدم لـ «الكاستينغ”.
وتضيف الجواهري في حديثها لأحدى الصحف الورقية: “كنت أقول إن من يُريدني أن أشتغل في عمل فني سوف ينادي علي، وكانت قناعتي حينها نابعة من منطلق أني ممثلة لها جمهورها ومعروفة ولا تحتاج لـ «كاستينغ»، في تلك الفترة ضيعت تقريبا 3 سنوات من عمري الفني، بعدها بدأت أتقدم لـ «الكاستينغ» لكني كنت أبدو كالغريبة وكأن لا أحد يعرفني، لم أحصل على فرص الشغل في السنوات الأخيرة، فتراكمت علي المشاكل وعانيت كثيرا من قساوة وقهر الزمن، وما زاد من تعميق الأزمة هو كبر سني ومرضي، ومع جسامة مسؤولية تربية ابنتي أصابني اليأس والإرهاق النفسي، فأنا مطلقة من مدير المسرح البلدي سابقا عبد اللطيف الزيادي، توفيت والدتي، وعانيت مشاكل عائلية بسبب تنكر القريب والبعيد”، تقول الجواهري وهي تتحصر على واقعها.
مأساة ومعاناة
المسار الغني والرصيد الفني الكبير الذي يشهد به الجميع للفنانة سلوى الجواهري لم يشفع لها في ظل صعوبات الحياة المادية والظروف المهنية للممثل في المغرب، حيث مازالت تعيش داخل منزل قديم تكتريه بالمدينة القديمة بالدارالبيضاء، في ظروف ومعاناة تعنونها الجواهري في لقاءاتها الصحافية بـ”الفقر والمرض والتهميش والحكرة”، معاناة جعلتها تفكر غير ما مرة في الانتحار، لولا ثقتها بخالقها وخوفها من عواقب الأمور.
تقول سلوى في تصريح صحفي إنها تجد صعوبة في أداء سومة كراء المنزل الذي كان يحضن والديها قيل وفاتهما رغم أن سومة الكراء لا تتعدى 500 درهم شهريا.
وأوضحت أنها مهددة بالطرد من المنزل رفقة شقيقها وأسرته بسبب تأخر أدائها لمصاريف الكراء لمدة سنة، ما جعل صاحب المنزل يرفع عليها دعوى قضائية وهي محكومة بالإفراغ ومهدد بالتنفيذ في أي وقت .
وأضافت الممثلة القديرة أنها تحولت إلى شبه “سعاية” وأصبحت مضطرة لزيارة المقاهي بحثا عن زملاء فنانين لدعمها ماديا، من أجل تغطية مصاريف الحياة والماء والكهرباء.
الجوهري ظلت في الآونة الأخيرة تصرخ وتستغيث في كل لقاء صحفي من أجل فرصة أو مشهد قد يدر عليها أجرة تحقق أبسط متطلبات الحياة في واقع مهني وشخصي يبكيها كلما سأل سائل عن أحوالها.
جميعا من اجل دعم تقاعد الوزراء والبرلمانيين.