لم يخف التقرير التركيبي للحوار الداخلي الذي أطلقه حزب العدالة والتنمية وجود اختلالات في عمل الحزب، مــن قبيــل القصــور في تأطير الأجيــال الملتحقة بالحــزب وعدم تحـول مشروعه إلى توجـه فكـري مجتمعـي، فضلا عن قصـور الاجتهاد والإبداع في تقديــم البدائــل وإنتــاج النخــب والكفــاءات.
ومما جاء في التقرير التركيبي للندوات الوطنية والجهوية للحوار الداخلي للبيجيدي، اطلعت عليه “آشكاين”، أنه بالرغم من “أن أداء الحــزب، في عمومــه، كان منسجما مــع مضامـين الأطروحتين التي عرضهما سنتي 2008 و2012، فإنـه يمكننـا أن نقـف عنـد مواطـن القصـور والارتباك التي شابت التزام الســلوك السياسي للحزب لأطره المرجعية، لاسيما وأن الحــزب ظــل يعــاين مجموعــة من الأعطاب التــي تشير إليهــا مجمــل أوراقــه”.
وسجل التقرير أيضا تضخــم الفعــل السياسي الخارجي على التدبر التنظيمي الداخلي، ضعــف الالتزام بـروح الشراكة والتعـاون مـع الفاعلين والفرقـاء، ضعـف تواصـل الحـزب مـع مكونـات المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعـي وتعـرض علاقتـه بالشـركاء والفرقـاء الحزبيــن لحملات تشــويش ممنهجــة هــددت بعــزل الحــزب عــن باقــي الأحزاب…
ماذا حدث أثناء تشكيل حكومة 2017
أشار التقرير نفسه إلى أن الانخراط في تشــكيل الحكومــة في أبريــل 2017، جــاء نتيجــة قرار اختارت فيــه مؤسسات الحزب التفاعل إيجابا مــع بلاغ الديــوان الملكي. وتم الحــرص في العمــوم على تدبريهــا بطريقــة جامعيــة رغــم مــا ســجل مــن تفــاوت بــن موقفين إزاء تركيبتهــا الحزبيــة بين الموافقة أو عــدم الاعتراض مــن ناحيــة.
وشدد على أن الحـزب “لا يتحمـل مسؤولية العرقلـة التـي ووجــه بهــا تشــكيل الحكومــة ســنة 2016، حيــث كان حريصــا على أن يدبــر هــذا الموضوع في أعلى مســتويات النزاهــة، والصــدق والحــرص الوطنــي، وهـو مـا أكـده التنويـه الملكي لعبـد الإله ابـن كـران رئيـس الحكومـة السـابق”.
وقال حزب العدالة والتنمية إن “الحوار الداخلي أكد أن الحزب مطالب اليوم بطي تلك الصفحة، مع استخلاص العبر والنتائج الضرورية، وتجاوز تداعيات تلك المرحلة”، معترفا بأنه واجه مخاطر سياسية على مستوى تنظيمه الداخلي كادت تحدق بتماسكه ووحدته تنظيميه بسبب ما سمي “مرحلة البلوكاج”، وتشكيل حكومة ما بعد إعفاء بنكيران.
وخلص التقرير إلى أن خروج الحزب سالما من هذه المرحلة يرجع إلى “التزام عموم الأعضاء بقيم الأخوة والتطاوع والتماس العذر ما أمكن، واعتبار أن تعاطي الحزب مع ما واجهه من تحديات بعد استحقاقات 2016 هو تعاط اجتهادي قائم على التقدير، لكنه كذلك تعاط جماعي مؤسساتي، والمسؤولية فيه مسؤولية جماعية”
طغيان نموذج “كاريزما الأشخاص”
سجل التقرير قصورا في النمـوذج التنظيمـي للحـزب، من قبيل محدوديــة الإنتاج السياسي بســبب غيــاب بنيــة متخصصــة مكلفــة بهــذا الــورش؛ وقصــور مؤسســة المنتخبين ومنتــدى الأطر في الاستجابة للانتظارات المجتمعية لأسباب عدة من بينهــا عدم توفــر بنيــة إدارية مؤهلة ومتفرغة؛ وتراجــع دور التأطيـر الخارجــي والتواصــل السياسي والإعلامي وتنميــة العالقــات العامــة.
كما يسجل ضعـف إنتــاج النخــب وتوليــد الكفــاءات والانفتاح على الطاقــات، مــع غيــاب معطيـات دقيقـة ومحينـة حـول العضويـة مـع غيـاب دراسـة للتحولات القيميـة والثقافيــة والاجتماعية والديموغرافيــة داخــل تنظيمنــا الحزبي، ومحدوديــة نظــام التطــوع القيــادي والتواضــع في إرســاء قواعــد الجهويــة الحزبيــة وتعبئــة الآليات التنظيميــة الكفيلــة بتحقيــق نجاعــة التدبــر الحزبي.
ومن بين الاختلالات التي يعانيها حزب العدالة والتنمية، تعــدد المسؤوليات والمهام، وضعــف تحــول النمــوذج التنظيمــي للحــزب مــن التنظيــم الناشــئ إلى التنظيــم الشبكي، في ظــل نموذج قيــادي يطغــى عليــه أحيانــا كاريزمــا الأشخاص على الرغــم مــن جهــود إرســاء نموذج قيــادي مؤسساتي.
