2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
البلعمشي: موريتانيا انتقلت من الحياد السلبي إلى الحياد الإيجابي في قضية الصحراء المغربية(حوار)

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين
مازالت أعين الترقب شاخصة صوب أفق العلاقات الموريتانية المغربية، وما قد تسفره المفاوضات المرتقبة، في ظل التقارب المغربي الموريتاني الذي بدا جليا من خلال البلاغ الأخير للديوان الملكي، نهاية الأسبوع المنصرم، والذي يمهد لزيارة مرتقبة بين العاهل المغربي ونظيره الموريتاني.
وفي هذا الصدد، علق أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش عبد الفتاح البلعمشي، على الزيارات المرتقبة بين الملك محمد السادس ورئيس موريتانيا محمد ولد الغزواني، وما قد ينتج عنها من تقارب يعزز المصالح المشتركة بين البلدين.
كما أوضع رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط، عبد الفتاح البلعمشي، في حوار مع “آشكاين”، سبل التقارب بين البلدين وحجم التأثيرات التي قد يحدثها التوافق المغربي الموريتاني في قلب التوازنات في قضية الصحراء المغربية، مستحضرا في الوقت نفسه دور التاريخ المشترك بين البلدين في بناء مستقبل العلاقات بين الجارين.
وفي ما يلي نص الحوار
– ما تعليقكم حول إبداء العاهل المغربي ونظيره الموريتاني في تبادل الزيارات؟
الزيارة الملكية المرتقبة إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية التي أعلن عنها ببلاغ للديوان الملكي، أن الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، تأتي في ظروف دقيقة تمر منها المنطقة على مستوى التوازنات الجديدة التي أصبحت تلقي بظلالها على العلاقات المغاربية عموما.
ثانيا المغرب أمام المكاسب القانونية السياسية والدبلوماسية التي تحققت في الآونة الأخيرة في ملف الوحدة الترابية، وما أقدم عليه عناصر من البوليساريو في منطقة الكركارات، والذي كان له أثر بالغ على التبادلات بين المغرب وموريتانيا عبر هذا المعبر، و توقف حركة المدنيين الآمنين ومجموعة من التداعيات السلبية، كل هذه الأسباب، جددت الفهم الموريتاني للموقف المغربي ولطرحه حول نزاع الصحراء، هذا من ناحية الظروف الآمنة.
ثالثا هناك تغير في ما يتعلق بالإدارة الموريتانية، بعد انتخاب الرئيس الجديد خلفا لولد عبد العزيز، هذا التحول في القيادة الموريتانية يمكن أن ننظر إليه كمؤشر على أن الخارجية الموريتانية أصبحت، أكثر من أي وقت مضى، تسعى إلى علاقات بناءة، وتسعى إلى تفعال معين في محيطها الإقليمي والدولي، وهي كذلك تعطي مجموعة من الإشارات، على أن البعد التنموي، والبعد الإصلاحي، والبعد الديمقراطي أصبح من أساسيات بناء الدولية الحديثة بموريتانيا.
بالرجوع إلى إلى تاريخ العلاقات المغربية الموريتانية، يمكن أن نؤكد على أن الشعبين المغربي والموريتاني يشتركان في العديد من أوجه الكفاح، أولا ضد الاستعمار، ثم استمرار علاقات طيبة بين الشعبين، سواء في مجال الاقتصادي التجاري، أو في المجال الثقافي الحضاري، أو في المجال الامتداد المجتمعي بين الشعبين.
هذه المقومات لا تتأتى إلا لشعبين شقيقين، ولا تتأتى إلا لمنطقة يضمن فيها كل من المغرب وموريتانيا السلم والأمن الدوليين، بحث نلاحظ أن البلدين الجارين هما أكثر الدول في المنطقة كلها أمنا وتطلعا إلى مستقبل أفضل لشعوبهما.
فالبالي عندما نتحدث عن ضمان السلم والأمن في منطقة متوترة، فنحن نتحدث عن قيادة لها من الحكمة ومن التبصر ما يجعلها بعيدة عن كل الحسابات الضيقة، وتترفع عن الانجرار وراء مجموعة من الممارسات أصبحت تنخر دولا أخرى في المنطقة من الصراع والعنف والتطرف.
وهذا المعطى يمكن أن نؤكد عليه، على أساس أن موريتانيا تأتي في موقع استراتيجي بالنسبة للسياسة الاقتصادية للمغرب في إفريقيا، ويمكنها أن تكون شريكا أساسيا أمام التطورات التنموية في الأقاليم الجنوبية من جهة، وأمام الأبعاد الاقتصادية المعلنة للمغرب وشركائه في أفريقيا.
لكل ذلك أعتقد أن مرحلة جديدة سوف تطبع العلاقات بين المغرب وموريتانيا، وهي دعوة إلى كل الفاعلين السياسيين والأكاديميين والمثقفين والعوائل والقبال الممتدة بين البلدين، أن تقوم بدوها في اقتناص هذه الفرصة التاريخية في العلاقات الثنائية بين المغرب وموريتانيا.
وزيارة الملك محمد السادس المعلنة، هي عربون ثقة في مستقبل هذه العلاقات، وهي كذلك موقف سياسية ودبلوماسي من أعلى مستوى في السلطة المغربية اتجها الشقيقة موريتانيا. ولا يمكن انطلاقا من هذا إلا أن ننظر مستقبلا أفضل ونتطلع إلى علاقات أكثر جرأة، وأكثر اصطفافا نحو البعد الساعي إلى التنمية والمصالح المتبادلة .
– ما هي السيناريوهات الممكنة من قبل الجانبين الموريتاني والمغربي؟
كل ما يمكن أن نتحدث عنه اليوم، هو أن أي تقارب بين المغرب وموريتاني هو مبعث لترجمة تطلعات الشعبين، وكلما كان هناك توتر أو تباعد في هذا المحور، كلما كان هناك تأثير على الطموح الذي يسعى إليه الشعبين.
وأعتقد أننا اليوم أمام سياسة خارجية للغرب وموريتانيا، ليس فقط فيما يتعلق العلاقات الثنائية، ولكن أيضا في المواقف على المستوى الدولي حول القضايا الدولية وفي المحافل الدولية، والذي أصبح يشهد نوعا من التقارب؛ وأتوقع أن هذا التقارب سيستمر وسيتطور نحن الأفضل في المستقبل.
وبالتالي هناك سياستان خارجيتان مسنودتان بطموح وإرادة شعبيين، ويمكن أن نضع هذا الحدث في حد ذاته ضمن التطورات والتوازنات الجديدة في المنطقة وهو ما سيكون له تأثير على المستقبل المصالح المشتركة بين البلدين.
– ما حجم التأثير الدبلوماسي والميداني الذي قد يحدثه التوافق المغربي الموريتاني حول قضية الصحراء المغربية؟
موريتانيا ظلت، في موقف الحياد، إن صح التعبير، فيما يتعلق بقضيتنا الوطنية، فلا هي قادرة دعم الطرح النقيض لطرحنا الوطني، ولا هي قادرة على دعم طرحنا الوطني، على اعتبار العهد السابق في موريتاني، وإن كانت مواقفه حيادية، إلا أنه كانت في بعض الأحيان سلوكات من الحكومة ومن الإدارة تؤثر بشكل معين بين البلدين، وهذا ما لم نلاحظه في المرحلة الراهنة على عهد محمد ولد الغزواني.
ويمكننا بذلك أن نتحدث عن انتقال موريتانيا من الحياد السلبي إلى الحياد الإيجابي، لاسيما وأن الحادث الذي وقع في الكركارات أعطى فهما جديدا للحركة الانفصالية في محيطها بهذا المجال الجغرافي، لا من حيث المواطن العادي الذي شعر أن مصالحه مست من قبل تعنت الحركة الانفصالية ،و ما تم من أعمال التي يمكن اعتبارها مجرمة، من إغلاق للطريق وترويع الآمين في هذا المعبر، والذين جزء منهم موريتانيون أصلا.
لأجل ذلك، هذا الحادث بالضبط يمكن اعتباره تحولا حتى في نظرة المجتمع الموريتاني لهذا النزاع وللبوليساريو، ما يدفعنا أن نقول على أن صوت الحكمة، وصوت المصلحة والتبادل الآمن والعلاقات الإيجابية، هي التي تسود الجو العام بين البلدين، سواء من خلال ما نراه من الناحية الرسمية، أو مما نسمعه من مراقبين ومحللين وخبراء ومثقفين من البلدين، لذلك أعتقد أنه لا توجد أي سياسة خارجية تسعى إلى أن تصطف في اصطفافات لا تخدم المصلحة الوطنية بالأساس.
موريتانيا دولة ذات سيادة ومواقفها في السياسة الخارجية هي مواقف سيادية، ما نتطلع إليه أن يكون هناك تطور إيجابي في هذه العلاقات بناء على المعطيات التي ذكرت، وبناء على المصالح المشتركة، وبناء على التاريخ المشترك.
فالمغرب وموريتانيا قادران على تجاوز كل العقبات والإشكالات، لاعتبارات متعددة منها ما هو تاريخي ومنها ما هو واقعي ومنها ما هو مرتبط بالمصير المشترك.