لماذا وإلى أين ؟

تاج الدين الحسني: غياب تبون من عدمه لن يؤثر في تحكم العسكر بالجزائر

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين

شكل غياب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن بلده بسبب “إصابته بكورونا” محط شكوك متزايدة بالداخل الجزائري وخارجه، في صحة الرواية الرسمية حول حالته الصحية، خاصة مع التكتم الشديد للمؤسسة العسكرية عن التفاصيل، موازاة مع ما تواجهه من حصار دبلوماسي لدعمها لتشويشات جبهة البوليساريو بمعبر الكركارات.

هذا الغياب الطويل، الذي تجاوز المدة المتعارف عنها للتعافي من فيروس كورونا، أثار روايات كثيرة تروج حول “وفاة الرئيس الجزائري وان الجيش يؤخر الإعلان الرسمي عن وفاته إلى حين إيجاد بديل له، في ظل انشغاله بدعم جبهة البوليساريو للتشويش على “عدوه الكلاسيكي”.

وفي هذا السياق، أكد تاج الدين الحسني، المحلل السياسي المغربي والخبير في العلاقات الدولية، أن “المعروف على الجزائر، أنها دائما تتحرى جانب الحيطة والحذر في ما يتعلق بالأخبار المتعلقة برؤسائها، وهذا معروف منذ عهد بوتفليقة، إذ أنه حتى في أسوأ حالاته الصحية كان هناك تستر كبير عن حقيقة ما يجري”.

وأوضح تاج الدين الحسني، في حديث خص به “آشكاين”، أنه “في ما يتعلق بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، كان هناك بيان رسمي يؤكد أنه توجه إلى ألمانيا لإجراء فحوص للوقاية من كورونا بسبب ما وقع في محيطه، ولكن يظهر أن الأمر لا يتعلق فقط بمسألة وقائية، بل يتعلق بمعالجته هو شخصيا من هذا المرض”.

“وهذه الإصابات تتطلب مدة زمنية قد لا تتجاوز 15 يوما”، يضيف الحسني شارحا: “ولست أدري المدة التي قضاها الرئيس الجزائري في ألمانيا لحد الآن، ولكن كل الأخبار التي تنقلها الدوائر الرسمية الجزائرية تفيد أن حالته الصحية تتطور بشكل إيجابي، وأنه سيعود قريبا للجزائر، وما على أي مستمع لهته الأخبار، إلا أن يقول لننتظر ونرى”.

ونبه المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية تاج الدين الحسني، في التصريح ذاته، إلى أن “غياب تبون في هذه المرحلة، قد يعطي نوعا من الثقل وقوة أكثر للمؤسسة العسكرية، إذ أننا لاحظنا كيف أن الجنرال الشنقريحة، عقد عدة لقاءات مع مسؤولين عسكريين ومع ضباط في مراكز معينة، وألقى كلمات قوية وأشار إلى أن مهمة الجيش الجزائري هي محاربة الإرهاب، ومحاربة العدو الكلاسيكي، ولست أدري من يقصد بهذا العدو الكلاسيكي، وهناك من يقول أنه يقصد المغرب، وتبقى تفسيرات علامات الاستفهام هذه، وقد تظهر تفسيراتها فيما بعد”.

ولفت الحسني، في التصريح ذاته، إلى أن “غياب الرئيس الجزائري لم يكن مرتبطا فقط بأحداث الكركارات، ولكنه كان يرتبط بحدث مهم في حياة المواطن الجزائريين، وهو مسألة التصويت على الدستور المقترح من طرفه، والذي يتضمن بعض المقترحات التي قد تفتح شهية المؤسسة العسكرية للقيام بأعمال عسكرية خارج التراب الجزائري، وهذا كان شيئا محظورا في الدساتير السابقة”.

“إلا أن الدستور الحالي”، يسترسل محدث “آشكاين”، موضحا: “تضَمَّن صيغة صريحة بهذا الخصوص، فالجزائر الرسمية، أو النظام الجزائري، يحاول تفسير ذالك بتمكين الجزائر من المشاركة في محاربة الإرهاب، وفي المشاركة في القبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة وغير ذلك”. وهذه سياسية ذات طبيعة شكلية محضة، يضيف تاج الجين الحسني، و”لا تمت إلى جوهر الموضوع بصِلَة، وهو ربما العدو الكلاسيكي بين قوسين، وبالتالي هذا النوع من الدستور الذي جاء بهذا الشكل؛ فحتى بالنسبة للشعب الجزائري ليس هناك قبول واضح بخصوصه”.

لأنه، يستدرك أستاذ العلاقات الدولية: “إذا رجعنا لنسبة المشاركة، التي أسمع عنها لأول مرة، تقتصر على 26 في المائة من المسجلين في اللوائح الانتخابية بالجزائر، وهذا معناه أن عدد المشاركين في التصويت كان محدودا جدا، والأكثر من ذلك أن نسبة المصوتين بنعم للدستور لم تكن مثل ما عرفه المغرب في 2011 والتي تفوق 70 في المائة، ولكن كانت تتراوح بين 60 و70 في المائة”.

ويتابع مصدرنا شرحه: “وإذا أخذنا نسبة مشاركة التصويت المنخفضة وأضفنا إليها النسبة المعتدلة للتصويت بنعم، فسنلاحظ أن نسبة الذين وافقوا على الدستور قد يكونوا بضعة مئات الآلاف وليسوا بالملايين، وهذا في حد ذلته ينقص من القيمة التشريعية لهذا القانون الذي تمت المصادقة عليه وأصبح ساري المفعول الآن”.

وخلص تاج الدين الحسني في نهاية حديثه مع “آشكاين، إلى أن “الأوضاع في الجزائر لم تتضح بعد، لكن عودة الرئيس من عدمه لن تؤثر بشكل كبير لأن المؤسسة العسكرية هي التي تمسك بزمام الأمور، لكني أعتقد أنه ربما أصيب بمرض فيروس كورونا، وأنه الآن يتعافى وقد يعود مجددا للبلاد”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
عادل بجاية
المعلق(ة)
29 نوفمبر 2020 13:36

جل المعطيات تظهر بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الجنرال العميل يقصدنا نحن الشعب الجزائري عندما يتحدث عن العدو الكلاسيكي.
لا حول ولا قوة إلا بالله

ريفي مغريبي
المعلق(ة)
28 نوفمبر 2020 22:19

نعم هذا صحيح، فالجزائر لا يقودها تبون، (حشاكم) بل يقودها العسكر او العصابات

احمد
المعلق(ة)
28 نوفمبر 2020 21:28

شكرا استاذ على هذا التذكير.
النظام الجزائري يعرف ان المغرب هو اسهل وجهة لتصدير ازمته بتصوير المغرب بأنه عدو للشعب الجزائري.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x