لماذا وإلى أين ؟

رئيس حزب تونسي: غياب موقف رسمي من تونس حول الكركرات فشل كبير وفراغ دبلوماسي خطير (حوار)

ما تزال الأحداث الأخيرة المتعلقة بقضية الصحراء، تشغل حيزا هاما من النقاش العمومي المغربي بشكل خاص؛ والمغاربي بشكل عام، خصوصا بعد العملية العسكرية التي أقدم عليه المغرب صوب الكركرات، والتي نوهت بها مجموعة من الدول في مختلف بقاع العالم.

إلا أنه على المستوى المغاربي، ما تزل الجارة الجنوبية للمغرب؛ الجمهورية الإسلامية الموريتانية تلزم الصمت، والحياد من كل الاحداث التي تجري بالمنطقة، شأنها في ذلك شأن الجمهورية التونسية، التي لم تعبر بعد عن موقفها الواضح من الاحداث. وبغية مناقشة ذلك، وتقريب المتتبع المغربي من كل هذه الاحداث، يستضيف الموقع الاخباري “آشكاين”، رئيس حزب أكال التونسي؛ سمير النفزي، في فقرة ضيف السبت لهذا الاسبوع.

نص الحوار:

طغت أحداث قضية الصحراء على الساحة السياسية بالمنطقة المغاربية مؤخرا، كيف ترى ما أقدمت عليه البوليساريو؟ ورد المغرب؟

بشكل مباشر، نحن في حزب أكال، نعتبر أن البوليساريو عبارة عن “عصابة انفصالية” و”ميليشيا” حاملة للسلاح ضد الدولة المغربية، ممولة من الخارج ولا تحمل أي مشروع وطني أو إقليمي في المنطقة. وتكونت في إطار زرع الفكر العروبي المشرقي بشمال إفريقيا، وبتمويل بعثي قومي ليبي للأسف الشديد.

كما نعتبر أن “الدولة القومية الصحراوية العروبية”؛ التي ينادي “مرتزقة البوليساريو” بتأسيسها في شمال إفريقيا، هي بمثابة كيان غريب جرى زرعه في المنطقة، ويخضع لأجندة مشرقية، ودعم خفي غربي يريد أن يزرع في المنطقة بؤرة توتر لا يوجد لها حل.

أما بالنسبة للرد المغربي، نرى أن ما أقدم عليه المغرب كان في إطار ممارسة حقه في الدفاع عن سيادته وسلامة أراضيه ومواطنيه، واحتراما للشرعية الدولية. غير أننا في حزب أكال نرى أنه لابد من حسم مسألة الصحراء إلى الأبد. وذلك عبر التوافق المغربي مع الممثلين الحقيقيين للمنطقة الصحراوية؛ وليس “المرتزقة” الذين نراهم الآن.

تونس لم تعلق عن الأحداث بالكركرات عكس العشرات من الدول، ما سبب ذلك؟

تونس لم تعلق على الأحداث لأنها تنتهج سياسة الحياد السلبي، التي ورثتها من عهد الرئيس الأول للجمهورية التونسية؛ الحبيب بورقيبة، وهي السياسة التي أصبحت مضرة بعلاقات تونس بالخارج لا سيما بالدول المغاربية. ومع وصول الرئيس الجديد؛ قيس سعيد، إلى السلطة، فهو من يرسم السياسة الخارجية للدولة، ومع افتقاده للخبرة السياسية والتسييرية، أصبحت الدبلوماسية التونسية في أتعس حالاتها. فغياب موقف رسمي من الدولة التونسية على المستجدات في المنطقة بهذه الخطورة، يعتبر فشلا دبلوماسيا كبيرا وفراغا خطيرا.

أما فيما يتعلق بالدول التي أدلت بمواقف معينة حول أحداث الكركرات، فنحن في حزب أكال نرى أن هذه المواقف إما تحركها المصالح أو يحركها الإصطفاف ضمن المحاور المتصارعة. ونحن نعلم جيدا أن المنطقة في شمال إفريقيا ليست كما يقال على قلب رجل واحد.

تونس وموريتانيا تلزمان الحياد، والجزائر تدعم البوليساريو، هناك من يحمل هذه الدول مسؤولة استمرار هذا النزاع، وبالتالي إفشال مشروع الوحدة المغاربية؟

في الحقيقة هو سؤال جيد، لذلك دعنا نبدأ من البداية، فبالنسبة لموريتانيا، النظام هناك ضعيف إقليميا، ولا يريد أن يتورط في مواقف قد تضر به. أما بالنسبة لتونس في الوقت الحالي، لا يمتلك سياسيوها أي مشروع مغاربي إلا على مستوى الشعارات من جهة. ومن جهة أخرى، فإن الرئيس الحالي، وبعدما جرى انتخابه رئيسا، قام بتعزيز علاقاته بالجزائر، وقام بزيارة إليها، ثم عاد منها بقرض مالي يعتبر تعيسا، لكن يمكنه تقوية الصلة بين الرئيس شخصيا ونظيره “تبون”. ثم إن النظام التونسي لا يريد أن يتورط في مواقف من شأنها أن تحدث تباعدا بينه وبين المغرب، لذلك سميناه بالحيادية السلبية.

ونحن نعتبر أن عدم وجود موقف تونسي واضح من المشاكل الإقليمية؛ يعني تأزيم للوضع أو الرضى عن الوضع. ونعي جيدا أن مسألة إفشال الوحدة المغاربية عبر عدم التدخل لوضع حد لأزمة الصحراء، تتجاوز الأنظمة في تونس وموريتانيا، إلى ما هو دولي بالأساس.

الرئيس التونسي الأسبق المرزوقي، كشف أن جهات تسعى لعدم إيجاد حل لنزاع الصحراء، هل تتفق مع هذا الطرح؟

من حيث المبدأ، أتفق مع هذا الطرح، خاصة أن المتأمل في سير الأحداث يدرك جيدا أن الوضع في الصحراء يتأزم ويهدأ، ارتباطا بأوضاع إقليمية ودولية. فاستقرار المنطقة المغاربية أو بداية توحدها يُهدد مصالح العديد من القوى في المنطقة، كما يُهدد استقرار بعض الأنظمة. لذلك فإن فعدم إيجاد مشكل الصحراء وديمومته؛ هو بمثابة ضمان عدم استقرار المنطقة، وبالتالي عدم الذهاب إلى الوحدة المغاربية كما سميته في سؤالك، ونسميه نحن في أدبياتنا “الدولة الأمازيغية الكبرى” أو “دولة تمازغا”.

طيب، قلت إن استقرار المنطقة المغاربية يُهدد مصالح قوى عديدة في المنطقة وبعض الأنظمة، ما هي هذه القوى والأنظمة؟

جيد، دعني إذن أنطلق من القوى، وأقول لك إن استقرار المنطقة المغاربية يعني الذهاب نحو مشروع الوحدة المغاربية. ونحن نعلم أن المنطقة المغاربية بها كل ما تسعى إليه القوى العالمية؛ فيها نفط، غاز، مياه، السواحل على المتوسط والمحيط، الجبال، السهول، الصحراء، والأهم من ذلك عنصر بشري في سن العمل والإنتاج. فإذا استجمع هذا الكيان كل أعضائه المنقسمة نتيجة الإستعمار، الذي يسعى لتشتيته لأنه خطير على أوروبا و لأنه كيان قوي، فلن يعود هناك حلم السفر جنوب شمال، بل سيكون حلم السفر من الشمال إلى الجنوب.

لكن الاستعمار يجهض كل محاولة أو أمل تسعى الشعوب من خلاله إلى تحسين أوضاعها والسير إلى الأمام. وهنا أتحدث عن الدولة الفرنسية؛ المستعمر القديم في منطقة شمال افريقيا، الذي لا تروق له أي تجربة ناجحة في شمال افريقيا، إن كانت اقتصادية أو سياسية أو غيرها وحتى إن كانت كروية.

أما الأنظمة المهددة، فالنظام الجزائري نظام العسكر، وهذا الأخير لا يجيد الحكم إلا في فترات التوتر والنزاعات والحروب والتسلح وغيرها. لا يمكن للعسكر أن يتمكن من الحكم بشكل طبيعي، والذهاب في برامج تنموية واقتصادية. لذلك يعمل على إيجاد بؤر توتر في الداخل الجزائري وخارجه، من قبيل مشكل الصحراء، فإذا استقر الوضع وانتهت مشكلة الصحراء، فلن يكون هناك داعي لوجود نظام العسكر في الجزائر.

في منظورك، ما هي الخسائر التي تتكبدها تونس جراء هذا النزاع الذي دام زهاء 50 سنة؟

لا يمكن الحديث عن خسائر تونس، بمعزل عن خسائر المنطقة المغاربية ككل؛ من ليبيا حتى موريتانيا. فحالة التأهب العسكري في حدود هذه البلدان تستنزف أموالا طائلة من أموال كل الدول الأطراف في هذا النزاع، وهي أموال الشعوب كان الأجدر أن تذهب إلى التنمية والتشغيل وأولويات واهتمامات هذه الشعوب. إضافة إلى حالة عدم انفتاح الدول، التي عطلت تنقل المواطن المغاربي في شمال إفريقيا. هذا التعطل ولَّد بدوره لدى المواطن الشمال إفريقي البحث عن مجال آخر للاستثمار، والذهاب إلى الشرق أو أوروبا وغيرها. ومن الخسائر كذلك، “الخسائر الفكرية”؛ لأن الفكر القومي انتهى عصره، والسردية القومية بشكل عام انتهت، بما في ذلك القوميين الأمازيغ. والإنسانية اليوم تجاوزت ما هو عرقي وما هو قومي إلى ما هو إنساني.

أخيرا، ما موقف حزبكم من قضية الصحراء؟

موقف حزب أكال من هذه المسألة، هي أنه لابد من العمل على عودة “المحتجزين” من الشعب الصحراوي في المخيمات الجزائرية في تندوف وغيرها، وفتح حوار وطني جدي مع الممثلين الحقيقيين للشعب الصحراوي، ويجب أن يشارك في الحوار كل القوى الوطنية المغربية من سلطة ومعارضة في المغرب، فهناك مبادئ كبرى ينطلق منها الجميع، وهو رفض الانفصال والإقرار بأمازيغية الصحراء، ليس أمازيغية العرق، بل أمازيغية الأرض، أي انتماؤها تاريخيا وحضاريا إلى منطقة تمازغا الكبرى. وبالتالي فالحل يبدأ من هنا، إذا كانت هناك رؤية عميقة٠

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
mohand
المعلق(ة)
28 نوفمبر 2020 21:37

الحياد السلبي يتقاطع الى جزئين الجزئ الاول ديماغوجية العسكر الجزائري من حيث موقع الجغرافي لتونس الجزئ الثاني الخوف على الامن القومي تونس مهزوزة من التدخل الجزائري الغير المباشر من حيث عدة عوامل مشتركة دائما كان العسكر يلعب فيها دور الباترون او البارون ………,اما ونحن في القرن 21 على تونس ان تتحدى الزمان وتكون سياسة حديثة تتلائم مع الحاضر
تونس حرة ومستقلة يعني الاستغناء عن براثين مهلوسات بقايا الشيوعية والماركسية وتفهات الاموات كوبا وروسيا ووووو التي تسكن المرادية

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x