لماذا وإلى أين ؟

الخديسي يستعرض كيف استفاد المغرب من أزمة كورونا على مستوى العمل الرقمي (حوار)

يعيش العالم في الآونة الأخيرة، على وقع عدد من التحولات المتسارعة على مستوى التحول الرقمي، والتنافس في الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي المغرب، بفعل تفشي جائحة كورونا خلال سنة 2020 المقتربة من نهايتها، انطلقت عدد من المؤسسات لأول مرة في تجربة العمل وفقا للتقنيات الرقمية، معتمدة على العمل عن بعد أساسا، وتسهيل المعاملات مع المواطنين.

وفي هذا السياق، حاورت “آشكاين” زهير الخديسي، مستثمر مختص في المجال الرقمي، ونائب رئيس تجمع المغرب الرقمي، (حاورت) للحديث عن التحول الرقمي الذي عرفه المغرب في ظل الأزمة الوبائية، والحلول الرقمية التي قام بالعمل عليها لتدبير عدد من الإشكاليات المطروحة في المجتمع المغربي.

نص الحوار:

بداية، ما هي أبرز التحولات الرقمية التي شهدها المغرب خلال سنة 2020؟

أهم شيء أنه مباشرة بعد تفشي أزمة كورونا، تخلصنا من حاجز نفسي كبير، وكانت هناك نقطتين إيجابيتين تكمن الأولى في تعلم العمل عن بعد، بالنسبة لفئات عديدة من الأشخاص،  ثم أنه في خلال هذه الفترة القصيرة عملنا على تطوير عدد من مهارات العاملين والطلبة من التقنيات الرقمية من أجل الدراسة أو العمل.

كذلك إن الإدارة المغربية تعمل لأول مرة لاعتماد التوقيع الالكتروني على الأوراق الرسمية، وتعميم مكتب الضبط الإلكتروني، هذا الشيء الذي يوضح تغير في نمط العمل والاشتغال، وطريقة تعامل الإدارة مع المواطنين باعتماد منطق الثقة، خاصة من خلال الدعم الذي قُدم من صندوق كوفيد 19، إذ كان التسجيل فيه إلكترونيا.

إذن يمكن القول أن وباء كورونا بالرغم من سلبياته إلا أنه قدم لنا الشيء الإيجابي على مستوى التحول الرقمي بالمغرب؟

يمكن القول إنها قامت بفك العديد من العُقد النفسية، من الثقة بالتعامل الرقمي مع المواطنين، وكذلك بالنسبة للمعاملات التجارية والرقمية، فضلا على أنه في هذه الفترة كأننا قمنا جميعا بتكوين مسرع للتمكن من التعامل رقميا، انطلاقا من العاملين في الإدارات، وهي مسائل إيجابية.

بصراحة كان هناك مشكل في عدد من الأشياء التي كان من الممكن رقمنتها كذلك، أبسطها التصريح بالتنقل كان من الممكن أن يُصبح رقميا، فضلا عن عدد من القرارات التي تم الإعلان عليها عدد من المرات بشكل عشوائي، الشيء الذي جعلنا نشعر بأن هناك جزء من مسيري الدولة يريدون المضي قدما إلى الأمام وكان هناك نوع من التقدم في عدد من المجالات، إلا أنه عُدنا للوراء نتيجة عدد من التصرفات.

غير أن الرقمنة فعليا لا يمكننا حل العديد من الإشكاليات، مثل كيفية تعامل الدولة مع المواطن، إذ أن الأسس المهمة في الرقمنة هي جعل المواطن في محور اهتمام الإدارة، وهذا المنطق هو الذي تعمل به كذلك الشركات بجعل الزبون في محور الاهتمامات.. وهذا هو الشيء الذي لا ألاحظ أي تغيير بشأنه، والدليل هو أن الدولة لا زالت تتصرف بعدم اكتراث للمواطن، كالإعلان مثلا عن توقف التنقل ليلة العيد مما خلق أزمة..

ربما عملنا على تغيير قليل في طرق التفكير، لكننا لم نرقى بعد للمبادئ الأساسية للانفتاح على المواطن.

كيف يمكن للمغرب الاستفادة بشكل إيجابي من كافة التحولات الرقمية، من أجل تسهيل تكوين الكفاءات بعد الأزمة؟

من رأيي الشخصي والله أعلم، أننا في المغرب لا نعاني من أزمة في الكفاءات، خاصة منها التقنية، بل هو مشكل طرق التفكير ومنهجية التفكير، فعليا أقول إنه حبذا لو تم العمل على تكوين الأشخاص المسؤولين سواء في القطاع العام أو الخاص وتكوينهم بشكل مسرع في الخارج، إذ للأسف نعاني من قلة التفكير المبني على التعامل، مما يجعلنا نلاحظ أحيانا أنه في ظل نفس الإدارة هناك تضارب وصراعات بين مصلحة وأخرى.

نحن فعلا لا نعاني من مشكل في الوسائل، ولا في الإمكانيات، بل هما متوفرين، ولكن نعاني من مشكل كبير في العقليات، ومشكل في طرح المبادرات، ننتظر دائما الأزمات لنتحرك، على سبيل المثال في مسألة العمل عن بعد، ما قبل ثلاثة سنوات حاولنا الاعتماد عليه في الشركة، بناء على معطيات من قبيل توفير الوقت والحفاظ على البيئة، إلا أننا تعرضنا لعدد من الانتقادات حينها مثل “هادشي مخدامش في المغرب”، في نظري إن لم نُغير هذه العقليات لن نتقدم.

هناك مثل جيد آخر يمكن ذكره، وهو أنه لسنوات كان العمل على أداء ضريبة السيارات يتم في إدارة الضرائب، وتنتظر بالساعات لأدائها، فمسؤول جديد قرر تغيير طريقة أداء الضريبة في مدة ثلاثة أشهر، لتصبح بشكل رقمي أو عن طريق البنك، فتم توفير عدد من ساعات العمل.

طيب، هل ترى أن جائحة كورونا جعلت الشباب يلجون مجال الاستثمار بأفكار متجددة، وأكثر من ذي قبل؟

بداية يجب الاقتناع بأنه أي أزمة تعمل على خلق فرص كبيرة في الاستثمار والمقاولة، مثلا ما بعد أزمة سنة 2008 تم خلق عدد من الشركات الجديدة من بينها “الواتساب” و”الانستغرام”، إذن الأزمة هي مخاض لظهور فاعلين جدد، لأنها مرحلة تغير في أولويات استهلاك المواطنين، وتغير في وضع العرض والطلب، مما يفتح الباب لعدد من الأفكار الجديدة من أجل تعويض طرق الاشتغال القديمة.

في المغرب، هناك رغبة كبرى من الشباب لتغيير نمط الاشتغال، والحمد لله وصلنا لنهاية نموذج مجتمعي، والآن يجب التركيز على طرق جديدة للاشتغال، ويجب مواكبة الشباب، لأنه بإمكانهم تطوير مشاريع تصل بهم إلى العالمية، لأنه لا أحد يصل وحيدا، لا بد من دعم ومساعدة.

كيف هو حال الذكاء الاصطناعي في المغرب؟

للآن ليست هناك استراتيجية للعمل وفق الذكاء الاصطناعي على غرار دول كبرى مثل الصين والهند وألمانيا، أو مثل السعودية والإمارات.

يجب الوضع في عين الاعتبار أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه توقيف عدد كبير من الأيادي العاملة في عدد من المجالات، لهذا لا بعد من العمل من الآن على استراتيجية للقدرة على خلق فرص شغل، التعويض ولو جزئيا مناصب الشغل التي ستتوقف.

في لقائنا مع لجنة النموذج التنموي، اقترحنا مثلا استراتيجية عمل رهينة بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتسهيل التواصل مع الادارات أو الأبناء بكافة اللهجات، كحلول لصعوبة التواصل من طرف فئات كبيرة من الناس.

غير أن مشكلتنا في هذا فعليا، هو أننا لا نفتقر للخبرة، بقدر ما نفتقر في المغرب لقاعدة البيانات، وهذا مشكل فعلي، لأن أغلب البيانات التي ينتجها المواطنين المغاربة تستحوذ عليها شركات متواجدة في الولايات المتحدة الأمريكية، من قبيل “غوغل” “آبل” “أمازون”ّ، مما يعني أنه إن لم نعمل على استراتيجية لتدبير قاعدة البيانات فلن نستطيع اعتماد أي تقنية في الذكاء الاصطناعي في المغرب.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x