لماذا وإلى أين ؟

رحاب: المشكل ليس في لائحة الشباب بل في طرق تدبيرها داخل الأحزاب السياسية

دعت حنان رحاب، القيادية في حزب الاتحاد الاشتراكي، الجهات التي تطالب بإلغاء لائحة الشباب، إلى ضرورة أن تكون أكثر وضوحا وأن تقدم تشخيصا لتدبير هذه اللائحة داخل تنظيماتها الحزبية، مشددة على أن كل الأسباب التي أدت إلى استحداثها لا تزال قائمة.

وتشدد رحاب، في هذا الحوار، على أن اللائحة الشبابية بالصيغة المقترحة اليوم على صعيد الجهات يجب أن تكون محفزة لتشجيع الديمقراطية بشكل يساهم في تغيير الثقافة السياسية السائدة ، مبرزة أن معايير اختيار المرشحين يجب تحدث القطيعة مع سيطرة منطق “شكون عنده الفلوس وقادر يدير الحملة ” والمحسوبية.

في ما يلي نص الحوار:

 

ما موقفك من مقترح إلغاء لائحة الشباب؟

اعتبر أن الشباب المغربي يستحق مكانة بارزة داخل المنظومة السياسية والمؤسساتية، فهو حاضر ومستقبل المغرب، ومشاركته وانخراطه في المسار التنموي والديمقراطي، يجب أن تتميز بالفعالية والنجاعة، كما يجب أن توفر لها جميع الظروف لتحققها، وليكون من خلالها الشباب في قلب معادلة صنع القرار داخل البلاد. ومن هنا فإن طموحنا يتجاوز بكثير مستوى النقاش الحالي الذي يريد أن يحصر مشاركة الشباب في اللائحة، فهي تبقى فقط آلية لتمكين الشباب من الولوج إلى المؤسسات المنتخبة.

نحن مطالبون باتخاذ إجراءات أخرى لتعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية، وتحسين وتجويد قوانينا بما يضمن تداول النخب داخل الاحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة . وبين الأجيال، وبين المركز والهوامش.

قد يدفع البعض في اتجاه أن مشاركة الشباب السياسية، يجب أن تشكل موضوع نضج وإرادة أكبر من الطبقة السياسية لتيسير تباري الشباب ضمن اللوائح المحلية وكسب معركة الثقة من خلال التواصل والتفاعل المباشر مع المواطنين و المواطنات، لكن نعرف جيدا البنية المحافظة لأغلب الأحزاب، وطبيعة الحقل السياسي الذي تسيطر عليه اليوم قطبية المال والدين، الشيء الذي يعقد مشاركة الشباب وضمان وصولهم الى المؤسسات المنتخبة.

ما ردك على الجهات التي تنادي بإلغاء اللائحة؟

اعتقد أن المشكل اليوم ليس في لائحة الشباب بل في طرق تدبيرها داخل الأحزاب السياسية، والجهات التي تنادي اليوم بإلغاء هذه اللائحة يجب تكون أكثر وضوحا وأن تقدم تشخيصا لتدبير هذه اللائحة داخل تنظيماتها الحزبية. فكل الأسباب التي أدت إلى استحداثها لا تزال قائمة، فهذه الآلية التميزية إيجابيا مكنت لأول مرة في التاريخ السياسي المغربي من ولوج كفاءات شابة إلى الحياة البرلمانية، كما مكنت من تجويد عدد من الانتاجات التشريعية التي ساهم الشباب في طرحها وصياغتها انطلاقا واعتمادا على كفاءتهم المبنية على مستواهم العلمي المتميز و الذي يفوق مستوى عدد من مكونات المجلس التشريعي.

 

معايير اختيار المرشحين يجب أن تحدث القطيعة مع سيطرة منطق “شكون عنده الفلوس وقادر يدير الحملة” والمحسوبية

 

من المؤكد أنه لابد من تقييم التجربة واستخلاص الدروس منها، لكن عموما تبقى هذه المبادرة جيدة ونتائجها إيجابية على كافة المستويات. واعتقد أن النقاش اليوم يجب أن ينصب حول كيفية تدبير هذه اللوائح وكيفية فرض قيود صارمة على الأحزاب لاقتراح وجوه شابة وكفاءات سواء من المركز أو من الهامش بعيدا عن كل ما من شأنه أن يؤثر سلبا على تكافؤ الفرص بين الشباب أنفسهم داخل التنظيمات الحزبية، وذلك بمراعات معايير دقيقة تستحضر ضرورة دوران النخب الشابة وتجديدها داخل التنظيمات وتمكينها من الوصول إلى مركز القرار .

وإذا كنا بالفعل مقتنعين بتشبيب وتأنيث مؤسسات صنع القرار ووضع القوانين وتدبير السياسات العمومية، فالحاجة للائحتي الشباب والنساء مازالت تفرض نفسها، بشرط أن تكون جهوية لا وطنية، بما يسمح للنخب الشبابية والنسائية المتواجدة خارج محور الرباط الدار البيضاء من التمثيلية.

ما الذي حققته اللائحة في المشهد السياسي والحزبي؟ إذا استحضرنا توجيهات الملك بضرورة إعطاء الأولوية والفرصة للشباب

كما قلت سابقا ينبغي تقييم التجربة بشكل موضوعي، وهذه مهمة التنظيمات الشبابية والباحثين الأكاديميين ومراكز الأبحاث، لكن عموما اللائحة كان لها تأثير إيجابي على الحياة السياسية والحزبية أيضا.

وهنا نشير إلى أن اللائحة فتحت المجال أمام وجوه شابة من التواجد في المؤسسات التشريعية وتحسين وتجويد المنتوج التشريعي، وهذا أساسي لأنهم قوة اقتراحية مهمة انطلاقا من مؤهلاتهم العلمية العالية والمتميزة ، إلى جانب قربهم من الشباب ومن همومهم وتطلعاتهم، باعتبارهم الفئة العمرية التي تشكل قاعدة الهرم السكاني الوطني

بالإضافة إلى أن اللائحة حفزت على معرفة الطاقات المتوفرة في العمل السياسي والحزبي، و هو ما يساعد بشكل قوي على تحفيز المشاركة السياسية والحد من ظاهرة العزوف السياسي، سواء في الاستحقاقات الانتخابية أو من خلال تغيير العقليات نحو إعطاء الأهمية للسياسة والمصالحة معها، بل وإعادة النظر في التصورات السلبية اتجاهها، بإعطاء الشباب المكانة البارزة والمهمة في المشاركة في القرار .

ما ردك على الذي يعتبرونها لائحة للريع؟

اعتقد أن هذا التقدير هو نسبي جدا، فلا أحد يمكنه أن ينكر الحضور الفعال و الإيجابي للشباب داخل البرلمان، وما قدمه هؤلاء للعمل التشريعي، وبدون ذكر أسماء فعدد من الشباب الذين مروا من هذه التجربة، هم اليوم يتحملون المسؤولية على أعلى مستوى داخل المؤسسات الوطنية، هو ما يثبث بشكل ملموس ايجابية اللائحة وانعكاساتها المتميزة على مسار تشبيب النخب ببلادنا.

ما يجب أن نعمله عليه اليوم وكما سبق أن أشرت إليه، هو التوجه نحو وضع معايير محددة لتكافؤ الفرص بين الشابات والشباب داخل الأحزاب السياسية وتعديل القوانين الداخلية لتمكينهم من تبوؤ المراكز القيادية داخلها، إلى جانب عدم استغلال اللائحة والتصدي للمحسوبية وغيرها من الأمور التي تسيء للأحزاب السياسية نفسها، هذا بالإضافة إلى ضمان حضور كفاءات شابة على مستوى اللوائح المحلية، وخلق تنافسية حقيقية تسعى إلى تجديد الممارسة السياسية وتغير السلوك الانتخابي في اتجاه تعزيز الثقة في الشباب وفي كفاءتهم وقدراتهم .

بمعنى آخر هو التوافق على معايير تأخذ بعين الاعتبار عناصر الكفاءة والقرب والفاعلية الحزبية المرتبطة بالتدرج التنظيمي،وتمثيلية الجهات المختلفة، وسد الطريق أمام إنزال أشخاص لا علاقة لهم بالحزب الذي يمثلونه إلا علاقات القرابة بقيادي ما.

في نظرك ألا تنتج اللائحة شبابا اتكاليين؟

أولا الممارسة السياسية والعمل التشريعي، لا يمكنهما بأي حال من الأحوال إلا أن يدفعا في اتجاه جعل الشباب أكثر انخراطا ومساهمة وإنتاجا. ثانيا الشباب بطبيعته مبادر وحيوي و نشيط، وهذا بالضبط ما يحتاجه العمل السياسي، هو تلك الطاقة الايجابية التي تسرع وتيرة العمل وتدفع نحو تحقيق المنجزات.

اللائحة الشبابية -بالصيغة المقترحة اليوم على صعيد الجهات- يجب أن تكون محفزة لتشجيع الديمقراطية بشكل يساهم في تغيير الثقافة السياسية السائدة، فمعايير اختيار المرشحين يجب أن تحدث القطيعة مع سيطرة منطق “شكون عنده الفلوس وقادر يدير الحملة” والمحسوبية وغيرها من عوامل تضرب مبدأ تكافؤ الفرص في العمل في السياس، ولا بد لها من أن تتكون من طاقات شبابية كفؤة ومتمرسة قادرة على الانخراط القوي والمؤثر أن على المستوى الداخلي للأحزاب وعلى مستوى العمل التشريعي.

لهذا فإني أجدد القول بأن اللائحة الشبابية باعتبارها الية تميزية أيجابيا للوصول إلى البرلمان، هي توجه ديمقراطي إيجابي، نحن في أمس الحاجة إليه في ظل منظومتنا السياسية وسلوكنا الانتخابي الحالي، لضمان وجود الشباب الكفء والمبادر والمتمرس في قلب المعادلة التشريعية ببلادنا.

كما أن إيجاد منافذ لتبوؤ الشباب مراكز تمكنهم من المساهمة في التشريع، ومن التمرس والاحتكاك السياسيين في مواقع متقدمة، وخصوصا مع ما يمكن أن تسمح به اللائحة الجهوية من وصول شابات وشباب الهامش، من شأنه أن يدفع إلى استعادة شبيبات الأحزاب الزخم الذي كان لها في الماضي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
إدريس الجراري
المعلق(ة)
24 يناير 2021 00:08

ما دام الدستور يركز كل السلط في جهة واحدة ولا يقتسم السلطة بين الحاكم والمحكوم ويؤكد على فصل السلط وسلطة الشعب ومنح الشعب الفرصة لإختيار نخبها دون التحكم في الخريطة السياسية وإعدادها سلفا, لا فائدة ترجى من اي انتخابات ولا من لائحة نسائية ولا شبابية فالسلطة ليست في يد النخب ثم ان هدا الشباب المستقطب هل له تجربة او تقافة سياسية تأهله ان يتعامل مع الحقل السياسي والأولكارشية الحاكمة التي تعيش من الريع السياسي والإحتكار والإستبداد؟ المشكل في المشروع والمشرع المغربي وفي السلطة وتدبيرها وفي الحكامة وفي مشروع يجعل من الدمقراطية والحق والقانون ودولة المؤسسات مدخلا لممارسة الحكم. نحن اليوم في حاجة لمشروع ايحدد توجهنا ومسارنا يكون محوره الإنسان المغربي ولصالح الإنسان المغربي وإخراج الشعب من العبودية فان تعمل لتعيش هدا عبودية وان تعمل لتعيش وتتمتع بحياتك او ان تحيا فهدا هو الجانب الإنساني. والحق والقانون ودولة المؤسسات هي من ستمنح الشعب الحق في الحياة اي الحرية وسلطة القرار وليس شعارات وإنتهازية ووصولية وتطبيل للباطل.

إدريس الجراري
المعلق(ة)
23 يناير 2021 23:21

ما دام الدستور يركز كل السلط في جهة واحدة ولا يقتسم السلطة بين الحاكم والمحكوم ويؤكدج على فصل السلط وسلطة الشعب ومنح الشعب الفرصة لإختيار نخبها دون التحكم في الخريطة السياسية وإعدادها سلفا لا فائدة ترجى من اي انتخابات ولا من لائحة نسائية ولا شبابية فالسلطة ليست في يد النخب
ثم ان هدا الشباب المستقطب هل له تجربة او تقافة سياسية تاهله ان يتعامل مع الحقل السياسي والغلكارشية الحاكمة التي تعيش من الريع السياسي والإحتكار والإسابداد؟ المشكل في المشروع والمشرع المغربي وفي السلطة وتدبيرها وفي الحكامة وفي مشروع يجعل من الدمقراطية والحق والقانون ودولة المؤسسات مدخلا لممارسة الحكم .نحن اليوم في حاجة لمشروع ايحدد توجهنا ومسارنا يكون محوره الإنسان المغربي ولصالح الإنسان المغربي وإخراج الشعب من العبودية فان تعمل لتعيش هدا عبودية وانتعمل لتعيش وتتمتع بحياتك او ان تحيا فهدا هو الجانب الإنساني والحق والقانون ودولة المؤسسات هي من ستمنح الشعب الحق في الحياة اي الحرية وسلطة القرار وليس شعارات وإنتهازية ووصولية وتطبيل للباطل.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x