لماذا وإلى أين ؟

عروب: الشعب هو الرأسمال الوحيد الضامن للاستقرار و الاستمرار

تحل الذكرى العاشرة لخروج حراك اجتماعي بالمغرب، سمي بحركة 20 فبراير، وسط عدد من التطورات والمستجدات الإقليمية والدولية.

ولمناقشة هذه التطورات في علاقة بما يعيشه المغرب بعد 10 سنوات على خروج تظاهرة 20 فبراير، تستضيف “آشكاين”، في فقرة “ضيف السبت” الدكتورة هند عروب، الناشطة الحقوقية مؤسِّسة “مركز هيباتيا الإسكندرية للتفكير والدراسات، حاصلة على الجائزة الأكاديمية “فول برايت”.

بداية؛ ما هو تعليقك عما قامت به قناة الشروق الجزائرية من إساءة للملك محمد السادس؟

لا يختلف اثنان على أن ما أقدمت عليه قناة الشروق الجزائرية مناف لأخلاقيات مهنة الإعلام، ولأعراف الجيرة و لمبدإ الاحترام في إطار الاختلاف. إن دمية الشروق في حقيقتها رسالة موجهة للشعب الجزائري  لتمويه انتباهه و تشتيته قبيل الذكرى  الثانية لحراك 22 فبراير، فسيناريو الدمية انقلب فخا وقع فيه مفبركوه من ساسة النظام الجزائري، إذ تعرت مخاوفهم من ارتفاع منسوب الانفجار الاجتماعي المتصف بالحتمية جراء الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية المزرية التي تخنق المواطن الجزائري في معيشه اليومي و تفرمل خطواته نحو مستقبل أفضل.

كيف ترين الرد الأمثل من المغرب على مثل هذه الممارسات؟

هذه الواقعة، تدفعنا إلى القول بأن الرد الأمثل لا يكمن في العاطفة و لا في القذف و السب بل العمل على دمقرطة حقيقة للبلاد والعباد، في أن يغدو المغرب أنواريا شعبا و بلدا، و أن يُحترم فيه الإنسان و ينعم بالعيش الكريم فهو الرأسمال اللامادي الوحيد الذي لن يفنى إلا بفناء البسيطة و من عليها. لذا فالمغرب مطالب ببسط سبل العيش من أجل استقراره و تنميته، و مطالب أيضا – في الذكرى العاشرة ل20 فبراير-  بتقييم تاريخ الاحتجاجات الاجتماعية منذ مطلع الستينات إلى اليوم تقييما جديا و صادقا و ليس عن طريق اللجان النخبوية، و لكن عن طريق الانصات لوجع الواقع الذي يعانيه الإنسان المغربي و الذي لا يحتاج إلى تقارير المحققين و الخبراء بل يكفي النزول إلى أرض الواقع و معاينة تفاصيل اليومي في المدن و البوادي و في كل القطاعات الحيوية من تعليم و صحة و سكن و مواصلات…إلخ. فالفروق الاجتماعية صارخة، بينما المغرب غني بإنسانه و أدمغته و بطاقة شبابه الذي يبحث عن سبل التحرير و التعبير عن الذات و خدمة الوطن بروح الحق و الواجب.

كيف ترين الواقع المغربي بعد 10 سنوات على خروج حركة 20 فبراير؟

من المهين لمغرب ثري براساميلاته البشرية و التاريخية و روافده الثقافية و الاجتماعية و ثرواته الطبيعية و الاقتصادية، أن يموت فيه الناس في المعامل السرية و يستغل عوزهم استغلالا اقطاعيا، ويقتاتون من المخلفات، و يتشرد أطفالهم في الشوارع، و ينتحرون خشية إملاق، و يعانقون أمواج البحار من انسداد الأفق، و يٌلقون في المعتقلات حين يطالبون بالخبز و الكرامة، وتلعن أمهاتهم حين يصرخون من أجل العدالة الاجتماعية. و الانعتاق من هذه الأزمة مرتهن ببناء مستقبل تتكافأ فيه الفرص للجميع و التخلي عن سياسات الترقيع و كسب الهدنة المؤقتة، والتفنن في صناعة عجلات الإنقاذ قصيرة الأمد التي لن تخمد قنابل المجتمع الموقوتة إلا لحظيا،  فمهما طمست الأزمات الاجتماعية ستنفجر إن عاجلا أو آجلا.  فالغريزة الآدمية تصرخ لجوع البطن و الفطرة الآدمية تصرخ لجوع الكرامة.

ما العمل في رأيك؟

ليست الإجابة على سؤال ” ما العمل؟ ” بعصية أو مستحيلة إذا ما أحدث النظام السياسي ثورة على ذاته، و أدرك أن قيادة شعب مستنير أَأمن لاستمراره من قيادة شعب كسير، شعب معظمه إما متسول أو مقترض، فالاستثمار في الشعب لا يقل أهمية – بل هو الأهم- من الاستثمار في الطاقة الشمسية أو أعالي البحار…إلخ، إن الشعب هو القطار فائق السرعة الحقيقي.

إن الأمن الاجتماعي و السلم السياسي و الرفاه الاقتصادي و الضمان الحقوقي، لا تكفلهم الفروق الطبقية ولا العصا و لا الترعيب و لا القهر و لا التجويع و لا التجهيل و لا التدجين و لا التخوين و لا التفقير و لا التلويح بفزاعات الإرهاب و الأمن الاقليمي و الدولي، و لا التعامل مع الشعب كركام بشري لا يصلح إلا للإحصاء أو قطيع يساق دون الحق في التعبير الحر و المختلف عن مصيره. و لن يتأتى المستقبل الآمن للحاكم و المحكوم في بلادنا دون ضخ طاقة الشباب الإبداعية، فالشباب موقعه ليس في المعتقلات و لا حتى الصراخ في الشوارع و إهدار طاقته في الاحتجاج – التي و للأسف لا مفر منها لإسماع صوت مطالبهم- ، لذا نطالب بإطلاق سراح كافة معتقلين الرأي و الاحتجاجات الاجتماعية و الإنصات لملفاتهم المطلبية بدل اتهامهم بالخيانة أو زعزعة استقرار البلاد. و مازال أمامنا متسع من الوقت ليدرك الحكام حق إدراك بأن الشعب هو الراساميل الوحيد الضامن للاستقرار و الاستمرار، أما إذلاله فهو الإسفين الذي يدقه الحكام في نعشهم على الأمد البعيد.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
يوسف ق
المعلق(ة)
20 فبراير 2021 23:04

الوصايا السبع لدستور 2011 . أولا: التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة؛

+ ثانيا: ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، بكل أبعادها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، والثقافية والبيئية، ولاسيما بدسترة التوصيات الوجيهة لهيأة الإنصاف والمصالحة، والالتزامات الدولية للمغرب؛

+ ثالثا: الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري، توطيدا لسمو الدستور، ولسيادة القانون، والمساواة أمامه؛

+ رابعا: توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها، من خلال :

برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة، مع توسيع مجال القانون، وتخويله اختصاصات جديدة، كفيلة بنهوضه بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية.

حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب؛

تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي، الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها ،

تقوية مكانة الوزير الأول، كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية، وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي،

دسترة مؤسسة مجلس الحكومة، وتوضيح اختصاصاته،

+ خامسا: تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين، بتقوية دور الأحزاب السياسية، في نطاق تعددية حقيقية، وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية، والمجتمع المدني؛

+ سادسا : تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة،

+ وسابعا: دسترة هيآت الحكامة الجيدة، وحقوق الإنسان، وحماية الحريات. خطاب 9 مارس 2011

اليزيدي
المعلق(ة)
20 فبراير 2021 20:37

مقاربة جيدة،ودقيقة،تطرقت الى كل شئ،له ارتباط باختلالات المغرب،التي تنخر جسم المجتمع برمته،كما أشارت الى “تلوك الدولة في العمل على اقلاع تنموي حقيقي ومستدام،وليس اقلاعا ترقيعيا لربح الوقت” ،كما جعلت الانسان المغربي في صلب “أي تنمية محتملة” ،من أجل حياة كريمة ،يطبعها احترام حقوقه ،واعتماده في مختلف أشكال التدبير،ولن يتم ذلك الا بالقطع مع الفساد والريع والبيروقراطية والمحسوبية وتوزيع الثروة بعدل وتخليق الحياة العامة…
شكرا لك سيدتي.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x