لماذا وإلى أين ؟

هل استغل أساتذة التعاقد التلاميذ كحطب لاحتجاجاتهم؟

محمد حميدي/صحافي متدرب

لا زالت الإحتجاجات التي شهدتها مدينة الرباط أيام الثلاثاء والأربعاء 16 و17 مارس الجاري، تخلف عدة امتدادات وتبعات، ففيديوهات الإحتكاكات والمطاردات بين قوات الأمن المشاركة في فضها، والأساتذة أطر الأكاديميات بتسمية الوزارة، “الأساتذة المتعاقدين” حسب ما هو شائع إعلاميا، خلقت نوعا من التعاطف والتضامن والوعي بحيثيات القضية في صفوف باقي مكونات منظومة التربية والتكوين المغربية، إذ رفض العديد من مدراء المؤسسات التعليمية بشتى الأسلاك الإبتدائية والإعدادية والتأهيلية ، تسليم الأكاديميات الجهوية لوائح الأساتذة المشاركين في الإضرابات، التي خاضوها بدعوة من التنسيقية الوطنية، أيام 22 و23 و24 مارس الجاري ، ومن جهته خاض التنسيق الثلاثي للجامعة الوطنية للتعليم والجامعة الحرة للتعليم والنقابة الوطنية للتعليم، إضرابا “وطنيا إنذاريا” يوم الثلاثاء الماضي تخللته وقفات احتجاجية أمام مقرات الأكاديمية الجهوية.

غير أن الافت والمستجد في مسألة التضامن مع أساتذة التعاقد، هو إقدام مجموعة من التلاميذ في خطوة غير مسبوقة خلال يوم الأربعاء 17 مارس ، على إطلاق مجموعة فيسبوكية تحمل اسم “التنسيقية الوطنية للتلاميذ المساندين للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد” والتي وصل عدد أعضاءها إلى مايزيد عن الستين ألف عضو، وهو ما أدى إلى توجيه مجموعة من الإتهامات والإنتقادات التي تحمل الأساتذة المسؤولية القصدية والمباشرة في إدخال التلاميذ إلى هذه المعركة ،خصوصا أمام دعوة العديد من أعضاء المجموعة إلى مقاطعة الدراسة وخوض مجموعة من الإحتجاجات. فما هي حقيقة استغلال الأساتذة المتعاقدين لتلامذتهم كحطب في معركتهم مع وزارة التربية؟

اتهامات فيسبوكية تعمل الأساتذة المتعاقدين المسؤولية
رد الكثير من الناشطين البارزين على مواقع التواصل الإجتماعي، مسؤولية مقاطعة عدد كبير من التلاميذ للدراسة وقيامهم بمجموعة من الإحتجاجات والتظاهرات ، إلى دعوة وتواطؤ من قبل أساتذة التعاقد، في مقدمتهم أستاذ القانون الدستوري عمر الشرقاوي، الذي اعتبر في تدوينة له على حسابه الشخصي في فيسبوك قبل أيام ، أن ” استغلال تلاميذ قاصرين في ملف فئوي خطير مغامرة مابعدها مغامرة”.

ويزيد الشرقاوي الذي كان قد انتقد صمت رئيس الحكومة تجاه هذا الملف، ودعا إلى تغليب الحوار بين الدولة والأساتذة ، أن الامر يعد بمثابة ” تعريض حياتهم للخطر، ومن مسؤولية الجميع أن يحمي الأطفال لا أن يحتمي بهم “، مضيفا أن ” الملفات الإجتماعية نار حارقة وليست لعبة أطفال مسلية، حلها بين الكبار وليس استخدام القاصرين.

ومن جهته انتقد الفنان والممثل المغربي محمد الشوبي ، إدراج التلاميذ في ملف الأساتذة المتعاقدين، واعتبر من خلال تدوينة له على حسابه الشخصي في فيسبوك، أنه من “الإلتزامات التربوية أن لا تقحم (في إشارة إلى أساتذة التعاقد) التلميذ في مطالبك الإجتماعية أيها المربي” معتبرا أن قطاع المربي قطاع مهني في حين قطاع التلميذ قطاع تحصيلي.

وكان الإعلامي بالقناة الثانية صامد غيلان، قد نشر مقطع فيديو على صفحته على الأنستغرام، استغرب فيه تداول التلاميذ لمنشورات يدعون فيها إلى الإحتجاج ومقاطعة الدروس، واعتبر أنه إذا ثبتت الإدعاءات بأن الأساتذة لهم يد في الموضوع فإن ذلك “أمر مخز” وإن كان الغرض منها تشويه صورة الأساتذة فهو “أمر لا يجب أن يحدث”.

فيدرالية أولياء التلاميذ تدخل على الخط

في معرض رد توضيحي له، على وصفه أساتذة الكونطرا ب”عديمي الكفاءة المهنية” ، اعتبر عبد السلام بحتي كاتب الفرع الإقليمي لفيدرالية جمعيات أباء وأمهات وأولياء التلاميذ بوادي الذهب ، أن التلاميذ يجب أن يبقوا بعيدين عن الموضوع.

وقال بحتة إنه استغرب بينما هو ذاهب إلى مقر الأكاديمية الجهوية للإجتماع مع أعضاء الفيدرالية، وجود تلاميذ يحتجون في الشارع ، مضيفا أنه قام بمحاولة “لاحتواء الموقف” لكنها لم تنجح. وهو الأمر الذي دفعه إلى المطالبة بعدم “ترسيخ ثقافة الإحتجاج” في التلاميذ.

وفي وقت لاحق ، اعتذر مكتب الفرع الإقليمي لفيدرالية جمعيات أباء وأمهات وأولياء التلاميذ في بيان توضيحي عن تصريحات رئيسه ، قائلا إن الفيدرالية تضع ” المصلحة الفضلى للتلاميذ والتلميذات فوق كل اعتبار”، وشدد في الوقت ذاته على أن “تقييم أداء الأطر الإدارية والتربوية ليس من اختصاص جمعيات أباء وأمهات وأولياء التلاميذ”.

نفي قاطع من طرف الاساتذة
تنفي المنسقة الجهوية للتنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، الأستاذة نزهة مجدي أن تكون الإحتجاجات التي نظمها بعض التلاميذ جرت بدعوة وإيعاز من طرف “أساتذة التعاقد”، وتعتبر في تصريح لـ” آشكاين” أن ” الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد يحرضون التلاميذ على العلم والمعرفة والتمسك بالدراسة ولا يحرضونهم على مقاطعة الدروس” .

كما تحمل مجدي الوزارة “مسؤولية هدر زمن التعلم ،لكونها لا تفتح أبواب الحوار وتواجه مطالب الشغيلة بالتجاهل والقمع”، واسترسلت قائلة “برامجنا النضالية كتبت بلغة واضحة تتوجه فيها الدعوة للأطر التربوية للإضراب عن العمل وليس المتعلمين” معتبرة أن التلاميذ “ضحية للسياسات التعليمية التقشفية التي تفرضها الدولة في قطاع التعليم”.

وتدين الأستاذة ذاتها “الحملة التي يقودها البعض ضد الأستاذ والاتهامات التي يوجهونها له على كونه يحرض المتعلمين على مقاطعة الدروس” ، معتبرة أن الهدف من هذا السلوك”تضليل الرأي العام وتشويه سمعة الأستاذ، بهدف ثنيه عن النضال، والتكتم على ماتعرض له الاساتذة بالرباط”.

وغير بعيد عما ذهبت إليه نزهة مجدي، يعتبر عضو المجلس الوطني لتنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات، عبد الوهاب السحيمي، أن القول بتدخل الأساتذة في احتجاجات التلاميذ باطل ولا أساس له من الصحة ، و أن “ماقام به التلاميذ قامو به من تلقاء أنفسهم ولا دخل لأي جهة فيه”.

ويزيد السحيمي في تصريح لـ”اشكاين” أنه ” لم يصدر أي بلاغ لأي جهة أو أي تنظيم يدعو التلاميذ للإحتجاج” مضيفا أنه “من غير المقبول تحميل تنسيقية أساتذة التعاقد أو تنسيقية حاملي الشواهد أو أي تنسيقية أخرى مقاطعة الدروس والإحتجاجات التي قام بها التلاميذ”.

ويررد الأستاذ نفسه ماقام به التلاميذ إلى ” متابعتهم للعنف الذي تعرض له الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد” وهو ما أدى بالتلاميذ حسب السحيمي إلى ” التعاطف والتضامن وخوض أشكال تضامنية مع الأساتذة على أن ذلك لا يعني بأن الأساتذة لهم يد في ذلك”.

ويستنكر السحيمي اعتبار احتجاجات التلاميذ “احتجاجات مدفوعة ” ، مؤكدا في الوقت ذاته أنه “على يقين بأنه لو ثبت تورط للأساتذة فإن الجهات المختصة ستسارع إلى اتخاذ الإجراءات المعمول بها.

 

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

4 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
عبدو
المعلق(ة)
28 مارس 2021 18:41

من يعود الى الشعارات التي كان يرفعها التلاميذ يتضح بما لا يدع ذرة شك ان الاساتذة الذين فرضوا على التعليم هم من وراء تحريض التلميذات والتلاميذ واخراجهم الى الشارع وتعريض حياتهم للخطر.

الدكالي
المعلق(ة)
28 مارس 2021 16:01

اعتقد جازما ان بعض الاساتذة هم من دفعوا بهذه الفئة الى الخروج الى الشارع قصد التظاهر ضد قضية هم بعيدون عنها كل البعد .رغم أنهم هم( التلاميذ) المتضررون بالدرجة الأولى لان مصلحة التلميذ فوق كل اعتبار وهذا هو المتعارف عليه بيداغوجيا.
انا من الذين شاركوا في اضراب واحتجاجات 1979 المشهورة وذلك بإيعاز من استاذي في مادة الاجتماعيات ( تغمده الله بواسع رحمته).حيث خرجنا من القسم .وتوجهنا مباشرة الى الشارع والدواوير المحيطة بالقرية.لأنني لم اكن على وعي لا بالنضال ولا بأدبيات الاحتجاج. حيث كنا نمشي ونردد شعارات لم نفهم مغزاها .لأننا لم نكن مؤطربن .
في اليوم الموالي بدات الاعتقالات واعتقل من اعتقل سواء من منزله او من داخل القسم وقدم للمحاكمة .اتذكر صديقا لي تم اعتقاله وزج به في السجن حيث قضى به ردحا من الزمن ( على والو) .

الصحراوي المغربي
المعلق(ة)
28 مارس 2021 14:44

التدخل بالعنف هو المسؤول لما التلاميد فاصبحوا يضعون انفسهم مكان الاستاد لانهم يرون بان هدا هو مصيرهم ايضا باب من ابواب العمل بعد الدراسة اقفل

احمد كمال
المعلق(ة)
28 مارس 2021 11:29

لكل شخص أو فئة الحق في التظاهر في إطار القانون. وكل تحريض او اقحام لتلاميد قاصرين او غيره في هدا المشكل يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. وجب على النيابة المختصة فتح بحت معمق ومتابعة كل من له علاقة مباشرة او غيره باقحام قاصرين في اي مسيرة او إضراب مرخص او غيره.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x