2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

يرتقب أن تفضي المشاورات التي بدأها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء 14 شتنبر الجاري، مع أعضاء مجلس الأمن عن تعيين الإيطالي-السويدي ستافان دي ميستورا مبعوثا شخصيا لغوتيريش إلى الصحراء المغربية، في الأيام المقبل، وذلك بعد أن أعطى المغرب موافقته عليه.
قدوم ميستورا بعد أزيد من 30 شهر على شغور منصب المبعوث الشخصي لغوتيريس، بعد استقالة كوهلر، في 23 من ماي 2019، يحيلنا على التساؤل إن كان تعيينه سيغير شيئا في الوضع، وهل يتمكن من الدفع بعجلة الملف إلى الأمام.
وفي هذا السياق، استبعد الخبير في الشؤون الإفريقية، والأستاذ الباحث في مركز أفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، الموساوي العجلاوي، أن يفعل دي ميستورا شيئا، لأن طبيعة شخصيته في الملف السوري والأفغاني، وفي عدد من الملفات التي اشتغل فيها بتقصير في إفريقيا، تظهر أنه ليس ذاك الشخص الذي يحسم في الأمور، بل يتركها تسير ويحاول ترك خيوطها تتشابك هنا وهناك، ولذلك لن ينجح في أي مهمة أوكلتها له الأمم المتحدة”.
وأوضح العجلاوي في تصريح لـ”آشكاين”، أن “ما قاله ينطبق على ما سبق في عمل ميستورا، أما على ما سيأتي فبالتأكيد أنه سيتناقش مع غوتيريش، والأخير سيحيله، على الأقل، على عمل كوهلر وطريقة عمله، والتقرير الذي قدمه غوتيريش إلى مجلس الأمن لتمديد فترة ولاية المينورسو بعد استقالة كولر في ماي 2019”.
وأشار الأستاذ الباحث في مركز أفريقيا والشرق الأوسط للدراسات نفسه، إلى أن “هذا التقرير حدد فيه غوتيريش الملامح وخارطة الطريق التي على المبعوث القادم أن يسلكها، والأكيد أن غوتيريش سيؤكد أولا على مسألة التفاوض بين الأطراف كلها، أي أربعة أطراف وليس طرفين”.
ثانيا، يسترسل العجلاوي “اعتبار الإشكال هو إشكال لإيجاد صيغة حل سياسي له، وثالث شيء هو الانطلاق من تراكم ما وصل إليه هذا النزاع الإقليمي، بمعنى أن دي ميستورا لن يأتي ليزحف على قرارات 1541، 1514، وغيرها من القرارات، بل عليه أن يبدأ من سنة 2007، عندما قال مجلس الأمن بالتخلي عن مسألة الاستفتاء والبحث عن حل سياسي لهذا النزاع”.
وافترض الخبير في الشؤون الإفريقي “إن استطاع دي ميستورا، ومن المستبعد ذلك، على الأقل أن يطلب من الأطراف كلها أن تجتمع حول هذا المنطلق فسينجح في عمله”، مشيرا إلى أن “المغرب من خلال تصريح عمر هلال، وضح بالكفاية كيف يرغب أن يشتغل دي ميستورا على ملف الصحراء”.
ولفت العجلاوي الانتباه، في ذات التصريح، إلى أن الإضافة في مرحلة دي ميستورا هو أنه يأتي في سياقات جديدة، أولها سياق جيو – سياسي جديد وفي تغير واضح لموازين القوى في المنطقة، ثانيها أن أحد الأطراف هو الذي أجل عملية تعيين مبعوث، لأن وزير خارجيته لم يكن معروفا بين 2019 و2021، بشغور هذا المنصب في الجزائر، وكانت الأمم المتحدة تنتظر ظهور وزير خارجية ثابت”.
وشدد محدثنا على أن “هناك مشكلا كبيرا على مستوى الدولة الحاضنة لجبهة البوليساريو، كونها تعيش نفس أزمات دول الساحل والصحراء، بمعنى غياب وظائف الدولة على المستوى اليومي في تدبير الشعب الجزائري، بوجود نفس التمظهرات”.
ومن بين مظاهر هذا الغياب، يورد العجلاوي “غياب الأوكسجين ولامبالاة الدولة، وعدم وجود الحليب والسيارات، وغلاء الدجاج، فقدان لرغيف الخبز، يعني أنها نفس تمظهرات استقالة الدولة في الاستجابة إلى حاجيات المجتمع، أضف إلى ذلك المؤسسات الأخرى، بالتالي فهي تعيش نفس الأزمة”.
مردفا، “بمعنى آخر أن ما يجري في الجزائر داخليا على مستوى واجهة النظام المتحورة، وعلى مستوى الصراعات بين الأجنحة الأمنية والعسكرية، آخرها اجتماع عاصف لأركان الجيش أمس الأربعاء، برئاسة الكاتب العام لوزارة الدفاع وليس قائد الأركان الشنقريحة، وكان في الاجتماع صخب وصراخ بحس الأشخاص اللذين سربوا ما دار في الاجتماع”.
“كل ما ذكرناه يعني أن الوضع غير مستقر” ، يقول العجلاوي ويضيف ” وعلى دي ميستورا أن يأخذه بعين الاعتبار، وأن يأخذ أيضا ردود الفعل الداخلية لواجهة النظام الجزائري، التي أصبحت عدوانية ليس اتجاه الشعب الجزائري فقط، بل حتى الجيران برمتهم”.
وتابع أن “مسألة اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء معطى جديد، وهي ليست أي دولة، علما أنها هي التي ستكتب قرار مجلس الأمن في الاجتماع القادم، وعكسا لما ذهب إليه البعض، فإن قرار ترامب الذي نص على هذا الاعتراف لم ينفِ بتاتا كون النزاع مازال مطروحا على الأمم المتحدة، إذ أن الجزء الأول فيه اعتراف والآخر يطلب فيه الاطراف الاندماج في مقترح الحكم الذاتي والبحث عن حل سياسي في أقرب وقت”.
علاوة على ما سبق، يستطرد العجلاوي، فإن “أكثر من 18 دولة فتحت قنصلياتها في الصحراء، سواء في العيون أو الداخلة، وكل هذه المعطيات جديدة في إطار متغيرات وخارطة جيوسياسية جديدة، إضافة إلى موازين القوى التي تحولت إلى صالح المغرب”.
ويرى العجلاوي أن “كل ما ذكر يدفع للبحث عن حل سياسي وليس تقري المصير المؤدي للاستقلال وهو غير ما ليس موجودا حتى لدى الأمم المتحدة، فهي لا تقول بتقرير المصير المؤدي للاستقلال، والأخير فيه ثلاث صيغ”، مشيرا إلى أنه “بالنسبة لقضية الصحراء لا يطرح بتاتا تقرير المصير أقل من القرار 1541، الذي يفسر القرار 1514 المتعلق بتقرير المصير، والذي ينص على أنه إذا كان إقليم ما لا يختلف إثنيا ودينيا وثقافيا عن الدولة التي تطالب بضمه، فهذا لا يطبق عليه قرار تقرير المصير، وهو ما جاء في القرار 1541 الذي يضم 16 بندا تفسر القرار 1514”.
وخلص الخبير في القضايا الإفريقية إلى أنه “يجب على دي ميستورا أن لا يسقط في ‘ويل للمصلين’، مستبعدا أن ينجح ديميستورا في هذه المهمة كما لم ينجح سابقوه، لأن الواجهة الجديدة المتحورة للنظام الجزائري يصعب عليها التخلي عن ورقة الصحراء، وهي تعرف أن الورقة المغربية أساسية في التوازنات الداخلية للنظام الجزائري”.