لماذا وإلى أين ؟

الحُسَيْني يَبسُط خلفيات تغيير “دي ميستورا” لوجهته نحو موريتانيا بَدَلَ الجزائر

غــيّر مبعوثُ الأمم المتحدة الخاص للصحراء، ستافان دي ميستورا، وجهته الثالثة بعد المغرب ومخيمات تندوف، من الجزائر في اتجاه موريتانيا التي حط فيها الرحال منذ أمس الأحد 16 يناير الجاري، وذلك بعد أن كان مرتقبا أن يزور الجزائر كثالثِ محطة في أول زيارة له للمنطقة منذ تعيينه خَلفا ًلسابقه الألماني هورست كوهلر.

تغيير وِجهة دي ميستورا بشكل مفاجئ و دون سابق إنذار، طرَح العديد من التساؤلات عن خلفيات هذه الحركة خاصة بعد زيارة مخيمات تندوف، وهل ستؤثر، بشكل أو آخر، على مسار جولته الأولى للمنطقة.

وفي هذا السياق، يرى الخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحُسَيْني، أن “تغيير الوجهة من الجزائر إلى موريتانيا لا يكتسي أهمية ذات بُعدٍ استراتيجي لمقاربة الملف، بل هي مسألة تكتيكية تهم دي ميستورا شخصيا”.

وأوضح الحُسَيْني، في تصريح لـ”آشكاين”، أن “الجزائر قد تفهَمُ هذا التغيير على أنها ليست ذات أولوية في مناقشة موضوع النزاع، علما أنه عندما زار تندوف الواقعة في التراب الجزائري، كان يستحسن أن يزور الجزائر، وقد يكون النظام الجزائري له نظرة بأن يستبعد اعتبارَ نفسِه حاضنة للبوليساريو فوق ترابه الإقليمي، ولهذا يعتبر(النظام الجزائري) أن زيارة موريتانيا قد تأتي قبل زيارة الجزائر”، موردا أن “كل هذه الحسابات لا أساس لها”.

وأكد المتحدث أن الشيء الأساسي في هذه الزيارة “هو تطبيق مقررات الأمم المتحدة التي جاءت في القرار 2602، والذي كان واضحا فيما يتعلق بدور دي ميستورا الذي ينبغي أن يأخذ بعين الإعتبار الجهود التي بُذِلت منذ 2006 في مقاربة الملف، ومن بذل هذه الجهود هو الإقتراح المغربي حول الحكم الذاتي”.

وتابع قائلا “إذا كان النظام الجزائري يعتبر أن مهمة دي ميستورا هي الترتيب لتنظيم استفتاء، كما تقول الأبواق الدعائية الجزائرية، وخاصة مؤسسة الشروق ومن يدور في فلكها، فهذا خطأ جسيم، لأن مجلس الأمن منذ سنة 2007 لم يعد يذكر الإستفتاء كآلية لتقرير المصير، بل أصبح يتحدث بشكل واضح عن الحل السياسي المتوافق عليه، والذي يأخذ بعين الإعتبار الجهود المبذولة منذ 2006، ويسير في اتجاه التوصل إلى هذا الحل، مشيدا في آن واحد بالمقترح المغربي واصفا إياه بالجدية والواقعية، وهي نفس الصفات التي يكتسيها الحل السياسي”.

وأبرز محدثنا أن “الإستفتاء ليس بحل سياسي، وقد أثبت فشله باعتراف الأمم المتحدة نفسها، ولذلك اتخذت بديلا  من خلال  الدخول في هذا المسار، رغم محاولات الجزائر التمسك بالعنوان الذي تحمله كلمة “مينورسو”، والتي تشير إلى مسألة الإستفتاء”، مشيرا إلى أن “هذا كان سنة 1991 عندما تعلق الأمر بتوافق الأطراف على مسطرة معينة وكان المغرب أول من سلكها وتمسك بها”.

ولفت الانتباه إلى أن “دي ميستورا عليه أولا أن يحدد موقف الأطراف من استمرار وقف إطلاق النار من عدم استمراره، لأن مجلس الأمن يعتبر أن وقف إطلاق النار لا يزال قائما، وهذا شرط أساسي لنجاح مهمته”.

وشدد الحُسَيْني على أنه “يجب تطبيق هذه المهمة في إطار الموائد المستديرة التي اتّبِعَت منذ  عهد سلفه هورست كوهلر، رغم أن الجزائر تقول إن تقليد الموائد المستديرة أصبح متجاوزا، علما أن القرار الأخير لمجلس الأمن يلح عليه ويعتبر الأطراف أربعة، في حين تقول الجزائر إنها رفقة الموريتانيين طرفٌ مُلاحظ”.

“قد يكون اعتبار موريتانيا طرفا مُلاحظا في الملف أمرا مقبولا”، يضيف المتحدث ولكنه “غير صالح إطلاقا بالنسبة للجزائر، إذ أنها هي التي استضافت البوليساريو فوق ترابها الوطني، وهي التي تتحكم في كل صغيرة وكبيرة من قراراتها، وتقدم لها الدعم العسكري، وهو المهم، وأكثر من هذا فهي(البوليساريو) خاضعة لهيمنة الدرك والمخابرات الجزائريين، وحتى إعلان الحرب فالنظام الجزائري هو الذي أعلنها، إذ لا يحق لأي عربة عسكرية أو رصاصة أن تنطلق من  مخيمات الحمادة في تندوف دون أن تكون بموافقة السلطات الجزائرية”.

وتساءل الحُسَيْني عن “كيف للجزائر التي تتحمل كل هذه المسؤوليات أن تتملص من صفتها كطرف، إذ ان مسؤوليتها تشمل كل أجزاء المعادلة من بدايتها إلى نهايتها، من استضافتها للبوليساريو ودعمهما وتزويدها بكل الإمكانيات والتصرف في المساعدات الغذائية التي تأتيهم من الخارج، وتمثيلهم دبلوماسيا في كل المنتديات، والدخول في علاقات متوترة مع المغرب من أجلهم، وهذا واقع في عين المكان”.

وخلص المتحدث إلى أن هذه الصفة لا يمكن للجزائر أن تتنصل منها بأي حال من الأحوال، ومهمة دي ميستورا على المحك بسبب هذه الوضعية، وإذا فشل سيكون فشله مرتبطا بموقف الجزائر و مرتبطا برفض الإلتزامات الأساسية التي يضعها قرار مجلس الأمن على جميع الأطراف المعنية بالنزاع، والتي يجب أن تحضر الموائد المستديرة وتناقش الحل السياسي الذي سيفضي إلى التوافق لإنهاء النزاع عن طريق الواقعية والجدية والمصداقية، وتبقى الورقة المطروحة على الطاولة لمناقشة كل هذه المقترحات هي مُــقترحُ الحُـــكم الــذّاتي”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x