2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

لعبت النساء دورا محوريا في حياة الرسول محمد (ص)، بدءا من زوجاته فبناته ثم حفيداته، وتجاوزن هذا الدور إلى المساهمة في انتشار الدعوة الإسلامية في الحقبة الأولى للإسلام، فكانت أول من آمنت بالنبي امرأة، وهي خديجة بنت خويلد، الزوجة الأولى للرسول.
قصص عديدة، ستحاول “آشكاين” سردها في هذه السلسلة الرمضانية التي اختير لها عنوان “النساء في حياة الرسول”، والتي من خلالها سيتم تسليط الضوء أيضا على الحياة العاطفية للنبي وكيفية تعامله مع زوجاته وتعاملهن معه، بالإضافة إلى علاقتهن ببعضهن البعض مع سبر أغوار حياتهن الإجتماعية والسياسية من خلال الإعتماد على عدد من المراجع كالأحاديث والقرآن وكتب الثراث أو باحثين في تفاصيل.
الحلقة الحادية عشر: ثامن زوجات النبي سبية عتق رقبتها رفقة 100 من نساء قبيلتها (ح 11)
ثامن زوجات الرسول هي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك ابن جذيمة، قال ابن عباس: كان اسم جويرية: برّة، فسماها النبي جويرية بعد زواجه منها، ولدت قبل البعثة بنحو ثلاثة أعوام تقريباً، وكانت متزوجةً قبل زواجها من الرسول بمُسافِع ابن صفوان الذي قُتل كافرًا.
وبحسب عدد من المؤرخين تزوجها الرسول وهي ابنة عشرين سنة في سنة خمس للهجرة، بعد فوز المسلمين في غزوة بني المصطلق، والتي تسمى أيضا بغزوة المريسيع، هذه الغزوة التي بلغ النبي أن بني المصطلق يجمعون له ويستعدون لقتاله، وكان قائدهم الحارث بن أبي ضرار، والد جويرية.
بعد هزيمة بني المصطلق، عمد المسلمون على جمع السبايا وكانت جويرية واحدة منهن، ولمّا رُمي السهم لتحديد مالكِها كانت من نصيب ثابت بن قيس بن الشّماس أو لابن عمِّه؛ فذهبت بعدها إلى النبي ليعتق رقبتها، وكانت شديدة الجمال، لا يراها أحد إلّا وفُتن بجمالها، وهذا ما جعل أم المؤمنين عائشة تكره دخولها إلى الرسول، حيث علمت أنّه سيفتن بجمالها.
وأورد ابن إسحاق عن عائشة أنها قالت: “فلما دخلت على النبي “صلى الله عليه وسلم”، قلت: يا رسول الله، جويرية بنت الحارث سيد قومه، قالت: يا رسول الله، قد أصابني من البلايا ما لا يخفى عنك، وكاتبني على نفسي، فأعني على كتابي، فلما رأى النبي “عليه الصلاة والسلام” أنها هذه المرأة بنت سيد قومها الحارث الذي جمع الجموع لقتاله، تسترحمه وتستنجد به، للتخلص من الرق والعبودية، حفاظاً على كرامتها، وكرامة أبيها، وقومها، وهو الرؤوف الرحيم، وأنه لا بدّ أن يستجيب لأمرها ، ويلبي طلبها”.
وكان بإمكان الرسول أن يطلق سراحها بلا فداء، ولكنه قال لها، بحسب ذت الرواية “أتحبين شيئاً خيرًا من ذلك؟ قالت: ماذا؟ قال: أؤدي عنك كتابك، وأتزوجك، قالت: نعم، ففعل ذلك”، بمعنى أنه عرض عليها حريتها مقابل زواجه منها فوافقت، فتم تشييع الخبر وعتق 100 رقبة من بني قومها نظرا لمصاهرة الرسول لابنة سيد قوم المصطلق.
وتعلمت أم المؤمنين الكثير من زوجها النبي حول تعاليم الإسلام، فتأثرت به في عبادتها وتصرفاتها وسائر حركاتها، فكانت تصوم من النوافل الكثير، حتى صامت يوم جمعة منفردا وأمرها الرسول ” بأن تفطر، وكانت تظل تذكر الله بعد الفجر حتى الشروق، كما كان الرسول “صلى الله عليه وسلم” يفعل ذلك.
وتوفيت جويرية بنت الحارث في ربيع الأول بعد خمسين سنة من هجرة الرسول، وقيل إنّها توفّيت سنة ستٍّ وخمسين للهجرة في المدينة المنورة، وصلّى عليها أمير المدينة المنورة آنذاك وهو مروان بن الحكم.وكانت قد بلغت من العمر عند وفاتِها سبعين سنة.