لماذا وإلى أين ؟

أبواق النظام الجزائري والعودة للنفخ في كير التصعيد ضد المغرب

محمد سالم عبد الفتاح

حينما كان إعلام الجزائر والبوليساريو يحرض على غلق معبر الكركرات قبل سنوات، كنا نحذر بأن ذلك سيدفع بالمغرب للسيطرة على المنطقة العازلة وبأن البوليساريو ستفقد أي إمكانية للتواجد فيها مستقبلا، دون أن تمتلك أي إمكانية لصد الجيش المغربي، وقد كان تحذيرنا حينها من باب الحرص على أرواح المجندين من الصحراويين الذي تدفع بهم البوليساريو إلى خطر الاستهداف العسكري في الجبهات الأمامية.

وحينما كان أبواق الجزائر والبوليساريو يحرضون على الحرب، كنا نحذر بأن انجرار الأمور الى التصعيد الميداني لن يكون في صالحهما، وبأن المعطيات على الأرض في العشرية الثالثة من القرن 21 ليست هي نفسها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

وعلى عكس أوهام الأبواق حدث بالفعل ما كنا نحذرهم منه، واحترقت ورقتا التهديد بغلق معبر الكرارات وبالحرب، وافتضح وضع البوليساريو المترهل، كما اضطرت الجزائر للبروز كطرف مباشر بعد عجز البوليساريو عن عرقلة الحسم المغربي ميدانيا، فخرجت الرئاسة الجزائرية بعديد البيانات التي تتهجم من خلالها على المغرب، وتبعها جوقة المسؤولين في دبلوماسيتها وبقية الأبواق الإعلامية التي تزال تعزف نفس أسطوانة العداء والتصعيد إزاء المغرب.

ورغم تمسك المغرب باتفاق وقف إطلاق النار وتعقله في مواجهة التصيد الميداني الذي تعكف عليه البوليساريو، حيث يقتصر تدخله على رد التهديدات الناجمة عن تجاوزات الجبهة في المناطق العازلة شرق الجدار، فإن أبواق النظام الجزائري تعود مجددا للنفخ في كير التصعيد، في محاولة لجر المغرب للتدخل الميداني، ثم استغلال خسائر البوليساريو البشرية وتوظيفها للتهجم على المغرب.

رغم يقيني بحكمة وتعقل صانع القرار المغربي، لا سيما بخصوص الوضع الجيوسياسي المرتبط بالصحراء وتدعاياته الإقليمية والدولية، فكلي يقين بأن أي تدخل بري في المناطق العازلة شرق الجدار سيكون كفيلا بإنهاء وهم المشروع الإنفصالي للأبد، فلا البوليساريو ولا حتى الجزائر لديهما القدرة في الظرف الحالي على عرقلة أي تدخل ميداني يشنه الجيش المغربي، وما عمليتي الگرگرات والتويزگي ببعيدين.

أما الغربان الجزائرية الناعقة للتصعيد في الصحراء، فيكفي أن تبحث حول معركة أمگالة سنة 1976 التي اندحر فيها الجيش الجزائري وفقد على إثرها المئات من عناصره بين قتيل وجريح وأسير، رغم التفوق المفترض للجيش الجزائري حينها من حيث التسليح والتمويل، ورغم مبادرته بالهجوم على وحدات الجيش المغربي المتمركزة لتوها بالصحراء آنذاك.

وقد وثقت معركة آمگالا عديد الكتابات والشهادات، في مقدمتها الشهادة المصورة للرئيس المصري الراحل حسني مبارك، الذي كان يشغل آنذاك منصب نائب الرئيس، وقد ابتعثه الرئيس المصري الراحل أنور السادات للتوسط لدى الحسن الثاني لأجل إطلاق سراح الأسرى الجزائريين في المعركة، وقد نجح بالفعل في مسعاه، مقابل تعهد الرئيس الجزائري الراحل بومدين بعدم تدخل الجيش الجزائري في الصحراء مرة أخرى.

نرجو أن لا تنجح الغربان الناعقة في جر المنطقة للمزيد من التصعيد، وأن يفسح المجال لأصوات الحكمة والتعقل، بدل خطاب التحريض والكراهية المهمين على الإعلام المحسوب على النظام الجزائري، ففي النهاية لن يعدو ضحايا أي تصعيد ميداني عن الصحراويين الذين تدفع بهم الجزائر والبوليساريو للمواجهة، ويحرص الجيش المغربي على تفادي استهدافهم المباشر ما أمكن ذلك، أما الغربان فلن تزيد على المتاجرة بمأساتهم، فلو كان بيد الجزائر حيلة لمنعت ما وصفته ب”اغتيال رعاياها” بالصحراء، بحسب دعايتها.

رئيسُ المرصد الصحراوي للإعلام و حقوق الإنسان

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
علي
المعلق(ة)
16 أبريل 2022 00:50

اللغة التي كتب بها المقال ومقترحاته غير مناسبة، لنترك النظام العسكري الجزائري يحمل على ظهر شعبه ثقل المرتزقة التي صنعها، ونحن لا يسعنا الا أن نلاحظ ونتتبع.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x