2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

آشكاين/وسيم الفائق
يأتي شهر رمضان مرة كل سنة، مُحَملا برموز مقدسة، بطقوس دينية وعادات شعبية، شهر يستثمره المسلمون للعبادة والتقرب من الله، والإكثار من الطاعات، بينما يستغله آخرون لمضاعفة مداخيلهم من أعمال تجارية، مستفيدين من تهافت الناس على الأسواق، وهوس الاستهلاك المفرط. وفي هذا الشهر كذلك، يفقد بعض الناس عملهم، وأخرون تغلق أبواب رزقهم المعتادة، فيما تصبح أنشطة أخرين محظورة، وتفرض على العاملين والعاملات بها “العطالة”. “عاطلو رمضان”، سلسلة رمضانية ارتأت جريدة “آشكاين” أن تسلط من خلالها الضوء على فئة من الأشخاص يضطرون إلى التخلي عن أعمالهم التي يزاولونها طوال السنة خلال شهر رمضان، سلسلة تحاول رصد واقع هذه الفئة خلال رمضان، وذلك من خلال شهادات حية.
العمل في الأعراس “بريكول” مؤقت
عُمال قطاع الحفلات والأعراس، هم أيضا فئة متضررة خلال شهر رمضان، ليس في رمضان فقط، بل طيلة شهور السنة، باستثناء فترة الصيف، حيث يتفق الجميع على إقامة الأعراس و الحفلات، فتنتعش بذلك مهن شتى، كمهنة “النكافات”، و”التريتور”، و”مغنو الأعراس”، يكسبون في ذلك قوتهم، ويصونون كرامتهم، إلى أن ينقضي الصيف، فيذوقون من هول”الشوماج” فنونا وألوانا.
فصل الصيف فصل الإحتفال بامتياز، و بمجرد أن ينقضي “شهر الله” (رمضان)، حتى يعود الناس لـ”شهور الدنيا”، يُكثر القوم من أفراحهم، ويستأنفون مسراتهم، أينما وليت وجهك أبصرت عرسا، وتناهت إلى مسمعك زغاريد النساء، و أهازيج الحفلات بمختلف أصنافها، وما إن ينقضي الصيف، حتى ييستكين الناس ويحشرون في مساكنهم، ينشغلون بشؤونهم، فلا يجدون ما “يسترزقون” به من أفراح الناس و ما يقوتون به أنفسهم، اللهم القلة قليلة ممن تخطف بعض “البريكولات” النادرة.
نور الدين، لا يكتمل عُرس إلا بحضوره، ولا تكتمل فرحة عروس من دونه و رفاقه، فهُم من توكل لهم طقوس حمل الزوجة أثناء عرسها، يُحضرون “العمارية”، يضعونها على أكتافهم وقد أثقِلت بالعروس، يطوفون بها، فتهتز أجسادهم على أنغام الموسيقى وأهازيج الضيوف. كل هذه الأشياء تنتهي في رمضان، فلا الناس تفكر في زواج و لا الزواج يقام .
يخبرنا نور الدين، أن عمله هذا لا يُعول عليه، ففي لحظة ما يستحيل من مصدر للرزق إلى “سراب” كأنه لم يكُن يوما، لتجد نفسك عاطلا، وأنت الذي كنت أمس تدخُلُ حاملا بين يديك شيئا من الخير لأهلك، خصوصا في شهر رمضان و فصول الشتاء، فلا أحد يفكر في زواج أو شيء من هذا القبيل، أما خلال الصيف فيسارع الناس يدفع بعضهم بعضا، متنافسين في إقامة الحفلات والأعراس، يضيف صاحبنا ،الذي أمضى قُرابة عشرة أعوام، يرفع فوق أكتافه، أصنافا وأشكالا مختلفة أحجامها من النساء اللائي حكمن على أنفسهن بدخول القفص الذهبي، مؤكدا أن العمل في ميدان الأعراس ليس سوى “بريكول” يمتد أجله لثلاثة شهور فقط. وكلما أشرف فصل الصيف على الانتهاء أعرض الناس عنا بوجوههم، وتضاءلت مداخيلنا.