لماذا وإلى أين ؟

عاطلو رمضان… حمالو العماريات

آشكاين/وسيم الفائق

يأتي شهر رمضان مرة كل سنة، مُحَملا برموز مقدسة، بطقوس دينية وعادات شعبية، شهر يستثمره المسلمون للعبادة والتقرب من الله، والإكثار من الطاعات، بينما يستغله آخرون لمضاعفة مداخيلهم من أعمال تجارية، مستفيدين من تهافت الناس على الأسواق، وهوس الاستهلاك المفرط. وفي هذا الشهر كذلك، يفقد بعض الناس عملهم، وأخرون تغلق أبواب رزقهم المعتادة، فيما تصبح أنشطة أخرين محظورة، وتفرض على العاملين والعاملات بها “العطالة”.

“عاطلو رمضان”، سلسلة رمضانية ارتأت جريدة “آشكاين” أن تسلط من خلالها الضوء على فئة من الأشخاص يضطرون إلى التخلي عن أعمالهم التي يزاولونها طوال السنة خلال شهر رمضان، سلسلة تحاول رصد واقع هذه الفئة خلال رمضان، وذلك من خلال شهادات حية.

شهر رمضان صيام عن الطعام والعمل

من لم يدخر لنفسه مالا يعول به أهله، أو خيرا يتنعم به أيام توفقه عن العمل خلال شهر رمضان، لا يجد حيلة لأمره، بل يتقلب على رمضاء البؤس، ويجد نفسه أمام مشقتين من مصائب الحياة، مشقة البطالة ونكد الفقر، وهو على هذه الحال أشبه بكرة يتقاذفها لاعبان. وعمال الأعراس، أحد تلك “الكرات” التي تتقاذف بين أصناف وأشكال مختلفة، من المحن والأزمات إبان مجيء رمضان.

يحكي نور الدين، الذي احترف منذ أعوام حَملَ أجناس وأشكال مختلفة أحجامها من النساء، فوق ما يُطلق عليه المغاربة وصف “العمارية”، وهو هودج تركبه العرائس، فيُطاف بهن على الحضور، وسط الزغاريد والأهازيج، كأنهن ملكات تربعن لتوهن على العرش، (يحكي) أنه ورفاقه الذين يعلمون يقينا، أنهم في عمل مؤقت وسيزول بزوال الصيف وأجوائه الاحتفالية، إما يدخرون من هذا الفصل –الذي يُعد بمثابة “فرصة ذهبية” بالنسبة لهم، كيف لا وهو موسم التزاوج والأفراح والأعراس- شيئا من المال وإما يكون هذا العمل ثانويا لدى السواد الأعظم منهم، وبمجرد أن يتوقفوا عن العمل في الأعراس حتى يعودوا لأعمالهم الأساسية.

يقول في حديثه لنا “زملاء العمل الذين أعرفهم في هذا المجال كل يتجه لعالمه الخاص، منا من لديه تجارته الخاصة ينصرف لها، فإما عنده دكان أو عربة يبيع فيها ما شاء الله له أن يبيع، ويكسب ما قدر له أن يكسب، وإما يخوض بعض الشباب في أعمال التوصيل أو في مطعم ما أو أن يمتهن أحدنا مهنة نادل في مقهى، أو شيء من هذا القبيل، المهم أن يترك هذا العمل لك شيئا من حرية الاختيار في الفترة التي تود أن تعمل فيها، والزمن الذي تود أن تستفيد منه، كي تتمكن من ضبط وقتك، فتستطيع بذلك العمل نهارا في عملك الأصلي، ثم تأتي ليلا لتمارس “البريكول” الخاص بك في عرس من الأعراس”.

أما من لم يحظى بعمل، أو أولئك الذين أسرفوا ولم لم يدخروا ما يواجهون به مصائب الحياة وغلاء المعيشة، فإنما يعيشون عذابا حقيقيا، وصراعا وكل ما يكرهون من شؤم وتعاسة، لا تتمناها لعدوك، يبدو لهم رمضان أشبه شيء ببحر لا نهائي، وتمر عليهم ثلاثين يوما كأنها ثلاثين قرنا أو أكثر، لذا فأغلبنا يفكر في الحل قبل أن تأتي الأزمة، أما من لقيته الأزمة وهو على حاله تلك، فكان الله في عونه”.

يتبع…

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x