2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

كشفت تقارير إعلامية أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت العام الماضي المستثمر الأجنبي الرئيسي في المغرب بمشاريع بلغت مجتمعة 7.4 مليار درهم (761 مليون دولار) مقابل 692 مليون درهم (71 مليار دولار) في 2021.
وحسب التقارير نفسها، فإن الولايات المتحدة تفوقت على فرنسا بصفتها المستثمر الأجنبي الرئيسي في المملكة، وبذلك تحتل هذه الدولة الأوروبية المرتبة الثانية، حيث تم استثمار 3.3 مليار درهم (339 مليون دولار) في المغرب خلال عام 2022، بانخفاض حاد عن 7.4 مليار درهم (761 مليون دولار) المسجلة في العام السابق.
فيما حلت المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة وهولندا تاليا بين الدول التي استثمرت أكثر في المغرب في عام 2022، وفقًا لبيانات من التقرير، وبلغت الاستثمارات البريطانية 2900 مليون درهم (298 مليون دولار) تليها الامارات بنحو 2500 مليون درهم (257 مليون دولار) وهولندا بنحو 1540 مليون درهم (154 مليون دولار).
هذه المعطيات الرقمية تأتي في ظل تراجع النفوذ الفرنسي بالقارة الإفريقية، كما أنه يأتي في ظل الجمود السياسي الذي تعرفه العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، وهو ما يحيلنا على التساؤل عن دلالات هذا التحول في لائحة الاستثمار الأجنبي بالمملكة.
يرى الخبير والمحلل الاقتصادي، رئيس المركز الافريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، رشيد ساري، أن “الاعتقاد السائد هو أن انخفاض الاستثمارات الفرنسية بالمغرب هو راجع بالأساس إلى الأزمة السياسية التي عصفت بالعلاقات السياسية بين البلدين”.

وأوضح ساري، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “هناك مجموعة من التوضيحات تجب الإشارة إليها، هي أن فرنسا بمجموعة من استثماراتها ومقاولاتها كانت تتعامل مع المغرب على أنه تلك البقرة الحلوب، واليوم نلاحظ أن مجموعة من المقاولات المغربية اكتسبت خبرة كبيرة جدا في مجموعة من المجالات، وبالتالي تم تضييق الخناق على مجموعة من المقاولات الفرنسية التي كانت لها أرباح طائلة جدا وهوامش ربـــح خيالية”.
وأردف الخبير الاقتصادي نفسه أنه “عندما نتحدث في قطاع البناء والبنيات التحتية مثلا وفي المواد الصناعية والغذائية، فقد كانت للشركات الفرنسية هوامش ربح كبيرة جدا، لأنها كانت تستحوذ على الحصة الكبيرة من الأسواق المغربية”.
ويرى ساري “أننا اليوم أمام عامل دخول المقاولات المغربية على الخط وبدأت تنافس بشكل كبير، وبالتالي لم يعد هناك مساحة كبيرة لهذه المقاولات الفرنسية التي تعودت أن تجعل من المغرب بقرة حلوب، يعني أنها تجني أرباحا طائلة”.
ولفت الانتباه إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها عدة دول كالصين و روسيا تتعامل مع المغرب في علاقاتها الاستثمارية والتجارية على أساس رابح-رابح، وهو ما جعل مجموعة من الشركات تتوجه للاستثمار في المغرب”.
وأكد المتحدث أن “هناك اتجاها اليوم نحو تنويع مجموعة من الشراكات، ولا يجب أن ننسى أن ما يتوفر عليه المغرب من بنية تحتية، ولن نقول الطرق والموانئ فقط، وإنما البنية التحتية الصناعية التي تعتبر جد ممتازة بالمغرب، وهي تغري باستقطاب مجموعة من الاستثمارات”.
وشدد المحل الإقتصادي على أن “العامل البشري المغربي مؤهل بشكل كبير وهناك عامل ثالث هو أن المغرب لا يشتغل في قطاع دون آخر، بل يشتغل في مجموعة من القطاعات الاقتصادية الصناعية المتنوعة، بما فيها صناعة السيارات والطائرات، التحويلية، النسيج، المواد الغذائية، واليوم ولجنا الطاقات المتجددة، وحتى في مجال الصناعات الاستخراجية تم تطوير الآلية بشكل كبير، لأن المغرب يقوم اليوم بتصنيع بمجموعة من الأسمدة، كما يقوم بتصنيع الأمونياك بطاقة خضراء”.
وتابع رئيس المركز الافريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة أن “هذا ما عجل بالتراجع الكبير للاستثمار الفرنسي، لأن مجموعة من المقاولات الفرنسية، قبل سنة 2021 كان هناك قرار لها بتقليل استثماراتها والحد من فروعها بالمغرب”.
وخلص ساري إلى أن “هذا التراجع لا يتعلق فقط بالجانب السياسي، ولكنه يتعلق بالمجال الاقتصادي، لأن فرنسا لم يعد لها هوامش ربح داخل المغرب تغريها من أجل الاستثمار بشكل أكبر، وحتى إذا كان العامل السياسي حاضرا، فليس هو العامل الرئيسي وإذا حددنا نسبة تأثيره فلن يتعدى 10 إلى 15 في المائة من التأثير”.