لماذا وإلى أين ؟

مُـطالبة لشكر بتعْديل حُــكومي.. ترامٍ على اختصاصاتٍ ملكية أم ضرورةٌ واقعيــــة؟

بعد أشهر من الصمت وعدم التعليق على الأحداث السياسية التي شهدتها المملكة خلال الأشهر الماضية، خرج الكاتب الأول لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ادريس لشكر، للحديث من جديد عن استعداد حزبه الدحول إلى الحكومة في تعديل حكومي قال إنه أصبح “تقليدا في منتصف ولاية كل حكومة منذ دستور 2011”.

وبرر لشكر في حوار صحفي مع يومية “لومتان”، أسباب دخول حزبه إلى حكومة أخنوش، بأنه سيساهم في “الإصلاح؛ خاصة في القطاعات الاجتماعية وتلك المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات والنقاش حول المدونة”، قائلا إن “إدارة هذا الحوار والنقاش مع المجتمع حول هذه الإصلاحات تتطلب شخصيات كاريزمية حقيقية في مناصب الإدارة وصنع القرار”، كأنه يدق على وهبي و حزب الأصالة والمعاصرة.

حديث لشكر عن تعديل حكومي مرتقب واستعداد حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية للإنضمام إلى حكومة عزيز أخنوش؛ ليس بالشيء الجديد، بل إن موضوع دخول حزب “الوردة” إلى حكومة أخنوش، أصبح الشغل الشاغل لإدريس لشكر، وهذا ما يطرح نقاشا، على المستوى السياسي، جديرا بالمتابعة والتمحيص.

ويمكن أن نجمل النقاش المثار حول دخول الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية إلى الحكومة، في إشكال يتمثل في “هل دخول حزب “الوردة” إلى الحكومة رغبة “اتحادية” باعتبار أن الحزب حصل على المرتبة الرابعة في الإنتخابات بعدد مقاعد برلمانية أكثر من الولاية السابقة وأن التحالف الثلاثي هو من أجهز على “حق” و”حلم” الإتحاديين في التواجد مع أخنوش في الحكومة؟ أم هي رغبة شخصية لإدريس لشكر لاقتراح مقربين منه للإستوزار كما يرى البعض؟

تقليد سياسي

يرى عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أحمد العاقد، أن ما عبر عنه لشكر يأتي في سياق “تقييم القيادة السياسية للحزب للأداء الحكومي خلال المرحلة الراهنة، والذي لا يرقى بتاتا إلى مستوى طموحات المغاربة”، مشددا على أن “ما طبع عمل الأغلبية الحكومية المفتقدة للانسجام والتماسك، طيلة سنتين من التدبير الحكومي، هو البطء في تفعيل ورش الحماية الاجتماعية، وتعثر الإصلاحات في منظومات حيوية من قبيل التربية والصحة والتشغيل والضرائب، ثم فشل الحكومة الذريع في مواجهة تداعيات التضخم، خاصة ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية”.

أحمد العاقد ــ عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

ووفق العاقد في تصريح لـ”آشكاين”، فإن تصريحات لشكر تنسجم مع موقف المكتب السياسي للحزب الذي دعا في اجتماع يوم أمس إلى “إحداث رجة في تدبير الشأن العام الوطني لتعزيز المنجز الدستوري والمؤسساتي بما يستجيب للجدية المضاعفة التي دعا إليها جلالة الملك”. مشيرا إلى أن هذا الأمر “طبيعيا بالنظر إلى التقليد السياسي الذي ترسخ منذ حكومة التناوب التوافقي، والذي يجعل من التعديل الحكومي آلية للارتقاء بالعمل العمومي والاستجابة لانتظارات الشعب المغربي”.

مؤكدا أن ما دعا إليه لشكر وما عبرت عنه قيادة الحزب “تثبته معطيات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتي تبرز الحاجة إلى ضخ دينامية جديدة للارتقاء بالعمل الحكومي بما يقوي أسس الدولة الاجتماعية”، مشيرا إلى أن حزبه له “ما يكفي من الأفكار والتراكمات للمساهمة في الثورة الاجتماعية الهادئة التي أطلقها جلالة الملك، والمبادرة المسؤولة والشجاعة إلى تفعيل الإصلاحات الضرورية التي لا تحتمل المزيد من هدر الزمن الحكومي والتي تعيد الاعتبار لأولويات النموذج التنموي التي يبدو أن الحكومة الحالية تناستها”.

تسول الدخول للحكومة

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات؛ عبد الحفيظ يونسي،
أن الاحزاب السياسية، وفق الوثيقة الدستورية، تساهم في ممارسة السلطة، ومن الطبيعي أن يحاول كل حزب الوجود في مراكز القرار السياسي والسعي إلى خدمة المواطنين، مردفا “لكن السؤال المطروح هو على الرغبة الجامحة التي يعبر عنها الكاتب الأول لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية باستمرار”.

ووفق يونسي الذي كان يتحدث لـ”آشكاين”، فإنه منذ حكومة سعد الدين العثماني والبدايات الأولى لتشكيل حكومة أخنوش، ولشكر يعبر بشكل فيه نوع من التسول عن رغبته في دخول الحكومة، مسترسلا “لا أحد ينكر أن حزب “الوردة” كان له دور في ترسيخ الديمقراطية في بلادنا وتحقيق عدد من المكتسبات، لكن ما آل إليه الحزب هو أنه يرغب في أن يتحول إلى “حزب حكومي”.

وسجل المتحدث أن حرص لشكر على ولوج حكومة أخنوش هو ما الذي يذكر المغاربة بأن هذا الحزب يتواجد في المعارضة ويرغب في دخول الحكومة، بحيث أن مواقفه لينة ولا يعارض بشكل قوي وكأنه يقدم أوراق اعتماده لعزيز أخنوش حتى يدخل التحالف الحكومي.

حفيظ اليونسي ــ أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات

وبغض النظر عن دخول حزب “الوردة” إلى الحكومة من عدمه، يعتبر المحلل السياسي أنه لابد من إجراء تعديل حكومي بالنظر إلى الأداء الضعيف لعدد من القطاعات الوزارية و”وجود بعض الوزراء لا يمكن أن تجمع بين أسمائهم ووجههم لأنهم ما يزالون مجهولين لدى المغاربة إلى اليوم، وبالتالي هناك ملحاحية لضخ دماء جديدة في الحكومة الحالية باحترام المسطرة الدستورية”.

الترامي على اختصاصات الملك

وعلق أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات، على تبرير لشكر ومكتبه السياسي ضرورة إجراء تعديل حكومي بـ”التقليد السياسي منذ دستور 2011″، بأن هذا “يعتبر تراميا على اختصاصات الملك بصفته رئيس الدولة بشكل صريح”.

ويشدد متحدث “آشكاين”، أن التعديل الحكومي ينبني على مسطرة دستورية لا تتعلق بتقليد سياسي أو غير ذلك، مؤكدا في السياق ذاته، أن الدولة عندما ترى أن الحكومة عاجزة عن أداء مهامها فإنها تقوم بتعديل حكومي بناء على احترام المسطرة الدستورية، و”بالتالي الأمر لا علاقة له بتقليد سياسي أو غير ذلك، وكلام من هذا القبيل هو تـــرامٍ على اختصاصات رئيس الدولة”.

وخلص يونسي، إلى أن التعديل الذي يظهر أنه ملح يجب أن ينبي على ثلاثة مقومات، وهي الإستمرار في تقليص عدد الحقائب الوزارية، وإعادة النظر في هندسة الحكومة بدمج عدد من القطاعات، بالإضافة إلى البحث عن “بروفايلات” وزارية تستطيع تجاوز الحصيلة الضعيفة لعدد من القطاعات”، وفق تعبير المتحدث.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
عبد الكريم
المعلق(ة)
6 سبتمبر 2023 21:03

للمصلحة العليا للمغرب يجب فك التحالف الانتهازي الحكومي الحالي
حزب الاستقلال ومن لا يعرف تاريخه
الحمامة ومن لا يعرف رسميتها تقريبا في جميع الحكومات منذ تاسيسه
ام وهبي وحزبه فغني عن اي تعريف
في الواقع تحالف من الحمامة والحركة الشعبية والاستقلال او حزب لشكر أهون
المهم فك التحالف الحالي

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x