لماذا وإلى أين ؟

فتحي يرصد إضافة البورد العربي للمنظومة الصحية المغربية (حوار)

تميزت أشغال لجنة الامتحان النهائي العملي لمنح شهادة المعادلة العربية (osce) في اختصاص طب النساء والولادة، بتنافس عدد من الطبيبات والأطباء من الجمهورية العراقية بحضور نخبة من الأطباء المغاربة إلى جانب كوكبة من أساتذة الطب العرب المعروفين من دول الأردن وتونس وليبيا ومصر واليمن وفلسطين والسودان.

من بين الكوادر المغربية المشاركة في هذا الحدث الذي نظم برعاية ودعم وزير الصحة العراقي الدكتور صالح مهدي الحسناوي والمجلس العربي للاختصاصات الصحية في العراق (البورد)، البروفيسور والأستاذ الجامعي المغربي خالد فتحي، الذي استضافته “آشكاين” في فقرة ضيف السبت من أجل سؤاله عن هذا البورد وأهدافه والمشاركة المغربية فيه.

البورد العربي تجربة عربية ناجحة، و يمنح شهادات في مختلف التحصصات الطبية بمعايير عالمية وهو فرصة للمنظومة الصحية المغربية.

 بروفيسور خالد فتحي ،شاركت خلال الأسبوع الماضي ببغداد في امتحانات البورد العربي الخاص بأمراض النساء والولادة ، بداية
ماهو البورد العربي؟

البورد العربي؛ أو المجلس العربي للاختصاصات الصحية هو مؤسسة منخرطة في الجامعة العربية، وهو أحد الإنجازات والعلامات المضيئة للعمل العربي المشترك التي تؤشر على إمكانية نجاح التعاون العربي، هو إذا شئت مؤسسة علمية مهنية تتمتع بالشخصية المعنوية، يسير مؤقتا من عمان، مقره الرئيسي كان بدمشق.

إنه مجلس تم تأسيسه من طرف مجلس وزراء الصحة العرب قبل أكثر من 45 سنة ، وكان الهدف من تأسيسه آنذاك هو ضمان تكوين رفيع للأطباء العرب يعتمد المعايير الدولية، وكذا دفع الدول العربية إلى الاعتماد على نفسها لتكوين الأخصائيين من خلال تدريبهم بمؤسسات استشفائية معتمدة عالية المستوى بالوطن العربي، وكل ذلك لأجل السعي نحو تحقيق السيادة الصحية للعالم العربي، والحد من هجرة الأطباء العرب، وجعلهم يختارون البقاء ببلدانهم العربية للإسهام في تنميتها من خلال أن نوفر لهم عربيا مايسعون إليه بالخارج .

بدأ كل العمل بخطوات مدروسة منذ سنة 1978، واقتصر في الأول على أربع تخصصات، لكن سرعان ما ارتفعت الوتيرة ليصل البورد الآن إلى 44 اختصاصا طبيا منها 20 اختصاصا رئيسيا و24 اختصاصا فرعيا .

هل يمنح البورد العربي شهادة للتخصص؟

البورد العربي يمنح شهادة التخصص بعد اجتياز اختبار تشرف عليه كفاءات جامعية من كل الدول العربية، وهذه الشهادة، شهادة الزمالة أو التخصص العربية ، لها نفس قيمة الشهادات الصادرة عن الهيئات العالمية، هي على نفس درجة كفاءتها وجودتها، سنة 2022 ناهز عدد الأطباء المتخرجين من البورد العربي 24 الف متخرج، وهذا عمل جبار يستحق الثناء وراءه قامات علمية طبية كبيرة، زيادة على ذلك هو إنجاز يبعث الأمل قويا في إمكانية العمل العربي المشترك في مجالات أخرى ، ومؤخرا أضيفت مهنة التمريض والقبالة وبالتالي أصبحت التغطية تطال تقريبا كل الاختصاصات الصحية .

 و ماذا عن المغرب، هل هو منخرط الآن انخراطا كاملا في هذا المجلس؟

هذا سؤال مهم جدا، في الحقيقة أن دول المغرب العربي باستثناء ليبيا تأخرت في الانضمام لهذا المجلس ،وهذا راجع لكون لغة التدريس وإجراء الامتحانات تتم باللغة الإنجليزية، بينما يدرس الطب بدولنا بالفرنسية، الآن لم تعد هذه المشكلة مطروحة بالحدة نفسها، لأن الأطباء الشباب المغاربيين صاروا أكثر انفتاحا على اللغة الانجليزية، ثم إن المجلس العربي في طريقه لحل هذه المشكلة، يمكن مثلا إجراء الامتحان بالفرنسية، كما أن الترجمة تقدمت ومن الممكن الاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي .

المغرب، و مع الثورة الصحية والاجتماعية التي يعرفها، وورشي إصلاح المنظومة الصحية وتنزيل الحماية الاجتماعية اللذان يرعاهما الملك محمد السادس بصفة شخصية، انخرط بالمجلس العربي للاختصاصات الصحية.

نحن انفتحنا على الكفاءات الأجنبية فكيف لايكون الأطباء العرب في مقدمتها ، المغرب يلاقي ترحيبا كبيرا وخاصا من طرف كل الاشقاء العرب، وهم فرحون بهذا الانضمام المغربي، وقد لمست هذا شخصيا بعمان خلال تكوين أجهزة البورد العربي الخاصة بطب النساء والتوليد الذي عرف انتخاب د سعيد سراحنة من فلسطين رئيسا له .

وهذا ما أكده أيضا سعادة الدكتور الاستاذ عمر الرواس، أمين المجلس في كلمته، الذي رحب بانضمامنا للمجلس معتبرا إياه انجازا كبيرا وانعطافة فارقة في المسيرة الموفقة لهذه المؤسسة العلمية العربية، وهذا في رأيي صحيح جدا ،لأن العالم العربي لاينهض إلا بجناحيه الشرقي والغربي معا . اليوم هناك دولة واحدة مغاربية لم تنضم بعد، وهي موريتانيا ،ولكن أؤكد أن انضمامها مسألة وقت وهو وشيك جدا .
 مادور وزارة الصحة المغربية في هذا المجال ؟

دورها حيوي جدا ، هي من يشرف على تنزيل انخراطنا في الميدان ، وهي تنسق في هذا مع وزارة الخارجية المغربية التي تقوم بمواكبتنا حين نشارك كممثلين للمغرب بأنشطة البورد بالدول العربية، مثلا تم مؤخرا ببغداد استقبالي من طرف القائم بالأعمال بسفارة المغرب ببغداد رفقة رئيس البورد العربي لاختصاص النساء والولادة، هذا الاستقبال كان له صدى طيب لدى الجميع، يمكن القول إن الوزارتين تقومان بتفعيل ما نسميه بالدبلوماسية الصحية، نحن الآن حاضرون في كل الاختصاصات، وقد كونت مؤخرا لجنة وطنية للتنسيق مع الهياة العليا للبورد العربي، وستبدأ النتائج في الظهور على أرض الميدان قريبا .

ماهي الإضافة التي سيشكلها البورد العربي لمنظومتنا الصحية الوطنية ؟

أعتقد أننا سنجني ثمارا كثيرة، أولا أنت تعرف أن هناك صراعات دولية على استقطاب الأطباء، ونحن نعاني من نزيف في الأطباء الذين يهاجرون للخارج، البورد العربي سيمكننا بدورنا من استقطاب كفاءات عربية، وهذا أفضل لنا من الأطباء الأجانب الآخرين نظرا للاعتبارات الثقافية التي تجعل من مسألة اندماجهم وتواصلهم مع المرضى المغاربة أمرا سهلا وسلسا، كذلك هذا الدبلوم سيفتح المنظومات الصحية العربية في وجه الأطباء المغاربة ،فهي تولي قيمة كبرى لشهادة البورد العربي، اذن هذه سوق طبية واعدة ،وبها فرص شغل كبيرة، ثم إن العمل العربي لايكتمل الا بالدور المغربي الذي يعضد أدوار أشقائنا من الدول العربية، وزارتا الصحة والخارجية المغربيتان تبدوان جد واعتين بأهمية هذا الورش، وهذا ما نلمسه على أرض الواقع، حيث أن هناك مواكبة مغربية حثيثة لانشطة المجلس، ومن المؤكد أننا سنكون في الموعد .

 شاركت مؤخرا بامتحانات للتخصص بكل من اليمن والعراق و ماهي انطباعاتك عن هاتين المحطتين ؟

سأبدأ باليمن ،جرت الامتحانات بعدن بشكل طبيعي جدا وبحفاوة وترحاب لامثيل لهما، تقدمت للامتحان 59 طبيبة، التنظيم كان محكما ونجح مايفوق 30 مرشحة .

بخصوص العراق، أقول للجميع إننا وجدنا عراقا مستقرا بهيا جميلا معافى يتطلع بكل ثقة للمستقبل، الأوراش في كل مكان، المطاعم والفنادق والجوامع مملؤءة، كما ان بغداد تعرف حركية اوراش كبرى، تقدم للامتحان 80 مرشحا عراقيا، والامتحانات عرفت تنظيما مثاليا، طيلة الامتحان لم تفارقنا د عديلة حمود؛ وزيرة الصحة العراقية السابقة وعضوة البورد العربي، لأجل تسهيل مهمتنا، منذ زمن لم تجر الامتحانات بالعراق، رئيس وزراء العراق كان يتابع هذه الامتحانات وطلب صورة جماعية للجنة الامتحان.

 كلمة اخيرة
عندما تنعقد لجنة الامتحان، لا نعود نفرق بين مغربي وليبي وأردني وجزائري ومصري وعراقي وفلسطيني… نحن إخوة ولا فروق بيننا والوحدة ممكنة بل هي الوضع الطبيعي، أعتقد أن هذه طريق سالكة نحو الوحدة العربية، علينا أن ندعم مثل هذه المؤسسات، ربما يجب أن تبدأ الوحدة العربية من البنية التحتية، وبعد ذلك حتما سوف ستستجيب البنية الفوقية .

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x