2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

ظهر تضارب كبير في الأرقام بين تلك التي أعلنت عنها السلطات الفرنسية حول إصدار تصاريح قنصلية لاستعادة مغاربة غير موجودين بشكل ”غير قانوني” في فرنسا من جهة، وبين تلك التي أدلت بها سفيرة المملكة بباريس، سميرة سيطايل.
وإذا كان تقرير صادر عن مجلس الشيوخ الفرنسي، قد وصف إصدار المغرب تصاريح المرور القنصلية بـ ”المتقطع”، وسط اتهامات بعدم إصدار ما يكفي منها ومنع عودة مواطنيها، فإن سفيرة المملكة المغربية، سميرة سيطايل، كذبت ذلك، عبر مقابلة لها مع ”فرانس أنفو”، أمس الأربعاء 30 أكتوبر الجاري، مؤكدة أن السلطات المغربية المختصة تستجيب لحوالي 80 في المائة من طلبات التصريح القنصلي قصد الترحيل.
وقالت سيطايل في نفس السياق: “هناك حقيقة يجب إعادة ترسيخها، كل عام نمنح في المتوسط ما يقرب من 80٪ من التصاريح القنصلية بناء على الطلبات المقدمة إلى المملكة المغربية”.
80% أم 25%؟
هناك تضارب صارخ في الأرقام حول هذا الموضوع. حسب معطيات وزارة الداخلية الفرنسية، فإن المغرب وافق على 25 في المائة من الطلبات الفرنسية للحصول على تصاريح قنصلية بين يناير ويوليوز من سنة 2021.
الفرق ظاهريا يبدو واضحا ما بين 80 في المائة التي تحدثت عنها سيطايل، وبين 25 في المائة المقدمة من قبل السلطات الفرنسية. ومع ذلك فإن النسبتين معا تبدوان صحيحتين معا، وفق قناة ”فرانس آنفو”، في تواصل لها مع كل من الداخلية الفرنسية والسفارة المغربية بباريس.
الوزارة الفرنسية فضلت عدم الرد، لتجنب الدخول في ”معركة أرقام” حول هذا الموضوع الحساس، الذي تمت مناقشته خلال زيارة ماكرون إلى المغرب.
في حين تظهر المعطيات التي قدمتها السفارة المغربية، وفق القناة الفرنسية دائما، أن البلدين يتحدثان في الواقع عن نفس الشيء ولكن بوجهتي نظر مختلفتين، مما يؤدي إلى استنتاجات مختلفة. وبما أن المصادر الوحيدة الممكنة بشأن موضوع التصاريح القنصلية التي أصدرها المغرب بناء على طلب فرنسا هي الحكومتان، فإن الأمر يتعلق بوجهة نظر مقابل أخرى.
وجهتا نظر مختلفتين
فرنسا بمقارنة عدد طلبات المرور القنصلية التي ترسلها إلى المغرب بعدد تصاريح المرور التي تم إصدارها فعليا. وهو ما جعل من الممكن إيجاد نسبة تعاون مغربية تبلغ 25% للنصف الأول من سنة 2021.
لكن المغرب يدرس الطلبات الفرنسية قبل تقديم تقدير لمعدل تعاونه. وتشير بيانات صحفية قدمتها السفارة المغربية إلى أنه بين عامي 2018 و2024، ”نصف طلبات تحديد الهوية الواردة لا تخص المغاربة”.
وبعبارة أخرى، فإن نصف الطلبات الفرنسية فقط تتعلق بأشخاص يمكن للسلطات المغربية إثبات هويتهم المغربية، وبالتالي فإن هذا النصف فقط من الطلبات الفرنسية هو ما يشير إليه المغرب في حساباته.
علاوة على ذلك، فإن المغرب يشمل أيضا في حسابه التصاريح القنصلية التي تم إصدارها ولكن لم يتم تسليمها، خاصة لأن الملفات كانت غير كاملة أو لأن التصاريح لم يتم جمعها، وبالتالي لم يتم التصرف بموجبها. هكذا تؤكد سفارة المملكة المغربية لفرانس إنفو أنه “من 2018 إلى 2024، بلغ معدل التصاريح القنصلية الصادرة للأشخاص الذين تم تحديدهم على أنهم مغاربة 88.1% . وهذه هي النسبة التي أشارت إليها السفيرة سميرة سيطايل.
زيادة التصاريح القنصلية في 2023
المعطيات التي قدمتها السفارة المغربية، إذا طبقت عليها طريقة الحساب الفرنسية نجد نسبة تعاون السلطات المغربية يصل إلى 34%، وهي لا تزال أقرب إلى آخر المعطيات التي كشفت عنها وزارة الداخلية حتى لو لم تكن كذلك فعلا. من الممكن مقارنة هذه الـ 34% مع الـ 25% المشار إليها، لأن الأول هو متوسط سنوي يمتد من 2018 إلى 2024، في حين أن الثاني يتعلق فقط بالنصف الأول من عام 2021.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه على الرغم من انخفاض عمليات الترحيل إلى المغرب منذ نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين – 867 في عام 2019، و178 في عام 2020، و170 في عام 2021، و6 في الشهرين الأولين من عام 2022، وفقًا للتقرير الإعلامي لمجلس الشيوخ، إلا أن عدد التصاريح القنصلية التي أصدرها المغرب بناء على طلب فرنسا قد ارتفع مرة أخرى في الآونة الأخيرة، بعد أن أكد وزير الداخلية برونو ريتيليو، بداية الشهر الحالي، قبل الزيارة الرئاسية للمغرب، أن الرباط أصدرت 725 تصريحا المكاتب القنصلية خلال سنة 2023.
وكانت الرباط وباريس، قد أعلنتا عن ”تعزيز الشراكة” بينهما، لمحاربة الهجرة غير الشرعية، في ختام الزيارة الرسمية التي قادت ماكرون إلى المغرب، خلال بداية الأسبوع الجاري. ويعتبر قبول المغرب لمواطنيه الموجودين بشكل غير قانوني على الأراضي الفرنسية في صميم هذه الشراكة، ولا سيما من أجل “تقصير الآجال النهائية” للعودة.
في هذ الصدد دائما، كشف وزير الداخلية، عبد الوافي، عن تفاصيل وخلاصات لقائه مع نظيره الفرنسي برونو ريتايو.
وقال لفتيت في تصريح صحفي، إنه “على هامش زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي، إيماونيل ماكرون، إلى المملكة المغربية، أجرى محادثات ثنائية، الثلاثاء 29 أكتوبر، مع وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، تطرقنا فيها إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتباحثنا سبل مواصلة تعزيز التعاون بما ينسجم مع طموحات وتطلعات الملك محمد السادس، وفخامة رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، من أجل شراكة استثنائية وطيدة”.
وأكد المسؤول المغربي أنه “قد تم خلال هذه المحادثات تسليط الضوء على الأسس المتينة التي تمثلها مجالات الأمن والهجرة في التعاون الثنائي القائم على اتساق الرؤى فيما يخص التحديات والقضايا الأمنية، وكذا تبادل المعلومات والخبرات، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب”.
“وفيما يتعلق بقضايا الهجرة”، أوضح لفتيت أنه “تماشيا مع الإعلان المتعلق بالشراكة الاستثنائية الوطيدة” بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الذي وقع عليه الملك محمد السادس، وفخامة إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، ستساهم الوزارتان في وضع الأجندة الشاملة التي تغطي في الآن ذاته، تسهيل التنقلات النظامية، ومكافحة الهجرة غير النظامية والتعاون في مجال إعادة القبول ومنع عمليات المغادرة بالطرق غير القانونية، وكذا تعزيز التنسيق بين دول المصدر وبلدان العبور وبلدان الإقامة، على أساس مبدأ المسؤولية المشتركة، عملا بالإعلان ذاته، تم الاتفاق على تعزيز التعاون الأمني بصفته مجالا استراتيجيا يمكن إيلاؤه قدرا أكبر من الاهتمام والجهود”.