لماذا وإلى أين ؟

لزرق: تواتر مهاجمة هيئات الحكامة تعكس محاولات للتحكم في المشهد المؤسساتي

أثارت تصريحات القيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، محمد أوجار، حول هيمنة “تيار واحد” على رئاسة مؤسسات الحكامة، جدلا واسعا داخل المشهد السياسي المغربي.

وانتقد أوجار في مداخلة له في ندوة بالرباط “انتماء رؤساء هذه المؤسسات لتيار سياسي يساري سواء تعلق الأمر بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين (يقصد لحبيب المالكي)، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان (أمينة بوعياش)، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي (أحمد رضى الشامي)، وباقي المؤسسات”، وذلك في إشارة واضحة منه لانتماء أغلب رؤساء هيئات الحكامة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالضبط.

ولم تقف انتقادات أوجار حد الانتماءات السياسية لرؤساء مؤسسات الحكامة المنصوص عليها حصرا في دستور 2011، وإنما وصلت حد الربط بين هذا الانتماء وبين طبيعة التقارير الصادرة عن هذه الهيئات والحاملة في أغلب الأحيان انتقادات حادة لبعض أعضاء الحكومة، وذلك بقوله “إن الإنسان لا يمكن أن ينفلت من ثقافته وجلده وممارسته، خاصة إذا كان طيلة حياته الكاملة وهو يساري”، مشددا على ضرورة “تضمين نوع من التوازن السياسي لهذه المؤسسات، حيث أن أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، الموجودة في الحكومة لا تتواجد في رئاسة مؤسسات الحكامة، وكذلك الحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية وغيرهما”، على حد تعبير ذات القيادي الحزبي.

وربط العديد من المتتبعين والمهتمين بالشأن العام، وبعض التقارير الصحفية انخفاض تصريحات أوجار بالتوتر الحاصل مؤخرا بين بعض مؤسسات هيئات الحكامة وبين الحكومة، الذي وصل حد توجيه رئيس الحكومة عزيز أخنوش والناطق الرسمي باسمها مصطفى بايتاس ووزير العدل بها عبد اللطيف وهبي في ثلاث مناسبات مختلفة، انتقادات للتقارير الأخيرة الصادرة عن بعض هذه الهيئات المنتقدة للوضع الاجتماعي والاقتصادي الراهن، خاصة تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول عدد الشباب المغربي الموجودين في وضعية “NEET”، وتقرير الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة حول ارتفاع منسوب الفساد بمؤسسات الدولة.

وطرحت هذه التصاريح المحسوبة على الحكومة وأغلبيتها السياسية، تساؤلات عدة، حول خلفياتها، وأثر ذلك على الحقل السياسي المغربي، على اعتبار هيئات الحكامة مؤسسات دستورية ذات طبيعة استشارية، وتحظى بالاستقلالية الكاملة عن مختلف التجاذبات السياسية بين المعارضة والأغلبية.

رشيد لزرق رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، اعتبر أن “الانتقادات التي وجهها أوجار لرؤساء مؤسسات الحكامة تعكس توجها سياسيا أعمق، حيث يُمكن قراءة هذه التصريحات في إطار محاولة حزب التجمع الوطني للأحرار إعادة تشكيل المشهد المؤسساتي وفق رؤيته السياسية”.

وفيما يخص الخلفيات السياسية وراء هذه التصريحات المهاجمة لمؤسسات الحكامة، يرى لزرق في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية أن “الانتقادات الموجهة لانتماء رؤساء هذه المؤسسات للتيار اليساري وخاصة حزب للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،  مقدمة أولى لمحاولة إحداث تغييرات قي رؤساء هذه المؤسسات الدستورية، وخصوصا في رئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتعيين شخصيات مقربة من التوجه السياسي للحزب الحاكم”، معتبرا في ذات الصدد أن “هذا التوجه يثير تساؤلات حول استقلالية هذه المؤسسات الدستورية، وبشكل أعمل حول مدى تأثير التجاذبات السياسية على أدائها لمهامها الرقابية والاستشارية”.

وحول مدى صحة الزج بهذا النوع من المؤسسات الدستورية في ساحة التدافع السياسي المغربي بين مختلف الفاعلين فيها، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة بن طفيل إلى أن “مؤسسات الحكامة هيئات مستقلة بنص الدستور وهي ذات وظيفة استشارية ويجب الحفاظ على ذلك، كما أن مجمل التقارير الصادرة عنها لا قوة إلزامية، مع التشديد على أن الملك بصفته رئيسا للدولة بنص الدستور هو المسؤول عن تعيين رؤساء هذه الهيئات، وبالتالي فإذا كان رئيس الحكومة غاضبا فعلا مما يصدر عنها، فحُري به مراسلة رئيس الدولة في الموضوع بدل مهاجمتها سياسيا وإعلاميا في أفق محاولة الهيمنة عليها”، مُ،هيا تصريحه بالقول أن “ما يقع في هذا الموضوع يمكن وصفه بـ “المخاثلة السياسية” من طرف الحزب القائد للائتلاف الحكومي التجمع الوطني للأحرار”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x