2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
”لوفيغارو”: ماكرون يبحث عن نَفس جديد للسياسة الخارجية عبر التقارب مع المغرب والسعودية

قالت الصحيفة الفرنسية ”لوفيغارو”، إن الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، يبحث فيما تبقى من ولايته، عن نَفس جديد للسياسة الخارجية الفرنسية، عبر البحث عن فرصة جديدة لتوسيع نفوذه على الساحة الدولية.
وأوضح المنبر ذاته أن ماكرون التي تواجه بلاده أزمة سياسية داخلية منذ حل البرلمان، يريد تعزيز نفوذ فرنسا على المستوى الخارجي، محاولا الاستفادة من ”الفراغ السياسي” الناتج عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لتجديد المبادرات الفرنسية الخارجية.
وذكرت ”لوفيغارو”، أن سياسة ماكرون تسعى التركيز على دول تُعتبر تقليديًا ضمن اهتمام الدبلوماسية الأمريكية، تأتي على رأسها المغرب في إفريقيا والسعودية في الشرق الأوسط ثم الأرجنتين في أمريكا اللاتينية، حيث يسعى الرئيس الفرنسي لترسيخ العلاقات معها قبل تولي الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، مهامه رسميا، بداية السنة المقبلة.
في القارة الإفريقية، تشرح الوسيلة الإعلامية الفرنسية البارزة، تراجع نفوذ فرنسا بصورة ”صارخة وغير متوقعة”، بعد سلسلة من الخسائر الإستراتيجية، ابتداءً من مالي والنيجر مروراً بوركينا فاسو، كما خسرت فرنسا آخر معاقلها العسكرية في منطقة الساحل بعد إلغاء اتفاقياتها الدفاعية مع تشاد، ناهيك عن فقدان موقعها في السنغال. كل هذا جاء وسط صعود نفوذ روسيا وشركة ”فاغنر” المسلحة في المناطق التي كانت تعتبر سابقاً نطاق النفوذ الفرنسي.
وأضافت أن المصالحة التي تمت بين المغرب وفرنسا، بعد سنوات من الجمود، وموقف باريس الداعم لمغربية الصحراء، ثم زيارة ماكرون التي تلت ذلك إلى الرباط، تكشف بعض ملامح هذه السياسة الجديدة، رغم أن ذلك تسبب في ”تمزق” مع الجزائر، واستحالة ”المصالحة مع السلطات الحالية.
في سياق متصل، أبرزت ”لوفيغارو”، أن التوجه الجديد كان واضحا في لقاء ماكرون بالرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي، أول زعيم أجنبي يلتقي بدونالد ترامب منذ إعادة انتخابه. كما أنه يعمل بـ ”جد” مع المملكة العربية السعودية، الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. مشيرة إلى أن إدارة ترامب الأولى، تركت بصمة مهمة في العلاقات الإقليمية عبر ما سمي اتفاقيات ” أبراهام”، والتي قادت إلى تطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية من بينها المغرب، إلا أن مسارها توقف منذ الحرب الذي يشنه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.
وشددت على أن الملفات الساخنة في الشرق الأوسط، من المتوقع أن تكون محورية في السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية القادمة، إلا أن ماكرون يريد أيضا أن يكون لبلاده حضور وازن في التحديات الدبلوماسية بالمنطقة. فقد ساهمت فرنسا بالتعاون مع الولايات المتحدة في التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، وهي خطوة اعتُبرت ”نجاحاً دبلوماسياً” بفضل شبكة اتصالات باريس مع جميع الأطراف، بما في ذلك حزب الله ومموليه الإيرانيين.
كما يسعى ماكرون اليوم، وفق ”لوفيغارو” لادخال السعودية إلى مشروع طويل الأمد لتحقيق الاستقرار المالي والسياسي في لبنان، وهو الأمر الذي يرى فيه فرصة لتعزيز نفوذ فرنسا كوسيط لا ”غنى عنه وشريك موثوق به لدول الخليج”، لافتة إلى أن التواجد الفرنسي المكثف في الشرق الأوسط لا يُخفي تراجع مكانة فرنسا العالمية.
الوسيلة الإعلامية نفسها، ترى أن الأزمة الدبلوماسية الفرنسية تتفاقم بفعل الوضع السياسي الداخلي المضطرب، أزمة الموازنة العميقة تهدد المبادرات الخارجية، كما أن التهديد بالرقابة على حكومته والشلل السياسي والاجتماعي المستمر يُضعف موقف ماكرون داخلياً وخارجيا، الاقتصاد المتعثر والاستقرار السياسي الهش والانكماش العسكري جعل فرنسا تفقد العديد من أركان قوتها التقليدية، حتى في الملفات التي كان يُعتبر فيها ماكرون فاعلًا أساسيًا مثل أوكرانيا، حيث تبدو جهود باريس لتحقيق استقلالية إستراتيجية بعيدة عن النجاح.
في مقابل ذلك، يظهر تحول واضح في ميزان القوى الأوروبي. بينما يعاني محور باريس-برلين من ضعف ملحوظ، يتصاعد دور رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك الذي يتمكن من بناء علاقات وثيقة مع دول البلطيق والشمال الأوروبي لتعزيز الجهود الدفاعية المشتركة. يبدو وكأن الطاقة التي كانت تُغذي الدور الفرنسي الألماني انتقلت شرقاً لتحل بولندا محل باريس وبرلين كمحرك رئيسي للرؤية الأوروبية المستقبلية في قضايا الأمن والدفاع. وفق ”لوفيغارو” دائما.
