لماذا وإلى أين ؟

وثائق الجمعية و شهادة بنعمر والمهداوي تكشف حقيقة موقف رفاق غالي من “تقرير المصير” بالصحراء المغربية

أحيت خرجة إعلامية مثيرة للجدل، لرئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، النقاش من جديد، حول مواقف أكبر هيئة حقوقية بالمملكة وبعض القوى اليسارية من نزاع الصحراء.

وأكد رئيس الجمعية المذكورة، في لقاء صحفي، على ضرورة التوصل إلى ”حل تفاوضي يرضي جميع الأطراف” لقضية الصحراء.

وقال غالي ، إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في مؤتمرها الخامس كانت مع ”تقرير المصير في الصحراء، وبعدها مع جلوس المغرب لطاولة المفاوضات مع جبهة البوليساريو تحت قبة الأمم المتحدة، أصبح موقفها هو دعم حل تفاوضي يرضي جميع الأطراف ويجنّب المنطقة الحرب”.

وأضاف غالي أن ”ذلك لا يجب أن يكون في إطار الحكم الذاتي، وهذا هو موقف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، متسائلا عن ”أسباب تفاوض المغرب حول الملف إذا كان الحكم الذاتي وحده هو الحل؟”

 وتأتي خرجة غالي المثيرة، في وقت استطاعت فيه الرباط انتزاع موقف العديد من الدول الكبرى، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، والجارة إسبانيا…، يقضي بكون مبادرة الحكم الذاتي التي يقدمها المغرب الحل ”الأساسي والواقعي والجاد وذي المصداقية”، لهذا النزاع الذي عمر طويلا.

 وبالعودة إلى تاريخ الجمعية ومواقفها من هذه القضية، يتبين أنها لم يسبق أن تبنت بشكل واضح موقف ”تقرير المصير” في هذا النزاع بالذات، رغم أن العبارة تتكرر بشكل فضفاض ودائم، في أدبيات الجمعية، وتأتي هكذا ”حق الشعوب في تقرير مصيرها”، دون ربطها بنزاع الصحراء.

 خلافا لما قاله غالي، تُبين وثائق حصلت عليها جريدة ”آشكاين”، من أرشيف الجمعية، أنه لم ترد عبارة ”تقرير المصير” في بيان المؤتمر الخامس لـ ”AMDH”، والصادر في 05 أبريل 1998،  بل جاءت العبارة هكذا: ”بشأن ملف الصحراء يتطلع المؤتمر إلى طيه نهائيا وجعل حد لكافة انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة به وذلك بالاستفتاء الحر والنزيه”. وما زال المغرب في ذلك الوقت، أي في أواخر حقبة الملك الراحل الحسن الثاني ”متحمسا” أيضا لإجراء الاستفتاء، ومازالت مبادرة الحكم الذاتي (2007) التي لقيت إجماعا دوليا لم ترى النور بعد.

مقتطف من بيان المؤتمر الخامس للجمعية

على خلاف قوى يسارية راديكالية، مثل النهج الديمقراطي، الذي يكتب عبارة ”الصحراء الغربية” في بياناته وبلاغته، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تكتفي فقط بعبارة ”الصحراء”، رغم أن ”النهج” هو المهيمن على مفاصلها خلال العقدين الأخيرين.

في بيان المؤتمر الوطني الثامن المنعقد في أبريل 2007، أي تاريخ بداية طرح المغرب لمقترح الحكم الذاتي، عبرت الجمعية عن ”استيائها” لما وصفته  ”استمرار النزاع منذ عشرات السنين مع ما نتج عنه من ضحايا ومن إهدار للطاقات الاقتصادية ومن عرقلة لبناء الوحدة المغاربية المنشودة”.

 وتبنت الجمعية  في نفس السنة موقفا جديدا أسمته ”الحل الديمقراطي” للنزاع، وتكررت نفس العبارة بنفس الصيغة في جميع بيانات المؤتمرات الوطنية اللاحقة (المؤتمر التاسع المنعقد في ماي من سنة 2010، والمؤتمر العاشر في أبريل 2013…)، إلى غاية المؤتمر 13 المنعقد بمدينة بوزنيقة في يونيو من سنة 2022، والذي شهد انتخاب عزيز غالي رئيسا لهذا التنظيم الحقوقي لولاية ثانية.

 النقيب عبد الرحمان بنعمرو، أحد مؤسسي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سنة 1979، التي انتخب مرتين رئيسا لها، قال في تصريح لجريدة ”آشكاين”، إن أغلب أعضاء الجمعية كانوا دائما مع قضية الصحراء، خاصة المنتمين لأحزاب بعينها، حيث تنعكس مواقف الحزب على الجمعية.

وأوضح بنعمرو أن أحزاب الطليعة، الاتحاد الاشتراكي (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية)، كانت مواقفهم مع مغربية الصحراء، بل وناضلوا من أجلها و”فضحوا جميع المؤامرات التي تعرضت لها قضية الصحراء”.

وأوضح قيدوم الحقوقيين بالمغرب أن ”مناضلي هذه الأحزاب خاضوا معارك ملموسة من أجل نصرة هذه القضية”.

فاروق المهداوي، نائب الرئيس عزيز غالي، أوضح في حديث لجريدة ”آشكاين”، أن مواقف الجمعية الراهنة بخصوص ملف الصحراء، يحكمها آخر مؤتمر (أي المؤتمر 13).

البيان العام الصادر عن المؤتمر الوطني الثالث عشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، جاء فيه: ”يجدد التعبير عن استيائه من استمرار النزاع حول الصحراء، منذ عشرات السنين مع ما نتج عنه من ضحايا ومآس إنسانية، وإهدار للطاقات الاقتصادية، وعرقلة لبناء الوحدة المغاربية المنشودة، مؤكدا في نفس الوقت على موقف الجمعية بشأن الحل الديمقراطي والفوري للنزاع، والتصدي لكافة الانتهاكات الناتجة عن النزاع مهما كان مصدرها”.

آخر مؤتمر للجمعية (المؤتمر 13)

وشدد المهداوي، القيادي بفيدرالية اليسار، على أن النقاش حول ”تقرير المصير” طُرح على طاولة الجمعية ما بين 2000 و 2008، لكن مسألة حسمه من عدمه لم تتضح، في حين أن المواقف الحالية للجمعية يحكمها ما ورد في بيان المؤتمر الأخير.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Dghoghi
المعلق(ة)
18 ديسمبر 2024 17:20

الجمعية لا علاقة لها بالكابرانات الجنيرالات الجزائريين…. الجمعية همها وحدة المغرب الكبير وعلاقة شعوب المنطقة بعضها البعض…. كذاب من يتهم الجمعية بأنها تتواطأ..

ابراهيم
المعلق(ة)
16 ديسمبر 2024 23:15

جمعية لها مواقف تطعن في تضحيات المغرب ملكا وحكومة وشعبا وجيشا.وتتماهى مع موقف النظام الجزائري وانفصاليي البوليزاريو.وربما تتلقى دعما منهم.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x