لماذا وإلى أين ؟

التعددية السياسية المفترى عليها

تبنى المغرب منذ نهاية الخمسينيات نظام التعددية الحزبية والسياسية ، بعد صراع مرير ضد نظام الحزب الواحد الذي كان حزب الاستقلال يريد فرضه في المغرب آنذاك؛ وجاء أول دستور للمغرب سنة 1962 ليمنع نظام الحزب الواحد ويحسم الأمر دستوريا .

بعد توالي السنوات والعقود، خرجت فعلا احزاب كثيرة ومتعددة، من اليمين والوسط واليسار، وفي جميع الاتجاهات؛ لكن هل هذا هو معنى التعددية ؟

التعددية ليست هي كثرة الأحزاب والتنظيمات ، وإنما التعددية الحقيقية هي المبنية على الحرية والاختلاف وهي التي تجسد حقيقة التعدد الأيديولوجي والفكري والثقافي والسياسي في المجتمع …

التعددية الحزبية في المغرب هي تعددية مزيفة، تعددية في الشكل لا في الجوهر ، تعددية الإطارات لا تعددية المضامين ..

فجميع الأحزاب في المغرب تنهل من مرجعية واحدة وهي العروبة والاسلاموية المنبثقة من السلفية؛ فاليساري والاسلاموي المغربي، يتقاطعان في أشياء كثيرة ولكنهم يتوحدون وينطلقون ويجتمعون على ايديولوجية مركزية، إسمنتية، صلبة واحدة، هي العروبة…التي كانت تغذيها فكرة الاشتراكية العربية والقومية العربية في الأمس ، لكن اليوم تتغذى هذه الأيديولوجية من مفاهيم وسرديات جديدة لا داعي لذكرها ، فهي الأكثر انتشارا وتداولا في الشهور الأخيرة بالشوارع والساحات والمؤتمرات ، بل أرادت اقتحام حتى المناطق الاستراتيجية ذات السيادة الاقتصادية الوطنية كالموانئ وغيرها …

الدستور المغربي يمنع ويرفض تأسس أحزاب على أسس دينية وعرقية وإثنية وجهوية، ونحن نلاحظ كيف لحزب لا ينكر توجهاته الدينية ويؤكد في وثائقه المذهبية انه يتأسس على مرجعية إسلامية ، وسبق له ان قاد الحكومة في ولايتين متتاليتين ، كما أن هناك جميع الأحزاب الأخرى بما فيها ذات التوجه اليساري والاشتراكي ، وضعت في قوانينها الأساسية وبرامجها السياسية الدفاع عن العروبة واللغة العربية وتعلن انتمائها إلى منظمات دولية واقليمية مؤسسة على العرقية او على الدين مثل مؤتمرات وتكتلات الأحزاب الإسلامية والعربية …

إذن؛ ما الهدف من عبارة منع تأسيس احزاب على أسس عرقية ودينية وإثنية ،،،؟ هل هي محاولة قطع الطريق على ظهور احزاب بمرجعية امازيغية ؟

فعلا اتضح لنا ذلك في حل وابطال الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي بحكم قضائي ابتدائي سنة 2008 واستئنافي سنة 2010.

مجمل القول؛ إن تناوب احزاب العروبة والسلفية والاسلاموية على حكم المغرب، ينسف ويفضح هشاشة التعددية الحزبية المزيفة، ويجعل الحياة السياسة في المغرب تفقد للشرعية، وتعاني من أزمة الثقة، مادام أن أغلبية المغاربة لا يتمتعون بحقهم في التنظيم السياسي بالمرجعية التي يختارونها والتي يؤمنون بها، فماذا يعني حمل أعلام دولة اجنبية في مؤتمر حزبي بالمغرب،؟ وماذا يعني صعود شعارات وهتافات تنادي بوحدة قومية عربية زائفة، في بلد متعدد كالمغرب…

نحن لا ننادي بمنع الأحزاب او غلق قاعات المؤتمرات على المواطنين، نحن فقط ننادي بحرية التنظيم السياسي بمرجعية امازيغية، فلا يمكن تطبيق القانون على طرف او مكون سياسي وثقافي معين…

الحركة الأمازيغية هي الدينامية المجتمعية الوحيدة التي تشتغل بحس وطني مسؤول ومعقلاني، تنسجم مع الوطنية المغربية الحقة، وتنخرط في البناء الديموقراطي وفي تشييع ثقافة حقوق الإنسان والدفاع عن القيم وعن الأرض …لكنها؛ للأسف هي الوحيدة التي لا تتوفر على امتداد حزبي وسياسي، بسبب المنع وتأويل القانون بشكل سلطوي وتعسفي، وبقي الأمازيغ اليوم خارج المؤسسات وخارج التشريع …محرومون من المساهمة في القرار لبناء مستقبل وطنهم…

إلى متى…؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x