لماذا وإلى أين ؟

تيار “الذباب البشري بالفضاء الإفتراضي”

لم يعد خفيا على نشطاء منصات التواصل الاجتماعي بكل أنواعها ملاحظة انتشار الحسابات التي تُستخدم للتأثير على التوجه العام بهذه الفضاءات، وفرض رقابة عليه.

تلك الحسابات تكون لها مهام توجيهية محددة، ولحد الآن تم التعرف على نوع واحد منها، وهو ما يعرف بـ”الذباب الإلكتروني”، وقد خصصت له دراسات وتحليلات لرصد مميزاته وخصائصه وأهدافه، فيما هناك نوع ثان من هذه الحسابات لم يأخذ حقه الكافي من المتابعة والدراسة والتحليل، وهو في طور التشكل عبر تيار يمتد ويتقوى يوما بعد يوم، اخترنا له اسم “تيار الذباب البشري بالفضاء الافتراضي”.

قبل التطرق إلى مميزات وأهداف “تيار الذباب البشري بالفضاء الافتراضي”، موضوع مقالتنا هاته، دعونا نذكر، لعل الذكرى تنفع المتغافلين، ببعض خصائص “الذباب الإلكتروني”، ومن أهمها: له حسابات افتراضية وهمية، تعمل بشكل جماعي ومنظم، وتدار من طرف مؤسسات/شركات مختصة، تقدم خدمات لجهات مختلفة بهدف التأثير على الرأي العام بأساليبها الخاصة.

من الأساليب المعروفة عن الذباب الإلكتروني، وفق بعض الدراسات، نذكر:

نشر محتوى موجه لدعم أو مهاجمة أشخاص أو جهات أو أفكار.

الترويج للإشاعات والمعلومات المضللة.

التنمر الالكتروني على الأصوات المعارضة.

رفع الوسوم (الهاشتاغات) لدفع أجندات معينة.

ومن أهم العلامات التي تميز حسابات الذباب الإلكتروني نذكر:

حسابات حديثة أو بدون معلومات شخصية

غالبًا ما تكون الحسابات جديدة، بدون صورة شخصية حقيقية أو معلومات واضحة عن صاحبها.

نشاط مكثف ومتشابه.

تنشر نفس الرسائل أو التعليقات بشكل مكرر، أحيانًا باستخدام نسخ/لصق، وتشارك بشكل غير طبيعي على مدار اليوم.

الهجوم الجماعي والمنسق.

عند نشر رأي معين، قد تتعرض لهجوم مفاجئ من عدة حسابات بنفس الأسلوب أو الألفاظ، وكأنها مبرمجة.

لغة مستفزة أو تحريضية.

تستخدم ألفاظًا مهينة أو تسعى لإثارة الغضب والانقسام، خاصة تجاه المعارضة أو المختلفين في الرأي.

تركيز على قضايا محددة جدًا.

تتحدث فقط عن مواضيع معينة تدور في فلك جهة سياسية أو فكرية بعينها.

التفاعل مع بعضهم فقط.

يُكثرون من إعادة التغريد لبعضهم البعض والتعليق على منشورات محددة لدعمها ورفعها في خوارزميات المنصة.

هذا عن “الذباب الإلكتروني” فماذا عن “الذباب البشري”؟

وجب التوضيح أولا أن تسمية “الذباب البشري” ليست قذفا ولا سبا ولا وصما لأناس بعينهم أو تنقيصا من الإنسانية، وإنما استعارة هي من الطبيعة لتوصيف ظاهرة منتشرة بفضاء التواصل الاجتماعي، نظرا لأوجع التشابه الكثيرة بين بعض مميزات وصفات الذباب الطبيعي وتلك التي تنتجها حسابات محسوبة على “تيار الذباب البشري بالفضاء الالكتروني”.

ومن أهم مميزات حسابات المنتسبين إلى “تيار الذباب البشري بالفضاء الإلكتروني” نجد:
حسابات نائمة، الكثير منها بدون معلومات شخصية ولا صورة بروفايل تكشف هويتهم، ربما لعدم قدرتهم على المواجهة المكشوفة.

محتوى حساباتهم يقتصر، في الغالب، على إعادة مشاركة روابط لشخصيات معروفة بشعبوية أو ذات تحاليل سطحية، أو مشاركة ملصقات معدلة ببرامج على الأنترنت أو الذكاء الصناعي لمعجزات افتراضية أو مآس إنسانية غير طبيعية على أساس أنها حقيقة.

نشاط حساباتهم الافتراضية يقتصر على التعليقات المبجلة وتسجيل الإعجابات لمنشورات وخطب ومحتويات أبطالهم الافتراضيين.

في معظم الوقت ينشطون في مهاجمة مخالفي هواهم ، بكل عبارات السب والقذف والتنمر والتخوين والتكفير.

غالبا ما يكون هجومه عنيفا، جماعيا، منسقا، ويستعملون الدين أو الوطن أو الإنسانية كذريعة لتبرير ذلك.

تجدهم لا يواجهون الآراء المخالفة بآراء أخرى ولا يناقشون الفكرة بالفكرة النقيض، يتميزون باستهداف أصحاب الآراء المخالفة في ذواتهم أو التشكيك في عقيدتهم أو ذمتهم أو انتمائهم أو إنسانيتهم… وكل ما يحط من كرامتهم.

لغتهم في المجادلة تجاه المعارضين أو المخالفين لهم في الرأي: مستفزة، تحريضية، تنمرية، تبخيسية، تشكيكة، … تسعى لإثارة الغضب والانقسام.

أغلبهم ذوي مستويات تعليمية متدنية، ويبنون أنفسهم حماة الفضيلة والعقيدة وفق ما يراه شيخهم.

كالذباب الإلكتروني، يُكثرون من إعادة التغريد لبعضهم البعض والتعليق على منشورات محددة لدعمها ورفعها في خوارزميات المنصة، خاصة إن كانت ذات طبيعة دينية تساير أهواءهم الشخصية وحاجتهم النفسية.

هو تيار يتقوى بشكل سريع ومريع عبر الفضاء الافتراضي، منتشر في الكثير من المجتمعات، خاصة تلك التي يحظى استعمال الفيسبوك فيها بشعبية كبرى، تيار يريد فرض توجه محدد في النقاش العام بالفضاء الإلكتروني. تيار يهدد التنوع والاختلاف بمنصات التواصل الاجتماعي بنشر الحقد والعداء اتجاه المخالفين، تيار مرشح للانتقال من المواقع إلى الواقع، وحينها فكها يا من وحلتيها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
10 مايو 2025 19:41

مصطلح الذباب الالكتروني او البشري مصطلح قدحي غير دقيق، ولا يحدد التمايزات والمعاير الصحيحة التي تمكن من التمييز بين الذباب الالكتروني او البشري، وغيره من المنصات التي لا ينطبق عليها هذا التصنيف، وفي غياب اي تصنيف دقيق لما يخالف الذباب المذكور يصعب الفصل بين ماهو ذباب إلكتروني وما هو ليس ذباب، وتبقى الاحكام نسبية، وتخضع لاذواق الناس وميولاتهم الشخصية، وفي انتظار تحديد اكتر دقة ويعتمد على معايير علمية متفق عليها بين المهتمين بهذه الظاهرة التي اصبحت تشغل الراي العام نقول هذا مجرد رأي نحترمه لخوضه في الموضوع بجرأة يشكر عليها.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x