لماذا وإلى أين ؟

إعلان ملكي بفشل مقاربة وزارة الفلاحة لدعم مربي الماشية!

ترأس الملك محمد السادس، أمس الاثنين 12 ماي الجاري، بالقصر الملكي بالرباط، مجلسا وزاريا، خصص للمصادقة على مشروع قانون تنظيمي، وأربعة مشاريع مراسيم تهم المجال العسكري، وعلى عدد من الاتفاقيات الدولية، إضافة إلى مقترحات تعيينات في المناصب العليا.

وفي بداية أشغال المجلس، استفسر الملك، حسب بلاغ للديوان الملكي  وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، حول تأثير التساقطات المطرية على الموسم الفلاحي، وعلى الوضع الحالي للقطيع الوطني للماشية، وكذا الإجراءات التي أعدتها الحكومة من أجل إعادة تكوين القطيع بشكل مستدام، وتحسين أوضاع مربي الماشية”.

ومما جاء به المجلس الوزاري، يضيف البلاغ، إصدار الملك “توجيهات قصد الحرص على أن تكون عملية إعادة تكوين القطيع ناجحة على جميع المستويات، بكل مهنية، ووفقا لمعايير موضوعية”.

وكان لافتا في التوجيهات الملكية في نفس الإطار، إناطة مهام توزيع الدعم للسلطات المحلية بدل الوزارة، حيث جاء في التوجيهات الملكية أن “يوكل تأطير عملية تدبير الدعم إلى لجان تشرف عليها السلطات المحلية”، وهو ما يحمل قراءات متعددة.

فهل تعني هذه التوجيهات الملكية إقرارا بفشل مقاربة وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في نسختيها، سواء مع محمد الصديقي قبل التعديل الحكومي، وأحمد البواري الذي خلفه بعد التعديل، أم أن هناك تفسير آخر؟

المحلل الاقتصادي رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، رشيد ساري،

في هذا السياق، يرى المحلل الاقتصادي رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، رشيد ساري، أن “هذه الخطوة كانت متوقعة جدًا، نظرًا لوجود مجموعة من الهفوات التي شابت الدعم المقدم لمربي الماشية”.

وأوضح الساري، في حديثه لـ”آشكاين” أن “سبب هذا القرار كون السلطات المحلية لديها دراية كبيرة وتعرف عن قرب المستحقين للدعم، لديها معطيات دقيقة عن الفئات التي يجب أن يشملها الدعم، وبالتالي رؤيتها تكون واضحة وقريبة من الواقع”.

وبخصوص ما إن كان القرار الملكي، يشير إلى أن وزارة الفلاحة قد قصرت في أداء دورها، شدد ساري أنه “لا يمكن تفسير الأمر بأنه إقرار بفشل الوزارة، كون الأخيرة لا تملك حاليًا الآليات الكافية لدعم مربي الماشية”.

وأكد أن “وزارة الفلاحة أظهرت فشلًا ذريعًا في تدبير هذا القطاع، خاصة فيما يتعلق بعدم مواكبة مربي الماشية وعدم توفير بدائل للأعلاف، فاليوم يتم الاعتماد  بشكل أساسي على الأعلاف التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وتكلفتها مرتفعة، ولسوء الحظ، لا توجد استراتيجية واضحة لإنتاج أعلاف أقل استهلاكًا للماء وأقل تكلفة”.

علاوة على ذلك، يسترسل ساري أنه “لم تكن هناك قراءة واقعية أو دراسة دقيقة لأوضاع مربي الماشية، ففي السابق، كان كل دوار يضم على الأقل 2 إلى 4 من مربين للماشية، أما اليوم فهناك دواوير لا يوجد فيها أي مربٍ للماشية، والسبب هو عدم التشجيع الكافي وغياب المواكبة الفعلية، مشيرا إلى أن “التركيز على استيراد اللحوم كانت بمثابة الضربة القاضية لمربي الماشية، بل للقطاع ككل في المغرب”.

أكثر من ذلك، يورد ساري “لم تقم وزارة الفلاحة، عبر مندوبياتها الجهوية، بإحصاء دقيق لأعداد الماشية، مما أدى إلى استنزاف الثروة الحيوانية، وهذا ما جعلنا نلجأ إلى الاسايراد من أجل “شعيرة الذبح” في السنوات الأخيرة، في حين أن الوضع لم يكن يستدعي ذلك قبل 3 أو 4 سنوات، لأننا نتوفر اليوم على 30 بالمئة أقل من القطيع المفترض، وولولا التدخل الملكي بإلغاء “شعيرة الذبح”، لهذا العام لكان الوضع أكثر كارثية، وارتفعت أسعار اللحوم إلى مستويات قياسية وربما قد يصل ثمن اللحم إلى 200 درهم للكيلوغرام”

واعتبر المتحدث أن “القرار الملكي كان حكيمًا، لأن تدبير هذا القطاع يجب أن يُترك للسلطات المحلية، نظرًا لقربها من الميدان ومعرفتها الدقيقة بوضع كل دوار”.

وتابع أن “أداء وزارة الفلاحة ما زال  يطرح تساؤلات كبيرة، من قبيل هل تقوم مندوبياتها الجهوية بأعمالها كما يجب؟”، مستبعدا قيامها بهذا الدور، بسبب “نقص اليد العاملة وعدم مواكبة التطورات في هذا القطاع”.

وخلص إلى أن “المفارقة المؤلمة أن هناك أنواعًا من الأعلاف غير مستهلكة للماء وتنتج بكميات كبيرة وتكلفة أقل، ومع ذلك لا يتم اعتمادها، وهذا يطرح العديد من التساؤلات حول جدية التعامل مع هذا الملف”، متأسفا  على “هذا هو الواقع المرير الذي نعيشه”، وفق تعبيره.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x