2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل ينقذ القانون الجديد للتعليم العالي صورة الجامعة المغربية من الفضائح؟

اهتزت الجامعات المغربية في الآونة الأخيرة على سلسلة من الفضائح، أبطالها أساتذة يبيعون الشواهد العليا، مقابل المال، وآخرون يمنحون النقط نظير الجنس، وهلما جرا من وقائع أخرى كان أخطرها على الإطلاق، تلك التي تفجرت بجامعة ابن زهر بأكادير، الأسبوع ما قبل الماضي، حيث تم إيداع أستاذ بكلية القانون سجن مراكش، بعد فضيحة غير مسبوقة اختلطت فيها شبهة المتاجرة بالدبلومات بأساليب أخرى، والتحقيق الجاري في القضية وحده الكفيل بالكشف عن خبابا الأمور.
هذه الفضائح باتت تلطخ صورة الجامعة المغربية، التي كانت إلى وقت قريب رمزا للعلم والمعرفة والنضال، ومكانا لإنتاج كفاءات ونخب وطنية في مختلف المجالات. وصار الحرم الجامعي ”المقدس” مثله مثل أماكن العبادة، ”مدنسا” جراء سلوكات قد تكون معزولة لكنها وضعت قيمة المؤسسات الجامعية على محك حقيقي.
مشروع قانون لإصلاح التعليم العالي
في ظل هذا الواقع، طرحت وزارة التعليم العالي، مشروع قانون جديد يتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، يتكون من 111 مادة، ينسخ ويحل محل القانون ”القديم” (00.01) الذي ظل جاري به العمل لمدة تصل إلى حوالي 20 سنة.
مشروع القانون الجديد الذي اطلعت عليه جريدة ”آشكاين”، يهدف إلى تحديد التوجهات العامة لسياسة الدولة الجديدة فيما يخص منظومة التعليم العالي.
كما يرمي المشروع تحقيق ”الأولويات التنموية وإسهامها المحوري في تكوين رأسمال بشري قادر على مواكبة السياسات والبرامج والأوراش المهيكلة التي تشهدها المملكة”.
ويتضمن مشروع القانون حزمة من المقتضيات الجديدة، منها إرساء وحدة المرفق العمومي للتعليم العالي والبحث العلمي بقطاعيه العام والخاص؛ إحداث أصناف جديدة من مؤسسات التعليم العالي، من بينها المؤسسات الرقمية للتعليم العالي؛ تعزيز استقلالية الجامعات، مع الحرص على تنظيمها وفق أسانيد ومحددات ديموقراطية ومهنية دقيقة؛ تطوير حكامة المؤسسات العامة للتعليم العالي بغية ملاءمتها مع النصوص التشريعية المتعلقة بالمؤسسات العمومية ومع الممارسات المهنية الفضلى…
أخنوش يريد زيادة عدد الجامعات
في سياق ذي صلة، دعا رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، الاثنين المنصرم، إلى ضرورة توسيع العرض الجامعي في المغرب، معتبراً أن الاكتفاء بـ12 جامعة فقط أمر غير معقول بالنظر إلى التحديات التعليمية الراهنة.
وأوضح أخنوش، في معرض حديثه، أن مقارنة بسيطة مع دول أخرى تظهر الفارق الشاسع في عدد الجامعات. ففي البلدان الأوروبية، يتجاوز عدد الجامعات في بعض الحالات 400 جامعة، بينما قد تتواجد في بعض المدن الأمريكية ما بين 20 و 80 جامعة. وفي المقابل، أشار رئيس الحكومة إلى أن جامعة ابن زهر وحدها تستقبل 200 ألف طالب، وهو ما يمثل نصف العدد الإجمالي للطلبة في المغرب، مما يسلط الضوء على مشكلة الاكتظاظ التي تساهم في تدني جودة التعليم الجامعي.
ودعا أخنوش إلى إعادة تقسيم وهيكلة العرض الجامعي بشكل يراعي هذه التحديات، مؤكداً على أهمية توفير بيئة تعليمية أفضل للطلبة.
مجلس بورقية يدخل على خط فضائح الجامعات
كما دخل المجلس الأعلى للتربية والتكوين على خط إشكالية التعليم العالي بالمغرب، حيث أصدر، خلال دورة جمعيته العامة، الثلاثاء الماضي (20 ماي 2025)، رأيه حول مشروع القانون الخاص بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
ولمحت رئيسة المجلس، رحمة بورقية، خلال كلمة لها بالمناسبة إلى ما يقع مؤخرا داخل الجامعات حين قالت: ”غالبًا ما تجد الجامعات العمومية نفسها مطالبة بتطوير الخدمات عبر الخبرة، والبحث العلمي في مراكز البحث، والدراسات، والتكوين المستمر للأطر العاملة في مختلف القطاعات، خدمة للرفع من مستوى المهنيين ومساهمة في تأهيل الموارد البشرية. غير أن هذه الخدمات يجب أن تحاط بالمهنية وبالقيم وبالأخلاقيات اللازمة التي تحفظ للجامعة سمعتها ومكانتها كمنارة للتعليم والبحث”.
مصدر تحدث لجريدة ”آكشاين”، أكد أن المجلس، اعتبر في رأيه، حول مشروع قانون التعليم العالي، أنه ”خطوة تشريعية إيجابية”، بعد أزيد من 20 سنة من صدور القانون 01.00 المعمول به حالياً، والذي لم يعد يتسجيب لمتطلبات إصلاح هذا القطاع، سواء في الشق البيداغوجي، أو ما يتعلق بحكامة مؤسسات التعليم العالي، أو تدبير المسار المهني للأساتذة الجامعيين.
وأكد أعضاء المجلس، وفق المصدر عينه، على ضرورة إصلاح جذري لقطاع التعليم العالي، لا سيما بعد توالي الأزمات التي تسيء إلى هذا القطاع الحيوي (أزمة طلبة الطب، مشكل الجنس مقابل النقاط، واقعة جامعة أكادير …)، وبالتالي فإن النص القانوني الجديد يجب أن يتضمن حلولاً تشريعية لهذه المعضلات وغيرها.
كما دعا أعضاء المجلس في مداخلاتهم، يضيف المصدر، إلى ضرورة تعديل الإطار العام للقانون ليكون متلائما مع القانون الإطار 51.17 والرؤية الاستراتيجية للمجلس.
رحمة بورقيبة، التي عينت حديثا رئيسة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، قالت في تصريح مقتضب لـ ”آشكاين”، إن المجلس بصدد تدارس مشروع القانون الجديد التي تقدمت به الوزارة، رافضة تقديم المزيد من التفاصيل.
هل تسعى الدولة من خلال كل هذه الإجراءات إلى استعادة هيبة الجامعة المغربية؟ وهل ستنجح في ذلك؟
جوابا على هذا السؤال، قال العميد السابق لكلية الحقوق بتطوان، محمد العمراني بوخبزة، إن صورة الجامعات ”تحتاج إلى وقفة حقيقية للوقوف على الأعطاب”، مشددا على أن الجميع ”يعلم أن يكمن العطب”، ولكن ”هل هناك إرادة حقيقية الإصلاح؟” يتساءل ذات الأستاذ الجامعي.
الدكتور بوخبزة، استعرض مجموعة من التجارب التي كانت ترمي ”إصلاح الجامعة”، بدءا من التسعينات حيث كان الطالب من يبحث عن الجامعة، مرورا بفتح أنوية جامعية في عدة مدن منها حتى النائية، ثم التخلي عن الفكرة والذهاب في اتجاه تجميع الجامعات في عهد الوزير السابق الداودي، ليظهر اتجاه جديد، الآن، يتمثل في خلق أقطاب جامعية داخل المدينة الواحدة.
وأوضح بوخبزة، متحدثا لجريدة ”آشكاين”، أن كل خيار ”له سلبيات وإيجابيات”، مشيرا إلى أن المشكل المطروح يوجد على مستوى المؤسسات الجامعية وليس الجامعات في حد ذاتها، خاصة مؤسسات الاستقطاب المفتوح، إذ هناك كليات يفوق فيها عدد الطلبة 40.000 ألف طالب، ما يطرح مشكل في التأطير الإداري والبيداغوجي.
وكشف أن أزمة الاكتظاظ هذه وما تخلقه من مشاكل داخل الجامعات، يتطلب إعادة توجيه الطلبة ليختاروا مسارات تعليمية بعيدا عن الجامعات، بعد أن باتت هذه المؤسسات التعليمية مكانا لتفريخ البطاليين والهدر، وفق ما كشفت عنه دراسة رسمية صادرة عن الهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، سنة 2021.
فيما يتعلق بالمشروع الجديد علاقة بصورة الجامعة، أكد بوخبزة أن وزارة التعليم العالي، في عهد ميداوي، تنهج سياسة ”التأني وعدم التسرع” في معالجة من الملفات المطروحة داخل الحقل الجامعي، مؤكدا أن ”هناك رغبة في تنزيل مشروع متكامل للإصلاح”، لافتا إلى أن ذلك ”قد يكون نقطة تُحسب للوزير الحالي”.
غريب.. أغلبية رؤساء وعمداء الجامعات لا يستحقون مناصبهم
في مقابل نظرة بوخبزة التفاؤلية، يرى عبد الحق غريب، أستاذ باحث بكلية العلوم بالجديدة سابقا، أن الدولة ”لا تملك أي إرادة سياسية لإصلاح الجامعة”، لافتا إلى أنها ”ترفع يدها على التعليم العمومي مقابل تشجيع الخصوصي”.
وأكد أن مشروع القانون الخاص بالتعليم العالي ( في صيغته القديمة)، كان ”أخطر ما يمكن تصوره”، لما يتضمنه من مقتضيات، منها أن الجامعة ستحول ملحقة لوزارة الداخلية، عكس القانون السابق 00.01 الذي أعطى استقلالية وصلاحيات واسعة لمجالس الجامعة.
في المشروع، كما يؤكد غريب، متحدثا لـ ”آشكاين”، صارت المجالس ”معيقا” لتسيير الجامعات، بعد أن أصبحت بصبغة ”إستشارية”، بينما المجلس الإداري، الذي يوجد فيه الوالي، من يتخذ القرار ولا يتضمن أي أستاذ.
وأبرز المتحدث أن إعادة الهيبة للجامعة المغربية يتطلب ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعادة النظر في المادة التي تتعلق بالتعيينات، عبر انتخاب رؤساء الجامعات، وتعزيز الصلاحيات المخولة له.
وذهب ذات الأستاذ الجامعي المتقاعد أبعد من ذلك، حين قال إن أغلب رؤساء وعمداء المؤسسات الجامعية ”لايستحقون مناصبهم”، لأنهم ” لايملكون الكفاءة والمقومات والتكوين”، لتولي هذه المناصب، موضحا أن أغلب هؤلاء المسؤولين القادمين من مهنة أستاذ التعليم العالي أو البحث العلمي في مختبر، لا يملكون آليات التسيير.
تحية طيبة،
أشكركم على مقالتكم القيّمة حول واقع التعليم العالي، وحرصًا على الإسهام في تحسين الجودة اللغوية، راجعت النص ووقفت على بعض الهفوات الإملائية واللغوية التي أرفقها فيما يلي:
1. “الشواهد العليا” ==> “الشهادات العليا”
2. “نظير الجنس” ==> “مقابل الجنس”
3. “خبابا الأمور” ==> “خبايا الأمور”
4. “جاري به العمل” ==> “جارٍ به العمل”
5. “ديموقراطية” ==> “ديمقراطية”
6. “يتسجيب” ==> “يستجيب”
7. “جامعة أكادير” ==> “جامعة ابن زهر بأكادير” (للدقة والتمييز)
8. “بورقيبة” ==> “بورقية” (الاسم الصحيح لرئيسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين)
9. “التي تقدمت به الوزارة” ==> “الذي تقدمت به الوزارة” (تطابق الموصول مع الاسم المذكر: “مشروع القانون”)
10. “أن يكمن العطب” ==> “أين يكمن العطب”
11. “40.000 ألف طالب” ==> “40.000 طالب”
12. “البطاليين” ==> “العاطلين”
14. “في معالجة من الملفات” ==> “في معالجة الملفات” أو “معالجة بعض الملفات”
15. “لايستحقون” / “لايملكون” ==> “لا يستحقون” / “لا يملكون” (وجوب الفصل بين “لا” والفعل)