2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
دروس العبثية السياسية في انتخابات رئيس الغرفة الثانية

“تمخض الجمل فأنجب فأرا”، مثل درج الناس على استعماله كلما كانت النتائج على غير التوقعات، أو كلما خابت الآمال في الانتظارات، وهذا المثل ينطبق تماما على عملية انتخاب رئيس مجلس المستشارين، في ولاية ثانية ضمن الولاية العاشرة للبرلمان المغربي.
فمنذ فترة والمغاربة يتابعون الأطوار الجارية لانتخاب رئاسة الغرفة الثانية، ويترقبون ماذا ستفرز عنه؟فكانت النتيجة تلقينهم دروسا في العبثية السياسية، تعكس واقع الحال لمشهد حزبي، أقل ما يمكن القول عنه أنه “سريالي”.
أولى دروس العبثية السياسية؛ تتجلى في عدم وصول أحزاب الأغلبية الحكومية إلى اتفاق من أجل تقديم مرشح عنها للتنافس على رئاسة مجلس المستشارين، كما جرت عليه العادة في كل الديمقراطيات العالمية. فسواء فازت أم لا؛ فهي تكرس واقع للتنافسية الديمقراطية الحقيقية، على عكس ما وقع ويقع في المغرب من عبثية، إذ نجد أحزابا من الأغلبية ضد المرشح الذي يقود بهم السفينة الحكومية، تجسدا لمقولة “قلوبنا معك وسيوفنا عليك”.
فإن لم تستطع هذه التي تسمى أغلبية الاتفاق حتى على موقف مشترك من انتخابات رئيس الغرفة الثانية، فكيف يمكنها الاتفاق على برامج وقرارات تهم حياة المغاربة اليومية؟
أما ثاني دروس العبثية السياسية، التي أفرزتها المسرحية الانتخابية لرئيس الغرفة الثانية، فقد قدمه حزب العدالة والتنمية. فرغم أن هذا الأخير توصل إلى اتفاق مع حلفائه في الأغلبية الحكومية بعدم تقديم مرشح عنها للتنافس عن رئاسة المستشارين، لكنه عاد بعد يومين من الاتفاق وقرر تقديم مرشح باسمه للتنافس حول المنصب المذكور، رغم أنه على يقين بأنه لن يفوز به، حسب ما صرح به لـ”آشكاين” أحد قيادييه.
فالبيجيدي يرى تقديمه لمرشح عنه لهذا المنصب “اختيارا يحترم العقل والمنطق، وينسجم مع روح التنافس السياسي، ويؤكد على استقلالية القرار الحزبي، ويجعل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين أمام مسؤولياتهم السياسية والأخلاقية”، ناسيا أو متناسيا أن الاستراتيجيات السياسية تبنى بالتحالفات القبلية، وأن ترشيحه هذا، ولو ظهر أنه شجاعة منه وتكريسا للديمقراطية، إلا أنه زرع لمزيد من بذور الانشقاق داخل الأغلبية، وإظهار نفسه بمظهر الحزب المستهدف المعزول تكريسا لنظرية المظلومية، رغم علمه المسبق بأن تصويت عدد من حلفائه لمرشح المعارضة محسوم، وأنه من المستحيلات فوزه برئاسة الغرفة الثانية.
الدرس الثالث للعبثية السياسية، في انتخابات الغرفة الثانية، جسدته هذه المرة أحزاب الأغلبية، حيث أظهرت للعيان عدم الانسجام، وبكونها أحزاب أغلبية شكلية، وأن جوهرها تكتلات مصلحية. إذ كيف يعقل أن تقدم هذه الأحزاب على التصويت لمرشح المعارضة لقيادة مجلس يمكنه أن يخلق لأغلبيتها الحزبية متاعب في تنزيل برامجها الحكومية؟ ألم يكن حريا بهذه الأحزاب التصويت لمرشح الأغلبية، بما أنها لم تتفق على التصويت لمرشح المعارضة؟ وكيف تفسر للمغاربة تصويتها لصالح مرشح المعارضة وضد مرشح حزب يقود الأغلبية؟
وخلاصة هذه الدروس، أن هذه التجمعات البشرية التي تسمى عبثا أحزاب، سواء من تطلق على نفسها معارضة أو تلك التي تحاول الكذب على المغاربة والقول بأنها تشكل تحالف أغلبية، تدفع بواقع الحال في هذا الوطن نحو الهاوية.
فما تقدمه من دروس في العبثية، يدفع إلى مزيد من النفور من اللعبة السياسية، وتخلق أكبر تجمع من المقاطعين للعملية الانتخابية، وتدفع بالشباب إلى فقدان الهوية إلى درجة حمل أعلام أجنبية والمطالبة بإسقاط الجنسية.
فمن سينقذ هذا الوطن ممن سيدمرونه بعبثيتهم السياسية؟
ما الفرق بين مجلس النواب ومجلس المستشارين ولمادا لا يندمجون فيما بينهم لازم تغير العقليات المغربية من طرف المسؤلين والشعب كدالك لازم يحي الضمير المهنى والضمير الحي
سلمت يمناك