لماذا وإلى أين ؟

لحلو: هكذا أثرت أزمة الخليج في مشروع قانون المالية لهذه السنة

في ظل إعداد الحكومة لمشروع قانون المالية، وفي ظل التداعيات الإقتصادية والإجتماعية التي من الممكن أن يخلفها هذا القانون، استضافت “اَشكاين” المحلل والخبير الإقتاصدي مهدي لحلو الأستاذ الجامعي في المعهد الوطني للإقتصاد والإحصاء التطبيقي بالرباط لتتطرق الى أبرز مستجدات هذا القانون.

في بداية الأمر ما رأيك في مشروع قانون المالية لسنة 2019؟

أولا شكرا لموقع “اَشكاين” على الإستضافة، إن ما يميز مشروع قانون المالية لسنة 2019 هو ارتفاع العجز المالي بنسبة 0.6 في المائة ليصل إلى نسبة 3.8 في المائة، وهذا يعني أن نسبة العجز ستصل الى 43 مليار دهم، وهذا العجز ناتج عن مجموعة من المعطيات يتداخل فيها ما هو داخلي بما هو خارجي.
المعطى الخارجي الأساسي هو أن الإعانات التي كان يستفيد منها المغرب من دول الخليج خصوصا قطر والسعودية والإمارات والكويت، انخفضت من ثمان ملايير درهم في السنوات الفارطة الى أقل من أربع ملايير في هذه السنة، وهذا راجع الى توتر علاقة المغرب مع البعض من هذه الدول خصوصا بعد ما عرف بأزمة الخليج والتي اندلعت بين السعودية وقطر.

بالنسبة للمعطى الداخلي فهو راجع بالأساس إلى الواقع التجاري بالمغرب وتطور الناتج الداخلي الخام، هناك توقع أن المداخيل الضريبية ستنخفض بثلاثة ملايير درهم.

إذن من خلال هذه المعطيات فإن العجز يرتقب أن يرتفع بنسبة خمس ملايير درهم مقارنة مع قانون المالية لهذه السنة، وهذا الاستمرار في تفاقم عجز الميزانية يرجع إلى التوجهات الأخيرة للدولة والتي لا تعزو أن تكون خطابات، حيث تقر بالتوجه نحو توسيع النفقات في القطاعات الاجتماعية…

في هذا الصدد أين تتجلى هذه النفقات في القطاعات الاجتماعية؟

حسب تحليلي فإن هناك خطاب يقر بتوسيع هذه النفقات خصوصا في قطاع الصحة والتعليم بالرغم من أني أعتبر أن قطاع التعليم قطاع اقتصادي أكثر منه اجتماعي, لأنه يساهم في تكوين الرأسمال اللامادي.

على كل حال، فإن جميع الحكومات المتعاقبة كلما وصلت إلى مرحلة الإعداد لقانون المالية، نجدها تقر بأن هذا القانون له توجه إجتماعي إلى ما غير ذلك من الخطابات، لكن الواقع يبين لنا عكس هذا القول، لأن نفقات التعليم في تراجع وكذلك بالنسبة لنفقات قطاع الصحة، خصوصا إذا أخذنا بعين الإعتبار أن معظم المواطنين أصبحوا يتوجهون إلى الخواص سواء في التعليم أم الصحة.

أما بالنسبة لقطاع التشغيل، فالبطالة لاتزال في إرتفاع مستمر سنة بعد سنة خصوصا إذا عملنا على ربط واقعنا اليوم مع إرتفاع الناتج الداخلي الخام.

أستاذ لحلو, هناك مستجد مهم في قانون المالية لسنة 2019 يرتبط بخوصصة مجموعة من المؤسسات العمومية، فهل تسعى الدولة إلى تعويض العجز ببيع مؤسساتها؟

إن التوجه نحو الخوصصة ليس وليد اللحظة في المغرب، بل يرجع إلى بداية تسعينيات القرن الماضي، عندما تكون المداخيل الضريبية وتكون السنة فلاحية ويرتفع الناتج الداخلي الخام فإن الحكومة تبتعد عن مثل هذه الإجراءات، لكن المشكل اليوم والذي إبتدأ منذ 2011، هو أن المغرب تقوده حكومة يمينة بإمتياز على المستوى الإقتصادي تعتمد مبدأ حرية السوق، فهذه الحكومة الليبرالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية تقول إن الدولة لا تتوفر على إمكانية للتدخل في القطاعات الإجتماعية، كما تدعي أنه للرفع من التشغيل ولتحسين مردودية القطاعات الإجتماعية يجب التوجه نحو إقتصاد السوق وهو ما يجعلها تقوم بخوصصة ما بذمتها من قطاعات إجتماعية ومن شركات عمومية.

الٱن هذا التوجه مرتبط بتراجع المداخيل الضريبية وبنقص الإعانات الخارجية، وإرتفاع النفقات الإجتماعية ولو على قلتها، مما يبين أن الدولة تعيش في ضائقة مالية كبرى والتي لا يمكن حلها إلا بشيئين، فإما أن تتوجه نحو الدين الخارجي أو الداخلي، أو أن تقوم ببيع ما تبقى من الشركات العمومية.

الدولة اختارت خوصصة بعض الشركات رغم أنها تعلم بأن هذا الإختيار غير صائب، ولنا في بيع شركة لاسامير خير دليل على قولنا هذا، فالتخلي عن هذه الشركة أدى إلى مجموعة من الخسائر المادية والإجتماعية كبرى حيث لم تستفذ الدولة أي شيء من خوصصة هذه الشركة بل العكس خسرت الكثير. كما أن هناك مجموعة من الشركات التي تمت خوصصتها وأبانت عن محدودية هذا الإجراء مثل شركات القطن بواد زم وشركات النسيج بفاس.

هل التساقطات المطرية التي يعرفها المغرب في الآونة الأخيرة تنبأ بسنة فلاحية جيدة؟

لا يمكن الحسم في هذا الأمر في الوقت الحالي، لأن شتاء هذه السنة إنطلقت في موعدها نعم، لكننا لا نعلم هل ستستمر بشكل منتظم أم لا، هذا يبشر بالخير، لكن وجب أن نعلم أن مثل هذه التساقطات قد تؤدي إلى أمطار طوفانية تعقبها فيضانات، كما يمكن أن ينقلب الأمر إلى شح في التساقطات ويؤدي بنا الى الجفاف، وقد تكون منتظمة كما وقع في السنوات القليلة الماضية.

فإذا كانت التساقطات منتظمة سيكون الناتج الفلاحي مرتفع، لكن رغم ذلك وجب أن نعلم أن الفلاحة لا تشكل سوى 15 في المائة من الناتج الداخلي الخام وتشغل قرابة 5 مليون من اليد العاملة، كما وجب أن نعلم أن الفلاحة لم تعد بإمكانها تشغيل اليد العاملة بأرقام أكبر يعني أنها تبقى قطاع جد محدود.

وفكرة الإقتصاد المغربي مرتبط بالتساقطات هي فكرة خلفها المستعمر الفرنسي، ولم تعد صالحة اليوم بالنظر للتطورات الإقتصادية والإجتماعية التي عرفها المغرب منذ ذلك الحين، إذن القطاع الفلاحي لم يعد ركيزة تعتمدها الحكومة لحل الأزمة المالية وأزمة التشغيل.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x