لماذا وإلى أين ؟

إرتجالية الحكومة قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه

الإحتجاج كظاهرة سوسيولوجية ليست وليدة اللحظة في أوساط الشارع المغربي، بل هي ظاهرة اعتاد المغاربة على ممارستها من القدم، وما عرفه المغرب من “انتفاضة لبعض القبائل أو ما سمي بـ”قبائل السيبة”، وصولا إلى المحطات الأساسية التي عرفها الشارع المغربي في الٱونة الأخيرة، وأبرزها حراك 20 فبراير.

تحول في بنية المجتمع أم في بينية المطلب؟

هذا الحراك الذي أعاد النفس الجديد لرفع مطالب سياسية، مباشرة بعد الخفوت الذي عرفه الشارع المغربي خصوصا بعد توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة وما تبعها من ردود أفعال سواء داخل الشارع المغربي عامة أم من خلال المواقف السياسية التي عبرت عنها الأحزاب المغربية في تلك اللحظة.

اليوم وبعد أن أصبح النضال الفئوي سيد الشارع المغربي، خصوصا إذا تمحصنا جيدا في ما عرفته البلاد من حراك في منطقة الريف، وجرادة وزاكورة… يظهر أن المطالب التي رفعها المغاربة في 20 فبراير تعرف الإتجاه حول منحى جديد، منحى ابتدأ بما هو سياسي، لينتقل إلى ما هو حقوقي في فترة ما بين 2011 و 2016، ثم سيطرة المطلب الاجتماعي والشخصي الذي يخص فئة معينة، ليصل اليوم إلى المطالبة فقط بالإبقاء على الساعة.

تحول عميق في البنية المطلبية لجل الحركات الإحتجاجية التي أصبح يقودها الشباب المغربي، تحول لا يعكس فقط القرارات الحكومية المجحفة في حق سكان هذا البلد، بل يعكس كذلك كيف إستطاعت الحكومة أن تجر المواطن إلى بحر يتخبط فيه بين أمواج القرارات التي تخدم في مجملها جهة معادية للمصلحة العامة، وهذا ما عبرت عنه كافة الحركات التي عرفها المغرب.

إن هذه التحولات تعكس كذلك كيف أصبح المواطن المغربي مفعول به في جل القرارات التي تتخد في حقه، بعيدا كل البعد عن المنهجية الديموقراطية الحقة التي تقتضي أن يكون المواطن هو الفاعل في اتخاذ قراراته المصيرية، بعيدا عن البيروقراطية الحقة التي أصبحت تتبناها الحكومة المغربية في صياغة سياساتها العمومية.حكومة غائبة وسط مجتمع نشيط.

حكومة غائبة وسط مجتمع نشيط

من المؤثر والمؤسف جدا أن نسمع أن الحكومة المغربية قد عقدت مجلس حكومي استثنائي للزيادة في التوقيت الرسمي، وإعمال التوقيت الصيفي في “الشتاء”، دون أن تجتمع لا بشكل عادي ولا بشكل رسمي لتضع تقييم جدي ومسؤول لقرارتها التي لا يمكن أن صفها إلا بأنها فارغة من محتواها الاجتماعي من جهة، ومن جهة أخرى تفتقد للإرادة الشعبية على إعتبار أن ممثلي الأمة لم يصادقوا ولم يناقشوا جل القرارات الحكومية المصيرية بما فيها تغيير التوقيت الذي تعمل به البلاد والذي حدده الملك الراحل الحسن الثاني في مرسوم سنة 1967 في العمل بالتوقيت الرسمي لغرينتش دون أي زيادة ولا نقصان.

من الطبيعي أن يظهر للمسؤولين الحكوميين أن الزيادة أو النقصان في الساعة هو أمر عادي، خصوصا إذا علمنا أن هذا القرار لا يعتمد على أي دراسة علمية، كما أن بعض هؤلاء المسؤولين لا يعرفون حتى المصدر الرئيسي الذي أمر بتنزيل هذا المرسوم، لكن ما لايظهر لهؤلاء هو أن هذا القرار ذي الطبيعة الاجتماعية الصرفة من الممكن أن يتحول إلى مطلب سياسي قد يعصف بهذه الحكومة الغير متناسقة، وهذا ما شهدناه بالفعل في الوقفة التي نظمت بأكادير حيث رفعت لافتة رئيسية مكتوب عليها “الساعة نقصوها …الحكومة حيدوها”.

أسئلة حارقة

فمن خلال هذا الشعار هل يمكن أن نقول إن الشارع المغربي أصبح يعي أن كل قرار إجتماعي له بعد سياسي، ومنه أصبح يحول مطالبه التي يعبر عنها بقالب إجتماعي بطرح بعدها السياسي؟ أم أن حالة وقفة أكادير هي حالة استثنائية ولا تعزو أن تكون القاعدة التي سينبني عنها هذا التحول؟. ولماذا لا نذهب بعيدا في التفكير ونقول أن هذه القرارت التي إعتبرتها الغالبية الشعبية قرارات مجحفة من الممكن أن تعجل بحراك مجتمعي جديد؟.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
Aziz
المعلق(ة)
1 نوفمبر 2018 07:49

قرار الإبقاء على التوقيت الصيفي إن كان مصدره مدير الرونو فعلا يعتبر خيانة عظمى في حق الوطن…لذلك وجب إعدام البكماني وكل المسؤولين الخونة الذين صادقوا على هذا القرار

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x