2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

نورالدين زاوش *
في بداية شهر ماي، خيّم جو كئيب على سماء السياسة في مملكتنا الشريفة، كان بطله النكرة “بنكيران” الذي أطلق أوصافه الرعناء على فخامة رئيس الدولة الفرنسية “إيمانويل ماكرون” واصفا إياه ب”المذلول”؛ ربما لأنه رآه لم يسعفه الحظ في أن يكتب استقالته على أوراق “الزبدة” مثلما يفعل الزعماء الحقيقيون، أو رآه عاجزا عن إصلاح “الصالون والكوزينة وبيت النعاس” مثلما يفعل أقرانه الأفذاذ، أو ربما لأنه لن يتقاضى، حينما سيغادر منصبه، معاشا سمينا لم يساهم فيه ب”أورو” واحد مثلما يتقاضى أصحاب “المرجعية الإسلامية”، الذين يعرفون جيدا مِن أين تؤكل الكتف والفخذ والعنق.
العجيب في الأمر، أن المخلوع “بنكيران” لم ينبس ببنت شفة، حينما كانت المملكة المغربية الشريفة في مواجهة مصيرية مع الجمهورية الفرنسية، وكان الصراع بينهما على أشده؛ حيث رفعت الاستخبارات الفرنسية تقريرا للرئيس “ماكرون” تحذره فيه من الإذعان لضغوطات المغرب فيما يخص الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه؛ وما ظهر “بنكيران”، المتواري عن الأنظار، بلسانه السليط الذي يتقاطر حقدا وكراهية على هذا الوطن الحبيب، وهو يتهجم بأسلوب منحط وغير مسؤول على رئيس دولة تملك حق النقض في مجلس الأمن؛ إلا حينما وضعت الحرب أوزارها، وصار فخامة السيد “ماكرون” يعزف سنفونية الصحراء المغربية في البرلمان المغربي.
في ظل هذا الجو السياسي المكفهر، يبزغ شعاع من النور لِيُبدَّد هذه الكآبة القاتمة، وتمثَّل في رد دولة الإمارات الشقيقة على دويلة الجزائر المصطنعة؛ ليس عبر بيان ديبلوماسي رسمي كما جرت العادة؛ بل فقط عبر مقال في صحيفة “البيان” الإماراتية؛ وجاء هذا الرد على إثر إقدام دويلة الجزائر على إذاعة ما سمي ببيان صحفي مليء بالحقد والغل والمغالطات اتجاه دولة الإمارات؛ وبقدر ما يعكس هذا المقال مدى الشنآن الذي تكنه دولة الإمارات العظيمة للنظام الجزائري اللقيط، يعكس أيضا مدى متانة حبال الود المتبادلة التي تجمع بين دولة الإمارات الشقيقة والمملكة المغربية الشريفة، حيث وصفها المقال ب”الأخوة الحقيقية”.
إن ما راعى انتباهي في مقال “البيان” الإماراتية، المحبوك لفظا ومعنى، والذي أصاب قصر المرادية في مقتل، هو افتتاحه ب: “ليس من عادة دولة واثقة بنفسها أن ترد على الترهات، ولا من شيم الدول الراسخة أن تعير الهياج الصاخب أذنا صاغية”، وهو ما ذكَّرني بالضجة، غير المسبوقة، التي أثارها النكرة “بنكيران” بعد إعفائه من رئاسة الحكومة، محاولا بذلك افتعال أزمة بين “الرباط” و”دبي”، حيث شنَّ هجوما لاذعا على السيد “ضاحي خلفان”، الرئيس السابق لشرطة دبي، واصفا إياه ب”وجه النحس”.
لكن حكمة دولة الإمارات الشقيقة التي لا ترد على الترهات، وبصيرتَها التي تجعلها لا تعير انتباها للنعيق والنهيق، مثلما جاء في مقال “البيان” الأخير، حالت دون نجاح مخططات “ذو المعاشين”، الذي لا همَّ له سوى أن يختار التوقيت المناسب، بعناية فائقة وخبث شديد، ليسيء للمصالح العليا للبلاد؛ مهما بدا للساذجين والمغفلين والمرضى النفسانيين بأنه مجرد رجل وطني خالص، يتحدث بعفوية فيسيء التعبير.
*عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة
الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.