2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

مصطفى المصموضي
يعرف الحقل التشريعي المغربي منذ تنصيب الحكومة بقيادة رئيسها السيد عزيز اخنوش، دينامية مهمة سواء عبر سن قوانين جديدة ضلت معلقة لسنوات، أهمها قانون الاضراب او وضع أخرى سارية المفعول موضع التعديل مثل قانون المسطرة المدنية، قانون المسطرة الجنائية وقانون الاسرة. قوانين مهمة تحدد المصير الحقوقي للمغاربة وامنهم القانوني نظريا على الاقل.
لكن أي متتبع سيلاحظ كمية التحفظات والرفض الكبيرين لها سواء من ناحية منهجية التشريع او مضمون النص، رفض عبرت عنه مجموعة من القوى السياسية والحقوقية والمدنية، تبلور في نقاش اجتماعي واسع، سواء بين المواطنين على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي او نقاشات داخل الصالونات بين الهيئات المدنية والسياسية والحقوقية.
نقاشات امتدت الى المؤسسات الدستورية التي أبدت ملاحظاتها وقدمت توصيات بشأنها لإعادة قراءة هذه النصوص التشريعية، توصيات تعاملت معها الحكومة بمنطق الطرشان مفضلة منطق فرض امر الواقع عبر تمرير هذه القوانين دون توافق اجتماعي حولها معتمدة على اغلبيتها السياسية في ذلك قانون، الاضراب نموذجا.
ولكون قانون المسطرة الجنائية اخر ما تم تمريره عنوة من طرف السيد وزير العدل والقيادي بحزب الاصالة والمعاصرة، دون تغيير للمادة الثالثة التي ستكبح كل امكانية للتبليغ عن قضايا الفساد من طرف الاطارات الحقوقية والمدنية التي عملت منذ سنوات على فضح الفساد والمفسدين في الحقل الاداري والسياسي والاقتصادي وكان لها دور كبير في ذلك.
إن تمرير المادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية التي تم المصادقة عليها بالمؤسسة التشريعية دون الاستجابة للتعديلات التي طالبت بها هذه الهيئات المدنية و الحقوقية، يختزل عقلية النخبة السياسية التي انتجته في نشاز تام مع توجهات الدولة ممثلة في وزارة الداخلية التي تعمل جاهدة على محاولة كبح جماح فساد الفاعل السياسي سواء من خلال احالة ملفات كثيرة على القضاء او من خلال حملاتها لتحرير الملك العام الذي يعرف استغلالا بشع من طرف جهات نافذة او شخصيات من داخل المجالس التمثيلية او حتى من طرف مواطنين يستفيدون من غض الطرف عنهم، انه وضع يطرح الكثير من التساؤل والحيرة،
ففي الوقت الذي كان من المفروض أن دور النخب السياسية مواجهة السلوكيات الفاسدة للإدارة اذا وجدت، والدفع بتخليق الحياة السياسية و الفضاء العام وفتح المجال امام كل إمكانيات التبليغ عنها من طرف المجتمع الحقوقي و السياسي، نجد الدولة ممثلة في وزارة الداخلية هي من تقوم بهذا الدور في حين اصبح الفاعل السياسي غارقا في قضايا الفساد، و الادهى من ذلك يستغل دوره التشريعي لإصدار قوانين تحمي من التبليغ المباشر عن المفسدين.
هذا الانقلاب في الادوار يجب الانتباه اليه جيدا وان يتحمل فيه المواطن المغربي المسؤولية كما الدولة ممثلة في الادارة التي يجب ان تحمي صوت الأقلية، التي وصلت نسبة عدم مشاركتها 49% في الانتخابات الاخيرة، نعم حماية صوتها انسجاما مع الفهم الجديد لما بعد الحداثة لمفهوم الديموقراطية التي تأكد ان اختزالها في الاغلبية العددية تؤدي لا محالة للاستبداد فيما البديل يكمن في بلورة تصورات تشريعية تشاركية منفتحة على آراء كل التمثيليات المجتمعية من اجل صياغة مستقبل مشترك متوافق عليه بين جميع المغاربة.
الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.
هذه الشوشرة تعكس وجود لحظة مفصلية بين الامس واليوم، ذالك الامس الذي كان يسلك فيه المفسدون طرقا ملتوية للتحايل على القانون عبر الوسطاء والسماسرة ودوي النفود، ويركن الكتير منهم في منطقة الضل ليستفيدو من خدام الفساد عبر شبكة لا تظهر للعيان، أما اليوم فقد كشر المفسدون عن انيابهم بعد ان طفحت نقطهم السوداء على السطح بسبب المراصد وجمعيات حماية المال العام، فاصبحو عبر لوبياتهم يحاكمون النوايا ويحاججون بالقوانين والمراسيم عبر الاغلبية لإسقاط الدعوة العمومية ومحاصرة المجتمع المدني والحيلولة دون حقة في الولوج الى القضاء. والفرق الجوهري انهم كانو متسترين حيت الدهاليز المضلمة كانت في خدمتهم، واليوم تكشفو للعلن فاختارو المواجهة.
( كبح دور الجمعيات في التبليغ عن الفساد، الى اين نسير؟ )
بالطبع نسير إلى الفساد الشديد الدائم ،والى زيادة اغتناء المفسدين وافتقار الفقراء. وبالتالي انحدار المغرب الى هاوية الضياع لا قدر الله. ( ربنا اكشف عنا العذاب إنا مومنون )
اللهم ربنا اضرب على أيدي المفسدين ومشجعي الفساد .