2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أكثر من ٪80 من النشاط التجاري خارج القانون: نداءٌ لإصلاح شامل لقانون التجارة المغربي

كشف النائب الأول لرئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة سوس ماسة؛ البشير أحشموض، قانون التجارة المعمول به حالياً في المغرب، والذي يعود إلى سنة 1996، لم يعد يعكس التحولات العميقة التي عرفها النسيج التجاري المغربي. ورغم أنه مثّل خطوة متقدمة في وقته، إلا أنه أصبح اليوم “عفا عليه الزمن”، على حد تعبيره، وغير قادر على مواكبة متطلبات التجارة الحديثة.
وأشار أحشموض إلى أن التجارة المغربية أصبحت أكثر ترابطاً وتعقيداً، مجزأة في بنيتها، وغير رسمية في جزء كبير منها، وهي مدفوعة بجيل جديد من التجار الصغار ورواد الأعمال الذاتية وتجار التجزئة الرقميين، في مقابل قانون لا يزال حبيس منطق الرقابة والعقوبات.
من بين أبرز ما كشفه أحشموض، في تدوينة له، هو أن أكثر من ٪80 من النشاط التجاري في المغرب يتم خارج الإطار القانوني، وهو ما يعني أن الغالبية الساحقة من الفاعلين الاقتصاديين لا تخضع لأي رقابة تنظيمية أو جبائية، ولا تستفيد من أي حماية اجتماعية أو قانونية.
وأوضح أن “أغلبية كبيرة من صغار التجار ليست لهم وضعية واضحة، ولا سجل تجاري، ولا حماية اجتماعية”، مشيراً إلى فشل برامج الإدماج المهني كبرنامج “العاملين لحسابهم” نتيجة غياب الرؤية والضمانات والثقة في المؤسسات.
وانتقد المسؤول الجهوي المفارقة الصارخة بين الجهود التي يبذلها المغرب في تكوين أطر شابة في مجالات التسيير والتجارة، وواقع سوق غير مهيكل لا يفتح أمام هؤلاء الخريجين فرصاً حقيقية للإدماج أو التطور المهني.
فبينما تُخَرِّج مدارس الأعمال المغربية مئات الأطر سنوياً، يجد هؤلاء أنفسهم في بيئة قانونية وتنظيمية لا تشجع على المبادرة ولا تحفز على الابتكار.
في ظل هذا الواقع، دعا المتحدث إلى وضع قانون تجاري جديد يرتكز على أربع دعائم أساسية، منها منطق التشجيع لا العقاب؛ عبر تبسيط المساطر ودعم التجار بدل تقييدهم، والتمييز بين الصغير والكبير؛ إطار قانوني مرن يتكيف مع حجم ونمط كل نشاط تجاري بالإضافة إلى إلزامية التسجيل عبر الغرف المهنية؛ كما هو معمول به في دول مثل فرنسا وألمانيا والكويت، لضمان تأطير مهني وتمثيل قانوني، وتنظيم الوساطة التجارية للحد من المضاربات وتحقيق عدالة في العلاقة بين المنتج والمستهلك.
كما شدد أحشموض على أن تحديث القانون وحده لا يكفي، بل يجب أن يصاحبه إصلاح عميق في البيئة القضائية، من خلال تحديث المحاكم التجارية والإدارية عبر تأهيلها رقمياً وبشرياً لمعالجة النزاعات بكفاءة وشفافية وتفعيل التحكيم والوساطة التجارية عبر تقوية مراكز التوفيق داخل الغرف التجارية، والاعتراف القانوني بها.
وخلص رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة سوس ماسة بالتأكيد أن المطلوب اليوم هو قانون لا يكتفي بالتقنين، بل يقدم نفسه كـ”دليل مهني” واضح وعملي يعيد الثقة للتاجر ويبسط مساره ويحمي نشاطه ويواكب الرؤية الاقتصادية الوطنية والدولية.