2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ما لا تعرفونه عن الحزب الجنوب إفريقي الذي دعم مغربية الصحراء

في تطور لافت يعكس تحوّلاً في مزاج السياسة في جنوب إفريقيا تجاه قضية الصحراء المغربية، أعلن حزب uMkhonto we Sizwe، بقيادة رئيس جنوب إفريقيا السابق؛ جاكوب زوما، دعمه الكامل لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كحل سياسي واقعي وعملي لإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء. موقفٌ وصفه مراقبون بأنه تراجع واضح عن الخط التقليدي لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC)، ويؤشر إلى توجه جديد في السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا.
الحزب، الذي يُعرف اختصارًا بـMK Party، أصدر بيانًا رسميًا عبر موقعه الإلكتروني تحت عنوان: جنوب أفريقيا والمغرب: تحالف استراتيجي من أجل وحدة أفريقيا، التحرر الاقتصادي وسلامة الأراضي. فيه، أكد الحزب أن الصحراء المغربية “كانت جزءًا من المغرب قبل الاستعمار الإسباني”، معتبراً أن عودة هذه الأقاليم إلى السيادة المغربية تمثل “استعادة شرعية لوحدة التراب الوطني”.
كما شدد الحزب على أن مقترح الحكم الذاتي المغربي يشكل “حلاً متوازناً”، يضمن إدارة محلية للسكان الصحراويين المغاربة في إطار السيادة المغربية، ويوفر مناخًا من الاستقرار والتنمية في المنطقة، مضيفًا أن هذا الخيار يعبّر عن رؤية إفريقية جديدة قوامها التضامن والتكامل بدلًا من الانقسام والصراعات المفتعلة.
وفي انتقاد مباشر للخط السياسي لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC)، اعتبر حزب MK أن دعم الحزب الحاكم للبوليساريو يأتي “تحت تأثير الجزائر”، وأنه موقف لا يخدم مصالح جنوب إفريقيا ولا تطلعات القارة نحو الوحدة والازدهار.
كما ذكّر الحزب في البيان بالروافد التاريخية للعلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا، وعلى رأسها الدعم المغربي لنضال شعب جنوب إفريقيا ضد فظائع الفصل العنصري، وهو ما اعتبره دليلًا على أن التعاون بين البلدين لم يكن يومًا مصلحة سياسية عابرة، بل امتدادًا لعلاقات كفاح مشترك.
لقاء يسفر عن ولادة تحالف جديد
التحول في موقف زوما ليس معزولاً عن تاريخه الشخصي مع المغرب. ففي 29 نوفمبر 2017، التقى الملك محمد السادس بجاكوب زوما في أبيدجان، على هامش القمة الخامسة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي.
كان اللقاء، حينها، بمثابة كسر للجليد بعد توتر دبلوماسي دام أكثر من عقد، نتيجة اعتراف بريتوريا بـ”الجمهورية الصحراوية” الوهمية سنة 2004، وردّ المغرب بقطع العلاقات. اللقاء مهّد لعودة الحوار والتقارب، رغم أن زوما لم يغيّر رسمياً موقف الدولة آنذاك.
لكن اليوم، من موقعه كزعيم لحزب ثالث في البرلمان الجنوب إفريقي بعد حصول MK على أكثر من 14% من الأصوات و58 مقعدًا في انتخابات 2024، اختار زوما أن يُترجم تقاربه القديم مع المغرب إلى موقف حزبي صريح، يواكب الموجة الدولية الداعمة لمقترح الحكم الذاتي المغربي، والتي تشمل دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا، بريطانيا، كينيا وغانا.
هل يتغير ميزان السياسة الخارجية لبريتوريا؟
رغم أن موقف حزب MK لا يمثل بعد السياسة الرسمية لحكومة جنوب إفريقيا، إلا أنه يمثل ضغطًا سياسيًا متزايدًا في وجه الموقف التقليدي الداعم للبوليساريو الذي يمثل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي القائد للحكومة. كما أنه يعكس تحوّلاً أوسع في القارة الإفريقية، حيث باتت العديد من الدول ترى في المبادرة المغربية خيارًا واقعيًا يوازن بين احترام السيادة الوطنية والتنمية المحلية.
في المشهد الجنوب إفريقي، يُنظر إلى MK كحزب يحمل رمزية تاريخية قوية (باعتباره يحمل اسم الجناح المسلح السابق لـANC ضد العنصرية)، ما يمنحه مشروعية مضاعفة عند الحديث عن قضايا السيادة والتحرر. وهذا ما يمنح موقفه من الصحراء ثقلًا سياسيًا ورمزيًا في آنٍ واحد.
بتبنّيه دعم مغربية الصحراء، يفتح حزب uMkhonto we Sizwe صفحة جديدة في العلاقات المغربية – الجنوب إفريقية، ويعيد الاعتبار إلى منطق التعاون التاريخي بدل الاصطفاف الإيديولوجي. ومع تصاعد هذا التوجه داخل الساحة الإفريقية، تزداد احتمالات أن تجد الرباط صدى لمقترحها في قادم الأيام من لدن حلفاء آخرين ممن كانوا بالأمس خصوماً صامتين.