لماذا وإلى أين ؟

ماذا يخفي نزار بركة وراء هجوماته المتكررة على الحكومة؟ لزرق يُجيب

كرر نزار بركة، وزير الماء والتجهيز، والأمين العام لحزب الاستقلال، هجومه على الحكومة، أمام أنصار نقابة حزبه في الفلاحة.

وتركزت انتقادات بركة تجاه الحكومة التي يُشارك فيها، خلال المؤتمر السادس للاتحاد العام للفلاحين بالمغرب، أمس الأحد 22 يونيو الجاري بالرباط، على القطاع الفلاحي، لتعيد هذه التصريحات المثيرة للجدل وتكرارها، إلى الواجهة تساؤلات حول مدى الانسجام داخل التحالف الحكومي، على عكس ما يحرص قادة الأحزاب المكونة لها على تأكيده باستمرار.

في قلب تصريحات بركة تكمن قناعته بأن السياسة الفلاحية الحالية في المغرب لا تخدم سوى المستوردين وكبار الفلاحين، الذي عبر عنه بقوله، في معرض مداخلته: ”الإشكال الحقيقي الموجود اليوم، أقوله بكل وضوح، الذي يستفيد أكثر من السياسة الفلاحية هم المستوردين والفلاحين الكبار … هذا هو الواقع”.

ليست المرة الأولى التي يتبنى فيها نزار بركة خطاباً معارضاً من داخل الحكومة. ففي فبراير الماضي، أثار جدلاً واسعاً بتصريحاته حول استمرار الغلاء في المغرب و”فضح” فشل الإجراءات الحكومية، مستشهداً بمثال دعم استيراد الأضاحي الذي لم ينعكس على أسعار البيع للمواطنين.

كما تثير هجومات نزار بركة المتكررة على سياسات الحكومة التي ينتمي إليها أكثر من علامات استفهام حول دوافعها. هل هي تسخينات انتخابية سابقة لأوانها، أم أنها استراتيجية سياسية تهدف إلى تمييز حزب الاستقلال عن باقي مكونات الأغلبية؟ أم أن هناك صراعاً خفياً حول توجهات معينة داخل الحكومة؟ ثم لماذا لا يجرؤ بركة على إثارة هذه القضايا داخل الحكومة؟ وبشكل خاص مع رئيسها عزيز أخنوش، الذي قد تولى حقيبة الفلاحة لسنوات عديدة، وهل هذا يعني أن بركة بخرجاته يستهدفه؟

تفاعلا مع الموضوع، أكد رشيد لزرق، الخبير الدستوري والمتخصص في الشؤون السياسية، أن حزب الاستقلال راكم خبرة سياسية جعلته فاعلًا حاسمًا في هندسة الأغلبية أو تفكيكها في الداخل .

وأوضح ذات الخبير، متحدثا لجريدة ”آشكاين”، أن عباس الفاسي لعب، في تجربة حكومة التناوب، دورًا مركزيًا في خلق التوازنات الداخلية، لكن الحزب لم يتردد في ممارسة ضغوطه عندما تعارضت مصالحه مع اختيارات عبد الرحمن اليوسفي.

وفي سنة 2013، يضيف ذات الأستاذ الجامعي، جسّد حميد شباط هذه العقلية بخروجه المفاجئ من حكومة بنكيران، ما زعزع استقرار الأغلبية وأدى إلى تعديل عميق في بنيتها. هذه الوقائع تؤكد، في رأي لزرق، أن الحزب لا يتردد في استخدام ورقة الانسحاب كلما تعارضت التحالفات مع طموحه في الريادة.

وشدد على أن نزار بركة، يُعيد، اليوم، تفعيل هذه الدينامية، لافتا إلى أن ”حضوره الهادئ لا يخفي طموحه الكبير لقيادة حكومة 2026، مستفيدًا من مناخ سياسي يبحث عن التوازن بعد تجربة الأحرار”.

وكشف لزرق أن حزب الاستقلال يتحرك على عدة مستويات: تحصين موقعه داخل الحكومة، تقوية حضوره في الأقاليم، واستعادة خطابه التاريخي المرتكز على العدالة الاجتماعية والهوية الوطنية، مبرزا أن كل المؤشرات توحي بأن الاستقلال ”لن يرضى بأقل من موقع القيادة، وأن نزار بركة يشتغل بمنطق التراكم الهادئ نحو رئاسة الحكومة”.

في سياق ذي صلة، أوضح المتحدث أن ”التعادلية شكلت جوهر الخطاب التاريخي لحزب الاستقلال منذ مرحلة ما بعد الاستقلال، باعتبارها بديلاً ثالثًا يرفض الثنائية القطبية بين الرأسمالية الليبرالية والشيوعية الماركسية”.، لافتا إلى أن هذه المقاربة “صاغها علال الفاسي كاختيار مغربي ينبع من الخصوصية الوطنية ويهدف إلى تحقيق توازن بين العدالة الاجتماعية والمبادرة الحرة””.

وتابع أن التعادلية في مرجعية الاستقلاليين، دافعت عن ”دور الدولة في توجيه الاقتصاد دون احتكاره، وعن التوزيع العادل للثروات دون المساس بالملكية الخاصة”، كاشفا هذا التصور ”منح الحزب قدرة على تبني خطاب اجتماعي وطني، يُزاوج بين الأصالة والانفتاح، ويمنحه مشروعية تاريخية في النقاش السياسي المغربي”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
سعيد
المعلق(ة)
24 يونيو 2025 13:07

حزب الاستقلال حزب وطني ضارب في جدور التاريخ . إلا أن غالبية الأحزاب المغربية الآن مشكلتها أنها ترتكب خطأ كبيرا وخطيرا هو ما يعطل التنمية في المغرب وهو جذب رجال المال والاعمال الذين لا علاقة لهم بتاتا بالسياسة والتسيير والتدبير والوطنية ومصلحة الشعب والوطن لأنهم بكل بساطة همهم الربح الشخصي هذا هو مبدأهم الأساسي . الاحزاب غيبت عمدا إستقطاب المفكرين والمثقفين والكفاءات العليا في كل المجالات . وهذا ما كان ولا يزال يفرز لنا وزراء وبرلمانيين بيزنيسمان وزير التعليم ورئيس الحكومة كنموذج . و نتيجة كل ذلك هو تعطل التنمية في الوطن وتضييع الملايير كسوء تدبير أو تضارب المصالح لأن هؤلاء يدافعون عن مصالحهم ومصالح أصدقائهم المستثمرين عوض الدفاع عن مصلحة الشعب والوطن . بمعنى الفساد السياسي . على الدولة أن تغير قانون الانتخابات البرلمانية والجماعية من جذوره وتضع فيه شروط واضحة من أهمها حسن السيرة والكفاءة العالية . أما خرجة نزار بركة هذه فهي تعتبر شطحة إنتخابية سابقة لأوانها . فأين كان من قبل .

محمد
المعلق(ة)
24 يونيو 2025 11:19

انه جينو م او جين الخيانة يفعلوها مند التأسيس وفي التاريخ القريب فعلها شباط مع البجد وفعلها سلفه مع المرحوم اليوسفي ليس غريب ان يفعلها بركة ومن بعده

مريمرين
المعلق(ة)
24 يونيو 2025 09:30

“هجوم” نزار البركة على الحكومة يذكرني ب”الخلاف أو الاختلاف” بين أمريكا و الكيان الصهيوني .. . أقول لزعيم حزب الميزان : إذا
كانت مواقف حزبك لا تنسجم مع مواقف الحكومة فلماذا بقيت فيها طيلة هذه المدة؟؟ ، المغاربة يا سي نزار لهم ذاكرة و ذاكرة قوية.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x