2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
لسعات العقارب ولدغات الأفاعي تستنفر وزارة الصحة في ظل ارتفاع الحرارة

في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، التي تشهد تزايداً في حالات التسمم الناتجة عن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي،
وأكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، أن الوزارة تلتزم بتحقيق هدف “صفر حالة وفاة” من هذه التسممات، مشدداً على أهمية التوعية وتحسين الولوج للعلاج، خاصة في المناطق القروية والنائية.
وأوضح الوزير، في تصريح توصلت به ”آشكاين” أن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي لا تزال تمثل “إشكالية صحية قائمة ومستمرة” في المغرب، مؤثّرة بشكل خاص على المناطق القروية والأسر في المناطق النائية والفئات الهشة. وأشار إلى أن هذه الحالات، رغم أنها “غير بارزة إعلاميًا”، تتطلب استجابة سريعة وعادلة.
وكشف التهراوي عن إحصائيات مقلقة، حيث يسجل المغرب سنوياً ما معدله 25,000 حالة لسعة عقرب وحوالي 250 حالة لدغة أفعى.
ولفت إلى أن خطورة هذه الحالات تتفاقم غالبًا بسبب “البعد الجغرافي، أو نقص المعلومة، أو محدودية الولوج السريع للعلاجات الملائمة”.
وشدد على أن المغرب انخرط، منذ أكثر من عشرين عاماً، في استراتيجية وطنية مهيكلة لمكافحة التسممات، ترتكز على أربع دعائم أساسية: الوقاية، التكفل الطبي، المراقبة الوبائية، والتوعية المجتمعية. وقد أثمرت هذه المقاربة المتعددة القطاعات نتائج ملموسة.
تُظهر المعطيات الوبائية أن هذه الحوادث تشكل خطورة خاصة على الأطفال والفئات التي تعيش في عزلة، وتسجل تزايداً ملحوظاً خلال فصل الصيف. فمنذ سنة 1999 حتى نهاية 2024، يسجل المغرب سنوياً ما يقارب 25,000 حالة لسعة عقرب، وأكثر من 250 لدغة أفعى، مع تركز الوفيات بشكل خاص في صفوف الأطفال دون سن الخامسة عشرة. هذه الأرقام تُظهر أن التسممات، رغم التقدم المحرز، لا تزال تشكل خطراً حقيقياً.
استجابةً لهذا الوضع، وضعت الوزارة منذ سنة 1999 استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة هذه التسممات، عززتها في عام 2013، بهدف رئيسي هو الوصول إلى “صفر وفاة” بسبب لسعات العقارب.
تعتمد هذه الاستراتيجية على مقاربة متعددة القطاعات ترتكز على محاور أساسية، منها: تعزيز التوعية والوقاية، تحسين التكفل العلاجي، التكوين المستمر لمهنيي الصحة، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية.
وقد أثمرت هذه الجهود نتائج إيجابية وملموسة: انخفض معدل الوفيات الناجمة عن لسعات العقارب من 2.37% (1999) إلى 0.14% (2023)، كما انخفض معدل الوفيات الناجمة عن لدغات الأفاعي من 7.2% (1999) إلى 1.9% (2024).
رغم هذا التقدم، لا يزال تحقيق هدف “صفر وفاة” يواجه تحديات بنيوية. وتشمل هذه التحديات: السكن غير اللائق، صعوبة الوصول للمؤسسات الصحية في بعض المناطق المعزولة، التأخر في طلب الرعاية الصحية، واستمرار بعض الممارسات التقليدية الخاطئة التي تعيق التكفل السريع بالمصابين. كما أن عوامل بيئية ومناخية كارتفاع درجات الحرارة وطبيعة التضاريس الجغرافية، تساهم في انتشار العقارب والأفاعي.
تواصل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عبر المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، جهودها من خلال تعزيز التوعية والتحسيس عبر حملات مكثفة ومستمرة، خاصة في المناطق المعرضة للخطر، للتعريف بوسائل الوقاية وضرورة الإسراع بنقل المصابين إلى المستشفى.
كما تعمل على تحسين التكفل العلاجي بتوحيد منهجية التعامل مع الحالات، وتصنيفها حسب الخطورة، وتوفير الأدوية والمستلزمات الضرورية، مع دور أساسي للمراكز الصحية القروية ونظام المداومة الطبية المتواصل.
هذا بالإضافة إلى تعزيز التكوين المستمر لمهنيي الصحة لرفع كفاءتهم، وتعزيز النقل الطبي الاستعجالي بتوفير سيارات إسعاف مجهزة وملائمة للمناطق الوعرة لضمان سرعة نقل المصابين. كما يتم تأمين الأدوية والأمصال عبر اقتناء وتوزيع أكثر من 1200 وحدة علاجية تركيبية خاصة بلسعات العقارب، و600 حقنة من الأمصال المضادة لسم الأفاعي على جميع جهات المملكة، كإجراء استباقي.
تجدر الإشارة إلى أن المغرب يعتمد مصلاً مضاداً متعدد الأنواع (Inoserp MENA) لمواجهة الأنواع السامة المنتشرة محلياً، بينما تم حذف المصل المضاد للسعات العقارب لعدم فعاليته ومخاطر الصدمة التحسسية، مع التركيز على علاج الأعراض الخطيرة في مصالح الإنعاش.
تؤكد الوزارة أن مكافحة هذه التسممات مسؤولية جماعية تتطلب تنسيقاً بين القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، لمواجهة الأسباب البنيوية وضمان استفادة كل مواطن من الحماية ضد هذه المخاطر القابلة للتفادي.