طبعا يا بنكيران أنت بشر غير عادي

آشكاين من الولايات المتحدة الأمريكية/شريف بالمصطفى

أعجبني تصريح عبد الإله بنكيران الأمين العام السابق ورئيس الحكومة السابق حين قال :” أنا لست إنسانا عاديا، أنا جزء من تاريخ المغرب”، فقد يتبادر إلى الذهن المُطلع على هذا التصريح أن الرجل يتحدث بتكبر وأنانية ونرجسية، ولكن كل ذلك يخفي أشياء عديدة.

بنكيران يا سادة يا كرام، ليس إنسانا عاديا، هذا شيء مؤكد، فلو كان بشرا عاديا ما كان ليرمي بالمغرب والمغاربة عموما في المصائب تلو الأخرى منذ أن وطأت قدماه مقر رئاسة الحكومة.

ففي عهد هذا الإنسان غير العادي، تم ضرب أساتذة الغد الذين سالت دماؤهم في الشوارع بمختلف مدن المغرب، وفي عهده أيضا تم اقتحام كلية الطب حيث عُنِّف الطلبة الأطباء بعد أن خاضوا عدة إضرابات، وفي عهده أيضا تفاقمت مديونية المغرب ووصلت إلى مستويات قياسية، حتى أن بعض الخبراء الإقتصاديين أكدوا على أن ما اقترضه بنكيران في ولايته الأولى يتجاوز ما اقترضته خمس حكومات سابقة.

بنكيران ليس إنسانا عاديا بتاتا، فلو كان كذلك ماكاين ليعِد المغاربة إبان الحملة الإنتخابية بمحاربة الفساد والقطع مع المفسدين وآكلي المال العام وناهبي ثروات البلاد، فبمجرد وصوله للمنصب تراجع عن كل ذلك وأطلق مقولته الشهيرة “عفا الله عما سلف” وربط فشله بمن سماهم “التماسيح والعفاريت” أي أن هناك قوة أخرى تكبح جماحه، وتفسد عليه مخططه العبقري لتحويل المغرب إلى جنة الخلد.

لقد سجل التاريخ أيضا، أنه في عهد هذا البشر غير العادي اندلعت أكبر الاحتحاجات الشعبية في المغرب، انطلاقا بتلك التي شهدتها مدن الشمال ضد غلاء أسعار الماء والكهرباء ومرورا بحراك الريف ثم حراك جرادة وحراك زاكورة وهلم جرا، وما أعقب ذلك من أحداث مأساوية شوهت صورة المغرب في الخارج وزجت بأبناء الوطن في السجون فقط لأنهم طالبوا بالعدالة الاجتماعية التي وعدهم بها الإنسان غير الغادي ولم ينفذ وعده.

هذا الإنسان الذي ليس كباقي بني البشر، كان لا يفلت أية فرصة وُضع أمامه ميكروفون إلا وهاجم فيها العديد من الأحزاب وكال لها التهم والسب والشتم وفي آخر المطاف يتحالف مع زعمائها أو في أحسن الأحوال يصافحهم ويتودد إليهم ويتقرب منهم لعلهم يوافقون على دخول حكومته بشروطهم، فبقي بلا حول ولا قوة ولم يتبق من منصبه سوى الإسم فقط.

في عصر بنكيران يا كرام، وكما سلف الذكر خرج القضاة للتظاهر وهي سابقة في تاريخ المغرب، وأضرم العديد من المواطنين النار في أجسادهم بعدما أنهكتهم الحكرة والظلم المستشري والفقر والحاجة واللاكرامة، كما وصلت صناديق التقاعد إلى مستويات متدنية لتدق ناقوس الخطر حول مستقبل المغاربة، دون أن ننسى أن عصر بنكيران كان حافلا بالفضائح التي تورط فيها أبناء حزب اتخذ من الاسلام مرجعيته الأولى، وهذه الفضائح لا يسعنا المجال للحديث عنها مادام أغلب المغاربة يعرفونها حق المعرفة.

هذا البشر غير عادي بالمرة، لأنه أمضى سنين طويلة وهو نائب برلماني يتقاضى الملايين شهريا ثم صعد إلى منصب رئيس الحكومة وتضاعف راتبه السهري وارتفعت تعويضاته الشهرية والسنوية طوال خمس سنوات وفي آخر المطاف هاهو يتسول من ملك البلاد مرتبا شهريا سمينا، دون أن نعلم كيف لتلك الأموال الطائلة التي راكمها أن تذهب أدراج الرياح والله وبنكيران أعلم بذلك…

وفي الختام، نعيد القول بأن بنكيرا فعلا ليس بشرا عاديا، فلو كان كذلك ماكانش غايدير فالمغاربة هاد الحالة…