لماذا وإلى أين ؟

سقوط حكومة العثماني وملتمس بركة

بعد أشهر من الشد والجدب بين الفرقاء السياسيين بشأن إعتماد اللغات الأجنبية في التدريس بالمؤسسات التعليمة تدخل حكومة العثماني في منعرج جديد يخلط الأوراق ويعمق من أزماتها المستمرة منذ تشكيلها، وذلك بمطالبة حزب الإستقلال سعد الدين العثماني بطرح مسألة منح الثقة في حكومته وربطه بالتصويت على القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي.

إن تقديم الإستقلال لهذا الطلب عبر بلاغ للجنته التنفيذية، يدخل في إطار المناورات السياسية الساعية إلى كسب بعض النقاط لا إسقاط الحكومة، وهو اعلان عن الانضمام إلى طابور الأحزاب التي تخوض حملة انتخابية سابقة لأوانها لأن طرح مسألة منح الثقة من الناحية الدستورية هي مخولة لرئيس الحكومة حصرا، لذا لو كان الإستقلال فعلا يسعى إلى إسقاط الحكومة لرفضه سياساتها وتجاوز البلوكاج الذي عرفه التصويت على القانون الإطار كان عليه أن يقدم ملتمسا للرقابة وفق ما هو منصوص عليه في الفصل 105 من الدستور.

يمكن للمتابع للشأن السياسي المغربي أن يلاحظ أن السلوك السياسي لحزب الإستقلال منذ خروج أمينه العام، نزار بركة من المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، أصبح يستعمل خطابا سياسيا هجوميا يعكس مساعيه لإستغلال صراع مكونات الأغلبية والسياسة الفاشلة للحكومة من أجل تلميع صورته التي إهتزت مع تورط أمينه العام السابق عباس الفاسي عندما كان وزيرا للتشغيل في فضيحة النجاة التي دمرت مستقبل عدد من المعطلين. هذه الصورة التي تشوهت مع شعبوية حميد شباط وعجلت باحتضاره سياسيا. ما قد يعني أن طلب طرح مسألة الثقة مجرد زوبعة في فنجان وبلون إختبار.

أعداء فيما بينهم وحلفاء في قهر المواطن

تاريخيا، لم تطرح أي حكومة عرفها المغرب مسألة ثقة لكسب تأييد البرلمان، ولعل الإستقلال يدرك أن العثماني وحزبه لن يتجه إلى هذا الإجراء الدستوري مهما كلفه الثمن لأنه، من جهة، لا يقف مع حلفائه على قلب رجل واحد، وعلاقاته بهم يغلب عليه إنعدام الثقة والضرب تحت الحزام. ومن جهة أخرى، يبدو أن طرح مسألة الثقة غير واردة لدى الأحرار والإتحاد الإشتراكي والحركة الشعبية والإتحاد الدستوري، لأن إسقاط الحكومة سيربك إستعداداتهم للإنتخابات المقبلة، ويفقد بعضهم موطئ قدم وسط الحكومة لأن البيجيدي سيحاول تصفية حساباته معهم خلال تشكيله لحكومة جديدة في حالة سحب الثقة.

ولعل أن حزب الإستقلال حتى ولو سعى إلى إسقاط حكومة العثماني عبر تقديم ملتمس الرقابة، فلن ينجح في ذلك حتى ولو تحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة الذي يحتل الرتبة الثانية في عدد المقاعد البرلمانية، بسبب عدم قدرتهما على توفير النصاب الدستوري المتمثل في الأغلبية المطلقة، واستحالة إقدام بعض مكونات الأغلبية على مساندة المعارضة في إسقاط الحكومة، خاصة في الوقت الحالي. إذ سيكون مصير ملتمس الرقابة هو نفس مصير الملتمس الذي قدمه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1964 والملتمس الذي قدمه الإتحاد الإشتراكي والإستقلال عام 1990، أي الفشل في إسقاط الحكومة.

إن حكومة العثماني لن تسقطها، التصريحات النارية ولا بلاغة البيانات ولا الخطب العصماء، بل تسقطها صرخة من قلب معاناة المقهورين من سياسياتها الفاشلة، فالحكومة دمية من ورق تحتها نفط قد إندلق بدلا من أن تلعنوها أشعلوا عود الثقاب. رحمكم الله.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
simo
المعلق(ة)
4 أبريل 2019 21:08

حان الوقت لرحيل هذه الحكومة الفاشلة على كل المستويات ،اللهم عجل برحيلها رحمة بالمغرب والمغاربة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x