لماذا وإلى أين ؟

متخصص في علم النفس الاجتماعي: فيديو “حمام الحافلة” يفضح تناقض المجتمع (حوار)

حاوره محمد دنيا

أثار شريط فيديو لشابان يستحمان داخل حافلة للنقل العمومي بمدينة أيت ملول، ضجة ونقاشا واسعا على مختلف مواقع التواصل الإجتماعي بالمغرب، حيث اعتبر عدد من النشطاء سلوك هؤلاء الشباب؛ مظهرا من مظاهر “السيبة” التي تشهدها حافلات النقل العمومي؛ والفضاء العمومي بشكل عام.

ومن أجل مقاربة هذا الموضوع الذي إستأثر باهتمام فئة من المغاربة؛ مقاربة علمية، يستضيف الموقع الإخباري “آشكاين”، الإختصاصي في علم الاجتماع والتحليل النفسي؛ مصطفى الشكدالي، بغية أخذ موقفه وقراءته الأولية بخصوص هذا السلوك.

بلا شك تابعتم موضوع ما أصبح يعرف بـ”حمام الحافلة”، ماهي قراءتكم الأولية لهذا السلوك؟

كقراءة أولية، يظهر لي أن هؤلاء الشباب بقيامهم بهذا الفعل، بمعنى أنهم حولوا حافلة النقل العمومي إلى حمام فعلي ويغتسلون داخلها، هذا فقط بسبب الرغبة ليصبحوا مرئيين، لأنهم لايرى لهم ولا يلاحظون، بمعنى لا يهتم بهم أحد في الواقع، وبالتالي يرغبون في أن يتحولوا إلى موضوع فيه نوع من الإستفزاز للآخر.

لذا فأنا أعتقد بأن المحرك الأساسي؛ هو محرك سيكولوجي، بحيث أنهم يهدفون لأن يكونو مرئيين لدى الجميع، ثم لأنهم يفهمون أن ما أصبح يعرف بـ”البوز”؛ يفرض القيام بأفعال مشينة من قبل ما رأيناه، لأن الإنسان عندما يفشل في تحقيق ذاته بطرق فيها شيء من الإستحقاق والمثابرة والاجتهاد، يبحث للفت الانتباه بطرق على هذه الشاكلة، وهذا الفعل هو محاولة لا شعورية منهم لإثبات الذات.

ماهي قراءتكم لتفاعل نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي مع هذا السلوك ؟

في الحقيقة، إن الإشكال الكبير ليس في هؤلاء الشباب، فكما لاحظنا جميعا أن ردة الفعل لم تكن حاضرة بالمرة، بمعنى شابين يقومان بالإغتسال داخل حافلة للنقل العمومي؛ ومعهم ناس آخرين، ولا أحد يبالي، المشكل في اللامبالاة، لأن هؤلاء الشباب حاولوا أن يكونو مرئيين في الواقع؛ ففشلوا في ذلك، لأن لا أحد اهتم بوجودهم، لكنهم استطاعوا أن يصبحوا مرئيين في العالم الإفتراضي.

هنا يمكن أن نتساءل؛ هل العالم الإفتراضي أصبح له حضور فعلي؟ لأنه في الواقع لم يهتم أحد بهؤلاء الشباب، لكن عندما نُشر شريط فيديو وداع في وسائل التواصل الاجتماعي؛ أصبح الكل يتحدث والكل يدين، كأن الواقع لا وجود له، لأنه في الواقع الحقيقي لم يتحرك أحد، رغم أن الحافلة كانت ممتلئة بالركاب، ولا أحد منهم تكلم، ولماذا نتحدث نحن الآن؟ لأن الفيديو نشر، ولو لم ينشر؛ ما كانت هذه الضجة، ستكون الأمور عادية وسيقال “غير الشباب الله يهديهم وكولشي يمشي فحالو”.

هذه السلوكات ربما تعكس شيئا من الواقع، ألا يمكن القول أن واقع مجتمعنا يعاني الخلل؟

الخلل واضح، فحينما قلت بأن الشباب يرغب في أن يكون مرئيا، بمعنى أن الشباب ينقصه الإعتراف لأننا لا نعترف به في الواقع؛ ولا نراه كما يجب أن نراه، ولا نشجعه لإنتاج مشاريع ولا نوفر له ظروف النجاح، وبالتالي فالتهميش هو الذي يدفع الشباب للقيام بمثل هذه السلوكات، والتهميش هنا ليس بالضرورة ذلك المعنى المادي للكلمة، وإنما كذلك بالمعنى الآخر؛ غياب التشجيع والحنان والعاطفة.

الأمر الهام هنا؛ والذي يجب الإشارة إليه، هو كيف إنقلبت الموازين؟ وأصبح الواقع هنا هو الإفتراضي، لماذا لم يتحدث أحد عندما تم الفعل في الواقع؛ وأصبح الكل يتحدث في العالم الإفتراضي، وكأن الواقع لا وجود له وواقعنا الحقيقي هو الذي يبث.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

4 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
عبد ربه
المعلق(ة)
3 يونيو 2019 10:10

الناس اليوم لا يتدخلون لتغيير منكر ما, لأن القانون يمنع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فكم من حالة وردت في جريدتكم هذه وعنونتموها بعنوان غليظ ينتقد ما أصبحت الصحافة المغرضة تطلق عليه إسم “شرع اليد”. إن ما حصل بالحافلة التي تحولت إلى حمام هو إنهيار للقيم والأخلاق في وسط العديد من الشباب, وهو جهل مركب ووقاحة وإنعدام للتربية والرجولة والمروءة, وهذا النوع من الشباب هو من صنع الدولة وبإشراف منها وما خفي أعظم, وذلك من خلال البرامج التلفزية والتشجيع على الرداءة والإنحطاط, ومن خلال ضرب التعليم وأهدافه وكذلك الفساد العام الذي ينخر جسد البلاد.

مقاطعون
المعلق(ة)
3 يونيو 2019 09:34

*رغم أن الحافلة كانت ممتلئة بالركاب، ولا أحد منهم تكلم، ولماذا نتحدث نحن الآن؟*

غريب هذا الخبير وكان الفيديو يوثق لكل ماجرى حتى تحكم على ماوقع اثناء الحادثة عن غيب. او كانك كنت حاضرا معهم.

ثم اين غياب الرادع في الحافلات حتى اصبحت مكان لنقل المجرمين مجانا. وجود كاميرات المراقبة والتدخل الامني السريع افضل حل لتحسين وضعية النقل العمومي.

Sami
المعلق(ة)
3 يونيو 2019 08:00

تحليل خاطئ
السبب عدم تدخل الركاب هو الخوف، لان المغرب اصبح مثل الغابة
مملوء بالحيوانات المفترسة بسبب عدم وجود ربط المسؤولية بالمحاسبة،
لايوجد عندنا الامن و لا قضاء مستقل .
هل نسيت يااستاذ القناة قصة المواطن ولد مدينة آسفي الذي تعرض الى الظلم، وحكم عليه بالسجن المؤبد رغم ملفه توصل به رئيس الدولة .

الحسن
المعلق(ة)
2 يونيو 2019 23:47

لم يتدخل اي راكب لثني هؤلاء عن فعلهم المتهور لان الجميع يخاف ردة الفعل حيث هؤلاء الشباب عنيفون وحتى لو تدخل اي شخص فالقانون لا يحميه وستسمع من رجال الامن هده الجملة الركيكة..شكون انت واش انت المخزن…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x