لماذا وإلى أين ؟

ما بعد تازمامرت.. أصبحنا عالة على عائلاتنا لأننا لم نُنصف لذلك أنتقم من “المخزن” بطريقتي (الحلقة الأخيرة)

بينما كان القائد يحاول إقناع رئيس المكتب بإعطائه صندوق الاقتراع، كانت جموع المواطنين في الخارج تنتظر الإفراج عن النتائج التي كانت في صالحي بفارق كبير، بعد رفض الرئيس خرج القائد آمرا عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة التي كانت مدججة بالهراوات بتفريق الجمع بعنف حتى ولو بالدهس، لكن قائد السرية طمأنني شخصيا بأن الدرك لن يتدخل. لم يجد القائد من حل أمامه إلا أن يداهم مكتب الدائرة 2 وسرق الصندوق واتجه نحو الغابة برفقة “المخازنية”، وأمام هذا الوضع توجهت رفقة مواطنين إلى مقر القيادة، وشرع شبان البلدة برشقه بالحجارة، وقد أصبت حينها بضربة مفاجئة في جانبي الأيمن بسبب عصا رمى بها مخزني أسقطتني أرضا ونقلت إلى المستشفى قبل أن أعود واعتصمنا في المكان تحت ضوء الشموع.
مرت ساعات ونحن في انتظار من يحاورنا، فإذا بقافلة من الشاحنات العسكرية تحل بالمكان تحمل عشرات “المخازنية” طوقوا المكان. وأمام تهديدات الأمن انفض الحشد لأبقى رفقة زوجتي و7 أشخاص آخرين رابطنا أمام مقر القيادة. وعكس ما ظننت، كان الشبان يتهيأون على بعد أمتار قليلة لمهاجمة قوات الأمن، لتنطلق “حرب” تقاذفت فيها الحجارة والعصي من جهة، والقنابل المسيلة للدموع من جهة أخرى، قبل أن يلاحق الأمنيون الشباب الذين فروا إلى وسط البلدة، لتنطلق ما يشبه حرب عصابات عانى فيها عناصر الأمن الأمرين، نتيجة المكائد والمباغتات وسط الأزقة التي كانت تزرح وسط ظلام دامس. في هذا الوقت كنت متجها رفقة زوجتي صوب المنزل، وقد استعنت بأصدقاء لكي أتمكن من المشي نظرا لخطورة الضربة التي تعرضت لها.
في الصباح كان القائد قد أعد لائحة للمغضوب عليهم، على رأسها أعضاء لائحة الدعم التي ساندتني في الانتخابات وعددهم 19، إلى جانب فتى كانت له مشاكل مع القائد بسبب فتاة. وقد حكم عليهم بسنتين حبسا قبل يخفض استئنافيا إلى سنة. هذه الواقعة كانت على كل لسان وتناولتها بإسهاب الصحافة الدولية، لذلك اتصل إدريس البصري ببنعسيد أيت يدر يطلب منه توقيف التغطيات الإعلامية مقابل العفو عن هؤلاء الـ19، لكن أيت يدر قال إن القضية بين الأمن ومناضلين، وبعد 6 أشهر صدر عفو عنهم.

 

أنتقم من المخزن بطريقتي

بعد كل الذي عشته من قسوة وعذاب وإهمال وحيف، يمكن أن أقول إني الآن أنتقم من الدولة بطريقة إيجابية، بطريقتي الخاصة، عبر النضال، وأقول للدولة إني أناضل إذن أنا موجود، وأقول لها كفى من تزمامارت وما بعد تزمامارت. من التجأت إليهم من منظمات وهيئات وشخصيات حقوقية لم يخيب ظني بهم، وذلك طبيعي لأني أطالب بحقوقي.

نحن مجموعة تزمامارت (من 29 ناجيا توفي 8 خارج تزمامارت)، نجد أنفسنا أمام انتقام الدولة بحرماننا من التسوية الإدارية والمالية، وبالتالي من معاش يوفر لنا أدنى مستوى للعيش، إذ لا يعقل أن يجد تزمامارتي نفسه بدون أجر شهري.

لقد همش ملفنا بصفتنا موظفين سابقين في سلك الوظيفة العمومية، عكس باقي موظفي الدولة الذين عولجت ملفاتهم، في إطار التسوية الإدارية وما نصت عليه رسالة عبد الرحمان اليوسفي سنة 1999.

جلنا يعيش وضعا مزريا وأصبحنا عالة على عائلاتنا. فمثلا بوحيدة فتح دكانا لإصلاح الأدوات المنزلية المستعملة، وأنا لدي مشروع لتربية النحل منذ 1994 بدأته كهواية فوجدت أني أعتمد عليه لأعيش. وهذين المثالين وصمة عار على جبين الدولة التي طالما قالت للمنتظم الدولي إنها تصالحت مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

المجلس الوطني لحقوق الانسان هو سبب محنتنا لأنه وضعنا في لائحة مع ذوي الحقوق وكانت تسوية ملفاتهم إما بمنحهم سكنا اجتماعيا صغيرا أو 25 مليون سنتيم قيمته المالية.

نتشبث بتوصيات الندوة الدولية لهيئة متابعة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي عقدت بمراكش، وتوصيات منتدى الحقيقة والإنصاف بأكادير.
كنا نعول على 5000 درهم التي منحت إلينا كأجر شهري قبل حذفه سنة 2001 بعد استفادتنا من جبر الضرر بمبلغ لم يمكننا من تسديد ديوننا ومصاريف العلاجات التي تنكرت لها الدولة. وقد أسسنا “جمعية ضحايا معتقل تزمامارت وأصدقائهم” لكي نبقى على تواصل بيننا ومع عائلات المتوفين وكذلك مع المجتمع، وأيضا لحفظ الذاكرة وكشف الحقيقة، حتى لا يُقبر ملفنا كما سعت وتسعى الدولة إليه.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x