لماذا وإلى أين ؟

بنحمزة: الحقوق السياسية للجالية في دائرة العدم

بشكل مفاجئ تحول اهتام بعض الأحزاب السياسية صوب الجالية المغربية بالخارج، فبعد لقاء نظمه التجمع الوطني للأحرار بألمانيا، أثار سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، موضوع مغاربة الخارج بالبرلمان، خلال الجلسة الشهرية لمساءلته، ما يطرح تساؤلات حول هذا الاهتمام بالرغم من أن هذه الفئة لا يمكن اعتبارها خزانا انتخابيا، بحيث لم يتم تمكينها من المشاركة في الإنتخابات برغم من إقرار دستور 2011 لحقها في المشاركة السياسية بوطنها الأم.
في هذا الصدد، قال المحلل السياسي عادل بنحمزة، في تصريح لـ”آشكاين”: “يقال إن الكذب يكثر مع موسم الصيد وفي الانتخابات… هذا ما يمكن به تلخيص تعاطي بعض الأطراف السياسية مع الجالية المغربية في الخارج، إذ أن العدد الأكبر من الأحزاب السياسية تتعامل مع الجالية كنوع من الاستثمار المؤجل، أي الحفاظ على حد أدنى من العلاقة والتواصل معها إلى حين قدوم اللحظة التي سَيُسْمَحُ فيها للجالية المغربية في الخارج بممارسة أحد  الحقوق السياسية الأساسية وهي حق الانتخاب، وهو نوع من التهرب من المسؤولية وجبن سياسي، لأن الأحزاب تملك الوسائل عبر حضورها في المؤسسات الدستورية، على أن تُقْدِمَ على مبادرات تشريعية تمكن الجالية من حقوقها”.
وشدد بنحمزة على أنه “يجب أن لا ننسى أننا نتحدث عن جالية يبلغ تعدادها على الأقل بأزيد من5 ملايين نسمة، موزعة على 80 دولة حول العالم ومسجلة على صعيد 124 نقطة قنصلية، ويزداد عدد الجالية بمعدل متوسط يبلغ 240 ألف مهاجر سنويا”، موضحا أنه “باعتماد الإسقاطات المستقبلية؛ فإن تعداد أفراد الجالية يتجه نحو بلوغ أكثر من 11 مليون مغربي يقيمون في الخارج في حدود العام 2030″، مشيرا إلى أن “موضوع الجالية المغربية في الخارج يثير أيضا مسألة حقوقهم السياسية،التي ظلت في دائرة العدم بسبب غياب الإرادة السياسية، بحيث تعود نفس الأصوات إلى صياغة المبررات والتبريرات ذاتها، لجعل هذا الحق معلقا في الهواء، على خلاف ما جاء به دستور 2011 في المادة 17 منه والتي تنص صراحة على ما يلي: ” يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح..”.

 

الحقوق السياسية للجالية في دائرة العدم

ولفت المتحدث إلى أن “وزير الداخلية السابق محمد حصاد إعتبر إحداث دوائر للجالية في مختلف مناطق العالم كما جاء في مقترح قانون قدمه حزب الاستقلال بمجلس النواب في الولاية السابقة، يُعتبر مخالفا للدستور الذي ينص على اللوائح المحلية والجهوية والوطنية”، معتبرا أن “خلفية هذه القراءة النصية لا تميز بين الدول التي تحتضن الجالية، وبين الجالية المغربية ذاتها، فإجراء الانتخابات بالنسبة للجالية لا يرتبط بالتراب، بل يرتبط بحقوق المواطنة الكاملة، وأن التصويت سيتم في المراكز القنصلية للمملكة والتي تعتبر من مشمولات التراب الوطني في القانون الدولي، و ذلك على غرار باقي الدول في العالم التي تضمن لمواطنيها حقوقهم المدنية والسياسية بغض النظر عن مكان إقامتهم وهذا الوضع تعيشه الجالية المغربية بشكل دائم عندما تقارن نفسها مع الجزائريين والتونسيين والمصريين والبرتغاليين والإيطاليين وغيرهم من الجاليات الأخرى التي تتمتع بحق التصويت والترشيح في انتخابات بلدانها الأصلية”.
ويرى الباحث في العلوم السياسية أن “المشاركة السياسية للجالية المغربية، ترتبط بالحقوق السياسية والمدنية التي لا تسقط سوى بأحكام قضائية نهائية، لهذا لا يمكن تصور إسقاط هذه الحقوق عن ملايين المغاربة بمبررات واهية و هي حقوق لا تسقط سوى بأحكام قضائية كعقوبات”، معبرا عن أسفه من “تبرير ذلك بنصوص دستور قُدم للعالم على أنه دستور من الجيل الجديد، انتقل من جيل دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق”.
مساهمات الجالية  
وذكر بنحمزة أن أول سائح في المغرب هم مغاربة العالم، بحيث يمثلون ثلث الحجوزات في الفنادق المصنفة، ويساهمون بأكثر من 2 مليار أورو فى الاقتصاد والسياحة في المغرب، كما أن الناتج الداخلي الخام للجالية المغربية المقيمة بالخارج هو 208 مليار دولار سنويا باعتماد متوسط الدخل في بلدان الإقامة، وهو ما يشكل ضعف الناتج الداخلي الخام للمغرب والذي هو في حدود 104 مليار دولار سنويا والذي يحققه 35 مليون مغربي، ورغم كل ذلك فإن مواطنة الديسابورا المغربية تبقى موقوفة التنفيذ ومع الأسف عرضة للمزايدات”.
وتساء المتحدث: “إذا كانت الأحزاب التي تتودد اليوم للجالية في لقاأت وتجمعات هنا وهناك جادة وصادقة، فمن الذي منعها سنة 2015 من مساندة مقترح قانون حزب الاستقلال الذي جاء شاملا ومفصلا ومنصفا للجالية المغربية في الخارج وأنا كنت واحدا من واضعي ذلك المقترح، فما الذي حدث في ثلاث سنوات فقط؟ لقد كان مؤلما أننا بقينا في حزب الاستقلال الوحيدين الذين يدافعون بل ويحاولون إقناع باقي الفرق النيابية بعدالة الحقوق السياسية للجالية المغربية في الخارج، لهذا يمكن القول أن أي تحول حقيقي في موقف باقي الأحزاب سيكون مقدرا ومرحب به، لكن إذا استمر التلاعب بالكلمات وتم تكريس الإنتظارية، فإن ذلك سيكون انتكاسة جديدة، ليس للجالية المغربية، بل الديمقراطية بصفة عامة”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
يونس العمراني
المعلق(ة)
25 يونيو 2019 16:15

سلام الأستاذ بنحمزة سياسي محنك اختلف معه وأحياناً اتفاق معه لكن اتمنى لو كان لدينا كثير من المثقفون يمثلون الشعب في البرلمان ومن جهة أساس السياسي الناجح هو التي يحب مصلحة وطنه أكثر من المصلحة الشخصية وأتمنى الحكومة المقبلة حكومة 2021 أن تكون متكونة من النخبة وزيرو الأمية

مواطن محلي
المعلق(ة)
25 يونيو 2019 16:06

العدم و العدمية هو ما تقوم به الحوانيت والدكاكين السياسوية الفاقدة للقيم والأخلاق والمبادئ الرصينة، كل تلك المسماة “احزابا “هي عصابة مارقة متخصصة في نهب ثروات البلاد والعباد. ذهبت الأحزاب و النقابات يوم ذهبت رجالات خدمة الصالح العام ؛والآن لا يوجد في السوق سوى الشلاهبية ولصوص المال العام.

محمد
المعلق(ة)
25 يونيو 2019 15:51

اشمن اهتمام بالجالية، حشومة عليكم تكدبوا علينا
اتجسو على ممتلكاتنا لصالح الغرب
انا طردوني من شقة كنت اكتريها من الدولة لاني املك عقارا في المغرب.
هذا هو الاهتمام بالجالية الله يخد فيكم الحق.
التماسيح

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x