2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
قانون المالية يُشعل مواجهة بين القضاة والحكومة

اعتبر “نادي قضاة المغرب” أن ما تضمنته مقتضيات المادة التاسعة من مشروع قانون المالية لسنة 2020 القاضي بمنع لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية عن طريق الحجز، يشكل مسا واضحا بمبدأ فصل السلط واستقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما هو منصوص عليه في الفصلين 1 و107 من الدستور.
وخلص اجتماع المكتب التنفيذي للنادي، أمس الثلاثاء 22 أكتوبر 2019، إلى أن مقتضيات المادة المذكورة آلية تشريعية ترمي إلى إفراغ الأحكام والمقررات القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية من محتواها وإلزاميتها، وذلك خلافا للفقرة الأولى من الفصل 126 من الدستور، الذي ينص على: “أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع”، دون تمييز بين أطراف الدعاوى المتعلقة بها، أكانت من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص.
كما أن المقتضيات المذكورة، بحسب النادي، وفضلا عن مخالفتها لأحكام الدستور، فإنها، ومن جهة أخرى، معاكسة للتوجيهات الملكية السامية التي ما فتئت توصي بضرورة وأهمية تنفيذ المقررات القضائية وسريان مفعولها على المحكوم ضدهم، بما في ذلك الإدارة وكل مرافق الدولة، في إطار المبدأ الدستوري القاضي بمساواة الجميع أمام القانون والقضاء.
ودعا “نادي قضاة المغرب” السلطة التشريعية إلى إعادة النظر في مقتضيات المادة التاسعة، لما تشكله من تراجع واضح عن المكتسبات الحقوقية الدستورية، ومس جلي باختيارات المجتمع المغربي، ملكا وشعبا، في بناء مقومات دولة الحق والقانون؛ فإنه يدعو، من جهة أخرى، الإدارة إلى إعطاء القدوة في تنفيذ المقررات القضائية واحترام مقتضياتها.
ورغم إسقاطها من قانون المالية قبل عامين، بعد الانتقاذات اللاذعة ووقفات الاحتجاج ضدها، إلا أن المادة “8 مكرر” عادت لتثير الجدل من جديد بعد إدراجها في قانون المالية الجديد، لكن كمادة 9، حيث أجمع محللون على أنها تجعل من المقررات القضائية ضد الدولة أو الجماعات الترابية بلا قيمة ولا تضعها تحت طائلة المحاسبة، فيما أشار آخرون إلى أن تمريرها أتى بعد ضغط كبير من العدالة والتنمية للنأي برؤسا الجماعات وعمداء المدن المنتمين للحزب عن المحاسبة، على اعتبار أنه هو من اقترحها.
وتنص المادة امثيرة للجدل على أنه “يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة أو الجماعات الترابية ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية أو الجماعات الترابية المعنية”. وتضيف المادة “في حالة صدور قرار قضائي نهائي اكتسب قوة الشيء المقضي به، يدين الدولة أو الجماعات الترابية بأداء مبلغ معين، يتعين الآمر بصرفه داخل أجل أقصاه 60 يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي السالف ذكره في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية”.
وتشير إلى أنه “يتعين على الآمرين بالصرف إدراج الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الأحكام القضائية في حدود الإمكانات المتاحة بميزانياتهم، وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة”، غير أنه “لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية للحجز لهذه الغاية”.