2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
رشا حلوة: هل نؤذي أنفسنا باستخدام تطبيقات المواعدة؟
من المحفزات التي حملتني للانتقال إلى برلين كانت شخصية تماماً، متعلقة بالرغبة لأن أعيش في بلد تكثر احتمالات الحب فيه أو العلاقات العاطفية. في مفهومها الذاتي أيضاً، وكيفما أفكر عن شكل الحب والعلاقات، حتى لو أتعامل معها اليوم بنظرة نقدية، تجاه الموروث عن ماهية الحب، الذي تم ترسيخها فينا، خاصة كنساء، من خلال قنوات عديدة، اجتماعية واقتصادية ودينية وتجارية، وما إلى ذلك.
بالعودة إلى برلين، وما توفّره المدينة من احتمالات متنوعة للقاءات، تثمر عنها صداقات، عابرة أو طويلة، متحركة أو ثابتة، علاقات عاطفية وحميمة، وغيرها من أشكال العلاقات التي كشفها لي المكان. فكنت، وما زلت، أرى بلقاءات الصدفة مع البشر، في مناسبات معينة، أو في أماكن ما، كالبارات مثلاً، اللقاءات التي أحبّها، بمثابة فاتحة لطريق خير أو هكذا طابعي الإيجابي يتمنى.
في الفترة الأولى لانتقالي إلى هنا، اكتشفت أن تطبيقات المواعدة العاطفية، حاضرة في حيوات الناس وأنها مستخدمة كثيراً و”ناجعة” في مدينة كبيرة كبرلين، تسهّل التعارف على الناس، وبالأساس التعارف بهدف العاطفة أو الحميمية.
ومع الوقت، بدأت أتحدث مع صديقات يعشن في برلين ويستخدمن التطبيقات، كمنصة توفّر فرص لقاءات مع رجال، إن كن مغايرات جنسياً أو مع نساء، إن كن مثليات جنسياً. أعجبتني الفكرة بداية، مع أنها أخافتني أيضاً. أنا التي ما زالت أتابع طرق التعارف التقليدية. مع العلم بأني من الجيل الذي دخل الإنترنت إلى حياته وبدأ يبني علاقات صداقة وكذلك عاطفية عبر التعارف في فيسبوك أو غرف المحادثات القديمة وغيرها من الفضاءات الافتراضية، ومننا مَنْ اتخذت علاقاته العاطفية طريقاً طويلاً، ومَنْ غيّر مكان سكناه وسافر للعيش بالقرب من الحبيب. لكن تطبيقات مصنوعة من أجل المواعدة العاطفية؟ أو العلاقات الحميمية؟ ما هذا الشيء!؟
المهم، لم يأخذ استغرابي وقتاً طويلاً قبل أن أنضم إلى مستخدمات تطبيقات المواعدة العاطفية. وهي عديدة ومتنوعة، يختار المرء ما يرتاح لها منها. ولمن لا يعرف كيف تعمل التطبيقات، فهي عبارة عن بروفايلات لأشخاص، منهم من يضع معلومات عنه، عن شخصيته مثلاً، وبعض الصور، والتفاصيل التي تخصّ حياته (التي يرغب في مشاركتها)، وأنا كمستخدمة، يُظهر لي التطبيق (حسب معايير لا أحد يعرفها)، بروفايلات المشاركين في التطبيق، ولي إمكانية أن أختار سحب الشاشة إلى اليمين (أي أعجبني) أو إلى اليسار (أي لم يعجبني). وفي حال قام الشخصين بالسحب إلى اليمين، أي اختارا الإعجاب، فيُفتح شباك المحادثات. وتبدأ الرحلة وأحياناً لا تبدأ أصلاً.
المهم، أحببت مبدأ التطبيقات. خاصة لأنها توفّر إمكانيات تعارف مع أشخاص من دوائر بعيدة، في الحياة العادية غالباً يستحيل لقائهم. وبالعموم، إن لم يكن الهدف من التطبيقات هي البحث أو إيجاد “الحبّ”، فهنالك من يستخدمها لبناء صداقات… وهذا جميل.
لكن لا أكتب هذا المقال للحديث عن إيجابيات تطبيقات المواعدة فقط. إنما البحث أكثر في سؤال تأثيرها السلبي على نفسية المستخدمين/ات. بمعنى، على الرغم من شعبية تطبيقات المواعدة في العالم، والكثير من قصص “النجاح” التي خرجت منها، أي علاقات مستدامة، وصلت إلى الشراكة الزوجية وغيرها، إلا أن بعض التقارير تناولت التأثير السلبي لهذه التطبيقات على المستخدم/ة، وعلى صحّته/ا النفسية، خاصة ما ينتج عنها من تأثير يمسّ الثقة بالنفس الناتج عن الخيبة وأسباب عديدة أخرى منها الرفض.
في حديث مع صديقة تعيش في برلين، وعندما سألتها عن سبب استخدامها لتطبيقات المواعدة قالت: “بما أني أعمل لساعات طويلة، فقررت أن التطبيق هو حل مناسب للتعارف على رجال. لكن التجربة كانت سيئة، فنحن نضع أفضل صورنا الشخصية ووصف مختصر عنا، وتصلنا تعليقات جميلة، ترفع الثقة بالنفس. لكن المشكلة تبدأ بعد اللقاء الأوّل، خاصة عندما تخضع اللقاءات لمعايير المظاهر الخارجية، والشكل، والجسد، والوزن… فحتى لو لم يعجبني الرجل، لكن الرفض لهذه الأسباب، لا مفر من ألمه وتأثيره على النفس”.
في شوارع برلين، ومحطات قطاراتها، نجد إعلانات لأحد تطبيقات المواعدة العاطفية، والتي في لبّ تسويقها تعتمد على أهمية العزوبية أكثر من إيجاد الحب/ الشريك/ة وما إلى ذلك. حملتني هذه الإعلانات أيضاً إلى التفكير بماهية ما أبحث/ نبحث عنه، بمعنى، بالتأكيد ليس كل من يستخدم التطبيقات يبحث عن علاقة “جدية”، لكن، عما أبحث أنا؟ وماذا يمكن أن توفّره لي هذه المدينة، بكل فضاءاتها ومنصاتها، الملموسة والافتراضية، من إمكانيات لإيجاد “الحبّ” الذي أبحث عن شكل له لربما لم يعد حاضراً تماماً بالعصر الذي نعيشه… وليس فقط في برلين.
أنا أيضاً أتأثر سلبياً من تطبيقات المواعدة العاطفية، مع وجود جماليات ما فيها. لكني أتأثر لأن هنالك توقعات وأسئلة ومفاهيم وأفكار تعيشني، رغم محاولات عديدة للتحرر منها، كامرأة أوًلاً تتساءل دوماً في ظلّ مجتمعات أبوية نعيش فيها والتي تحاول أن ترسم لنا مسارات حيواتنا. لكن التطبيقات، هي فعلاً فرصة إضافية للتعارف، ومن جهة أخرى، تضعني في قالب “كاتالوغ”، يختار “الآخر” أن يُعجَب بصورتي وبوصف قصير عني (أعتقد أنه صحيح) أو أن لا يُعجَب، وتضع الآخر في نفس الخانة كذلك… بما في ذلك من عدم إنصاف ما.
هنالك لربما “تريند” عالمي، وحاضر في برلين أيضاً، متعلق بأشكال العلاقات المفتوحة وتمجيد العزوبية كشكل حياة عصري مريح. من جهة، هنالك شيء جميل في تفكيك منظومات “العلاقات التقليدية”. لكني ما زلت، كآخرين وأخريات، أبحث عن علاقة عاطفية وسط كل هذا. نختار قنوات متنوعة كي نجدها. نغضب على التطبيقات ونغلقها لفترة طويلة، إلى أن نشعر بأننا قادرين/ات على العودة إلى نهجها الغريب.
لربما هذا المسار، وهذه الأسئلة، هي أيضاً طريق لمعرفة أخرى عن الحب في الزمن الذي نعيشه، البعيد نوعاً ما عما كنا نعرفه، ومع هذه المعرفة المتراكمة من عوامل عديدة، منها التأثير السلبي على النفس، نبني جدران للحماية الذاتية، أو ببساطة، نتعلم أكثر أن نحبّ أنفسنا، خاصة كنساء.
في واقع، حتى البحث داخله عن الحب – الذي علمونا عنه – فيه ما يكفي من الأذى النفسي الناتج عن علاقات القوى التي تعيش المنظومة الأبوية في صلبها، والذي لا بد أن نساء اليوم تعرف كيف ستتحرر منه.
انت مكبوتة وكدوري غير على الشهرة و الجنس واحنا ناس على قد الحال نخافو ربنا ونطلبوه يهدينا ويفركتلك الشمل العاهرة ،بقاو 20% ديال بنات الناس اولاليتكم الفاسدات بغيتى تجيحيهم ،الله ينزل عليك الغضب