لماذا وإلى أين ؟

التفاصيل الكاملة للتقرير الذي عزل رئيس المجلس الجماعي لبني ملال

آشكاين/ طالبي المحفوظ

أجرت لجنة من المفتشية العامة للإدارة الترابية (تابعة لوزارة الداخلية)، في الفترة الممتدة من الـ10 دجنبر 2018 إلى الـ1 فبراير 2019، تدقيقاً للعمليات المالية والمحاسباتية، التي أنجزتها الجماعة الترابية لمدينة بني ملال، برئاسة “أحمد شد”، خلال سنتي 2016 و 2017، ووقفت (اللجنة) عند 262 ملاحظة، مُعتبرةً إياها نواقصاً أو أخطاءً أو في التسيير.

وجاءت ملاحظات اللّجنة، حسب تقريرها المتكوِّن من 142 صفحة، والذي تتوفر “آشكاين” على نسخة منه، في ثمان نقاط رئيسية:

وتتعلق الأولى بـ”منظومة الرقابة الداخلية للجماعة”، من حيث تنظيمها وتدبير أشغال دورات المجلس وتدبير مواردها البشرية وتواصلها.. فيما النقطة الثانية متعلقة بـ”تدبير المداخيل”، التي تُحصّلها من الأملاك والمساهمات. والثالثة متعلقة بـ”إنجاز النفقات” بالنسبة للموظفين والأعمال. فيما الرابعة متعلقة بـ”تدبير ممتلكات” الجماعة.

والنقطة الخامسة فهي متعلقة بـ”تدبير المنازعات”. والسادسة بـ”مسك المحاسبة”، منها الإدارية ومحاسبة الميزانية، ومحاسبة المواد والقيم والسندات. بينما النقطة السابعة تتعلق بـ”العمليات المتعلقة بالخزينة”. في حين أن النقطة الثامنة والأخيرة تتعلق بـ”التدبير المفوّض للمرافق الجماعية”، منه التدبير المفوض لقطاع النظافة، والتدبير المفوّض للمطرح العمومي بالجماعة.

الرّقابة الداخلية وتدبير المداخيل

وحسب ملخص التقرير، الذي أنجزته لجنة التدقيق، وفيما يتعلق بمنظومة الرقابة الداخلية، فإن الجماعة لم تحترم منشور وزير الداخلية عدد 43 بتاريخ 28 يوليوز 2016، المتعلق بتنظيم إدارات الجماعات؛ إذ لم تتخذ القرار المتعلق بتنظيم إدارتها ولم تُحدد اختصاصات كل قسم أو مصلحة من مصالحها. كما تفتقر الجماعة، حسب المصدر ذاته، لدلائل ومساطر تنظيم المهام وتوضيح اختصاصات الوحدات الإدارية، مما يصعب معه تحديد المسؤوليات.

في السياق نفسه، سجّلت لجنة التدقيق، تأخر الجماعة في اعداد برنامج عملها، وأيضاً عدم تبني نظام التدبير بحسب الأهداف، وغياب منظومة لتأسيس المشاريع والبرامج تحدد الأهداف المراد تحقيقها ومؤشرات النجاعة المتعلقة بها.

وبخصوص تدبير المداخيل، فقد توقّفت اللجنة في ملخص تقريرها، عند العديد من الملاحظات أهمها: عدم استخلاص الواجبات المفروضة عن استعمال سيارة الإسعاف الجماعية، والتأخر في مباشرة مسطرة فرض الرسم بصورة تلقائية على بعض الملزمين الذين لم يدلوا بإقراراتهم، وعدم إرسال الأوامر بالمداخيل في بعض الحالات إلى الخازن قصد تحميلها، وعدم تحيين عدد الملزمين برسم السكن ورسم الخدمات الجماعية، مما يضيع على الجماعة موارد مهمة تقدر بـ6 ملايين درهم، فقط، بالنسبة لسنة 2017.

بالإضافة، حسب المصدر ذاته، إلى عدم أداء العديد من الملزمين لواجباتهم المتعلقة بالرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، مما ضيع على الجماعة مداخيل تقدر بـ28 مليون درهم برسم سنتي 2016 و 2017.

تدبير النفقات والممتلكات

اللّجنة سجّلت أيضا، بخصوص تدبير نفقات الجماعة، العديد من الملاحظات فيما يتعلق بالصفقات العمومية، كـ”عدم احترام المقتضيات التنظيمية المتعلقة بالثمن التقديري وأجل المصادقة المنصوص عليه في المادة 152 من مرسوم الصفقات العمومية”، و”عدم تحديد طبيعة عدم مطابقة الشروط التقنية من طرف الشركات التي تم إقصاؤها في محضر لجنة طلب العروض(طلب العروض رقمي 2-2017 و 3-2017)”، و”الإدلاء بشهادة القيد في السجل التجاري منتهية الصلاحية ضمن الملف الإداري التكميلي لنائل الصفقة وعدم مطابقة بعض وثائق الملف الإداري والتقني للمقتضيات التنظيمية(طلب العروض 4-2017)”..

وفيما يتعلق بسندات الطلب، فسجّلت اللّجنة، عدة ملاحظات أبرزها: “عدم احترام مقتضيات المادة 88 من مرسوم الصفقات العمومية فيما يخص إعداد وتبليغ رسائل الاستشارة”، وكذلك “توجيه رسائل الاستشارة لنفس الشركات رغم أنها تخص سندات طلب مختلفة، كما أنها لا تحمل أرقام التسجيل بمكتب الضبط بالجماعة، مما ينافى مبدأ المسؤولية وقواعد الشفافية”..

ووقفت اللّجنة عند ملف دعم الجمعيات؛ إذ أكدت اللجنة على أن الجماعة توزّع المنح دون اعتماد معايير واضحة لتحديد قيمة مبالغ الدعم برسم سنتي 2016 و 2017، ودون التوصل بتقارير صرف أغلب الجمعيات المستفيدة من المنح السابقة، بالإضافة إلى عدم ابرام الاتفاقيات مع الجمعيات المستفيدة..

وكذلك أوردت مفتشية الداخلية، في تقريرها: “غياب الشفافية في تدبير الوقود من قبل مصالح الجماعة عبر اللجوء إلى إيصالات لأجل “bon pour”، بالإضافة إلى الاستهلاك المفرط لعدد من العربات، وعدم تبرير مبلغ 49.150,00 درهم تم صرفه من أجل التزود بالوقود”..

وبخصوص تدبير الممتلكات، فقد سجّلت اللّجنة، ما عبرت عنه بـ”تقاعس عدد من مكتري المحلات التجارية عن أداء واجبات الكراء بمبلغ إجمالي يناهز 3 ملايين درهم، وعدم اتخاذ أي إجراء قانوني في حقهم، بالإضافة إلى ضعف السومة الكرائية لهذه المحلات وعدم مرجعاتها”، وبـ”عدم استخلاص المبلغ الجزافي والضمانة النهائية المقدران بـ34.314 درهما من المكترين الجدد عند كراء عشرات محلات تجارية”..

تدبير المنازعات ومسك المحاسبة

وأكدت لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية، في المصدر ذاته، على “عدم موافات الجماعة، من طرف المحاميين المتعاقد معهما، بتقارير دورية للقضايا التي يدافعان عنها لصالحها وذلك لمراقبة وتتبع نشاطهما تفاديا لكل تهاون من جهتهما أو إخلال بالتزاماتهما المحددة بمقتضى العقدين المبرمين”، وعلى “عدم وجود أسس موضوعية لتنفيذ الأحكام من خلال تنفيذ أحكام تم النطق بها حديثا، وترك أخرى ترجع لسنوات مضت”، فيما أشارت في السياق نفسه إلى “إلغاء ما مجموعه 1,83 مليون درهم من الاعتمادات المفتوحة برسم ميزانيتي 2016 و2017 لتنفيذ الأحكام القضائية، رغم وجود أحكام في انتظار تنفيذها”.

وبخصوص المحاسبة، فسجلت اللجنة ما عبرت عنه بـ”عدم الوضوح في تدبير المواد والتوريدات والمعدات المتواجدة بالمخزن الجماعي، وعدم مسك سجل وجذاذات المخزن، بالإضافة إلى وجود ضعف ملحوظ في إجراءات السلامة به”، وكذلك “اعتماد ترقيم غير تسلسلي لجرد جميع التجهيزات وأدوات المكاتب والطباعة والسيارات والآليات، وعدم تحيين سجل الجرد بتضمينه للمشتريات الجديدة وسحب تلك التي لم تعد في ملكية الجماعة”.

التدبير المفوض للمرافق الجماعية

وبالنسبة للتدبير المفوّض لقطاع النظافة، فقد قالت لجنة التدقيق إن شركة Casa Technique قامت بخصم، خلال سنة 2016 و2017 لمبلغ 96.225 درهما، دون سند قانوني أو تعاقدي، من كتلة الأجور ومصاريف تأمين الموظفين الجماعيين نتيجة تغيب بعضهم عن العمل.

وسجلّت في التقرير ذاته، ما عبرت عنه بـ”التقصير الواضح” في مراقبة وتتبع عقد التدبير المفوض من قبل الجماعة ومكتب الدراسات Arco Environnement، ونتج عنه تسجيل فارق مهم في الاستثمار يُقدر في بـ8 ملايين درهم بالنسبة للعربات والآليات والمعدات الجديدة الواجب اقتناؤها دون المطالبة باسترجاعه وشراء عربات مستخدمة وعدم تطبيق الغرامات التعاقدية في حق الشركة المفوض إليها وعدم جرد وتحديد مصير أموال الرجوع وأموال الاسترداد..

وبخصوص التدبير المفوّض للمطرح العمومي، فقد توقفت اللجنة عند مجموعة من الملاحظات أبرزها: “عدم إنهاء كل أشغال إعادة تأهيل وإغلاق المطرح في متم السنة الأولى دون تطبيق غرامات التأخير في حق الشركة المفوض إليها”، و”عدم تحديد قيمة المساهمات المالية لكل الشركاء مع تواريخ صرفها، وعدم أداء مبلغ يُقارب 1,9 مليون درهم لفائدة الشركة المفوض إليها مقابل طمر نفايات الجماعات الترابية المجاورة لجماعة بني ملال برسم سنتي 2017 و2018”..

كما توقفت في ذات السياق عند غياب أية منظومة لمنع تسرب عصارة النفايات بالحوض، مما يُشكل تهديدا للبيئة وقيام الشركة بإعادة سقي هذه العصارة فيه يزيد من خطر تسريبها للفرشة المائية والاستقرار للمنشأة.

نقط قوة تدبير الجماعة

لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية، لم تسجل فقط ملاحظتها على سوء تدبير الجماعة الترابية لمدينة بني ملال، بل أشارت كذلك إلى ما اعتبرته نقط قوة ميّزت تدبير الجماعة.

ولخصت اللجنة هذه النقط في: احترام المجلس لعدد وتواريخ الجلسات المحددة قانونيا، مع اكتمال النصاب القانوني في كل الدورات العادية والاستثنائية. والتصويت على جل النقط موضوع  جلسات الدورات خلال سنتي 2016 و 2017. والاعتماد على نظام معلوماتي لتدبير الجبايات المحلية.

وقف “شد” في الـ3 يناير الجاري

يُذكر أن على أساس هذا التقرير، وُقف “أحمد شد”، رئيس المجلس الجماعي لمدينة بني ملال منذ 2009، من مزاولة مهامه، في يوم الجمعة الـ3 من يناير الجاري، بقرار من والي جهة بني ملال-خنيفرة.

وكان أحمد شد القيادي بحزب الحركة الشعبية، قال في تصريحات صحفية، فور توقيفه، إن له كامل الثقة في القضاء لإنصافه، مشيراً إلى أنه سيرد على كل التهم الموجهة إليه أمام القضاء الإداري.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
سمير البرهني
المعلق(ة)
3 فبراير 2020 20:37

المحاسبة ضرورية.

الدكتور ر.أ
المعلق(ة)
2 فبراير 2020 16:11

لو عرفوا ما يملك … داخل المغرب و خارجه ….لصدموا …ولكنه ماكر و يعرفوا كيف يخفي ممتلكاته…

متتبع
المعلق(ة)
2 فبراير 2020 10:29

يجب تجريد المعنيين بالأمر من جميع ما راكمهوه من الفساد وعرضهم ثانيا على القضاء هذا هو جزاء الفاسدين الذين أوصلوا الجماعات الى اوضاع كارثية ومصدر الإثراء الفاحش واهمال مصالح المواطنين

Ali
المعلق(ة)
2 فبراير 2020 02:45

المحاسبة يا سادة لا الاكتفاء بالعزل !!.. العزل يعني أن هناك خرقات قانونية والخرقات القانونية تقتضي اللجوء للقضاء أولا لإثباتها ومن تمة محاسبة المسؤول عنها

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x