لماذا وإلى أين ؟

لركو يُعَدّد المكاسب والإخفاقات الحقوقية لما بعد “حركة 20 فبراير”

توزعت المكاسب والإخفاقات التي عرفها المغرب منذ احتجاجات “حركة 20 فبراير”، والمطالب التي نادى بها المنضوون تحت شعاراتها التي أفرزت مجموعة من المكاسب السياسية والاجتماعية الاقتصادية، تهدف جميعها إلى بناء “مجتمع يحترم حقوق المواطنات والمواطنين”، ويحقق لهم ” حرية وكرامة وعدالة اجتماعية”، فيا ترى هل تحققت  هذه المطالب؟

دستور 2011 أول المكاسب

وفي هذا السياق أوضح بوبكر لركو، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أن “أول ما حققه المغرب بعد “حراك 20 فبراير” هو دستور 2011″، الذي اعتبره “دستور الحقوق والحريات الذي يضم الكثير مما ناضلت الحركة الحقوقية والديموقراطية من أجله، منها فصل السلط والقضاء المستقل والذي لا يحكم إلا بالعدل، من خلال محاكمة عادلة دو أي تدخل، إلى جانب الفصل الخاص بالحقوق والحريات التي تم فيها تجريم جميع الجرائم ضد الإنسانية، والمساواة بين الرجل والمرأة”، علاوة على “تأسيس هيئات أخرى للحكامة إلى جانب الهيئات التي أعيد النظر فيها والتي تهتم بالحماية، كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان والوسيط وغيره”.

“كل هذا مهم جدا”، يضيف بوبكر لركو في حديثه لـ”آشكاين”، و”تقعيده وتفعيله دام لحوالي عقدين من الزمن، أي أن الولاية الأولى لم نقعّد فيها ذلك، كما ان هناك بعض القوانين التنظيمية التي لم يتم التشريع بخصوصها كالمجلس الوطني للشباب وغيره، كما أن إعمال الطابع الرسمي للغة الأمازيغية لم يعرف بعدُ الطريق رغم أن القانون قد تم المصادقة عليه خلال هذ السنة”.

“اختلالات في الحريات وقوانين في رفوف الحكومة “

وأضاف لركو أن “هذا الجانب التراكمي في الحوق والحريات، وأيضا التطور الذي عرفه الدستور لإعطاء رئاسة الحكومة صلاحيات مهمة، نجد ان الواقع لا زال فيه بعض الاختلالات، خاصة فيما يخص حرية التجمع وأيضا التظاهر الذي لم نحين بعد القوانين المنظمة لها، لأنها لم تحين منذ 2002، رغم أن المغرب له تراكمات في مجال التظاهر والتجمع وتأسيس الجمعيات، كما أن الدستور جاء بالجديد إلى جانب التوصيات الصادرة عن الهيئات التعاقدية”، مؤكدا “فلا بد من تحيين هذه القوانين حتى يمكن أن نقول بأننا تقدمنا في الواقع الملموس”.

وأورد رئيس المنظمة المغربي لحقوق الإنسان، أنه إلى جانب ذلك “هناك قوانين منذ 6 سنوات وهي في الرفوف لدى الأمانة العامة للحكومة، كالقانون الخاص بالأجانب، وقانون اللجوء الذي لا نستطيع الآن الحديث حماية اللاجئين والمهاجرين إلا بوجود هذه القوانين، وذا ما يمكن أن نقول أننا حققناه في هذه الفترة”.

واستطرد المصدر نفسه أن “الانتخابات دائما تتم في وقتها رغم أننا نعيش في ظروف الجائحة مثلا، إلا ان استحقاقات 2021 ستكون في وقتها وهو أمر مهم جدا، إلا أنه في الجانب الآخر نجد أن مؤسسة الجهوية لم تكتمل بعد ولم تعطى لها جميع الصلاحيات مما جعل هذه الهيئة تعرف تعثرا ولم نتقدم في هذا المجال ولم نراكم فيه، باعتباره هو الذي سيخلق لنا فعاليات وأطر جهوية يمكن أن تصبح وطنية، لأنها مكان للتمرين والتدبير الديمقراطي”.

“بناء دولة الحق والقانون”..وديمقراطية تبنى من طرف الجميع

وأكد لركو في حديثه للموقع، ان “جميع الأحزاب السياسية رغم بعض الانتقادات البسيطة في الانتخابات ونزاهتها، نجد ان الانتخابات كانت نزيهة وهو مكسب من المكاسب، رغم بعض الشبهات والاختلالات المذكورة في تقارير الهيئات كالنسيج المدني لمراقبة الانتخابات، أو تقرير المنظمة المربي لحقوق الإنسان للانتخابات الجماعية والتشريعية، إذ نلاحظ أن هناك تقدما، خاصة أن هناك ملاحظة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومن العديد من الجمعيات والهيئات الدولية”.

ويستدرك لركو شارحا أن “بناء دولة الحق والقانون فيه جانبان، الأول متعلق بالتشريع والقوانين، والثاني مرتبط بالواجبات على المواطنين، فهل كلنا ديموقراطيون؟، الجواب سيكون بالنفي، لأننا لا نتعامل ديموقراطيا في مؤسسات التكوين، في المؤسسات التربوية وبالتالي هذا سينعكس على الشارع وعلى المواطنات والمواطنين. هل أحزابنا ديموقراطية؟ نجد أن هناك شبهات كثيرة في هذا لجانب؛ وهل نقاباتنا ديموقراطية؟ سنجد أيضا نفس الشيء”.

وأكد بوبكر لركو أن “الديموقراطية تبنى من طرف الجميع، وهي ليست منة تأتي من السلطات العليا، وإنما هي مسؤولية الجميع، فمثلا إذا أخذنا الكوطا التي وضعت للشباب أو النساء، فنجد أن الأحزاب لم تقم بما يمليه الوضع القانوني، بمعنى ان يكون هناك اختيار حسب الانتخابات داخل هذه الأجهزة التي نجد فيها محاباة، وهذا ما سينعكس على النهج الديموقراطي الذي نعيشه”.

“أضعنا 15 سنة دون عدالة اجتماعية ولو نسبية”

وأوضح محدثنا أن “العدالة الاجتماعية، نادينا بها مرارا، خاصة في تقرير “الخمسينية: المغرب المكن” الذي شخص بشكل دقيق وواضح واقع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في بلادنا، إلا أنه لم نستفد الكثير أي أننا أضعنا 15 سنة بدون الوصول إلى عدالة اجتماعية ولو نسبية، رغم المجهودات التي قامت بها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلا أن هذه المبادرة كانت جد محدودة في عطائها بالنسبة للعدالة الاجتماعية”.

“فقر وهدر مدرسي يعري واقعنا”

“فإذا كانت العدالة الاجتماعية هي بشكل آخر هو توزيع الثروات بين المواطنات والمواطنين، فإن ذلك لازال يعاني من كون ملايين الأسر بدون أي دخل، ملايين الأسر ليس لها تقاعد وتغطية صحية، فنجد ان كرامة الإنسان لا بد أن تصان”، يضيف لركو في معرض حديثه.

واسترسل مصدرنا، قائلا إن “المنظمة المغربية لحوق الإنسان قامت سنة 2017 بتقرير وبحث ميداني في 6 جهات بالمملكة حيث رصدنا المداشر المحيطة بالمدن، السكن الاجتماعي والمدن القديمة والدواوير، ورصدنا بعض الحقوق ورأينا بأن الكثير من الأسر ليس لها دخل، او حتى التي لديها دخل لديها أقل من 1500 درهم شهريا، وهذا الدخل هو الذي يؤدي إلى تشغيل الطفلات والهدر المدرسي بالنسبة للذكور، ونجد أن هذا يعري واقعنا”.

توحيد صناديق الإعانات

وأكد المتحدث نفسه أنهم “طالبوا آنذاك أن يكون لكل مواطن مواطنة دخل محدد يصون كرامته، من خلال تجميع كل الصناديق التي تعطي إعانات، سواء تيسير المخصص للتربية الوطنية، أو صندوق الأرامل، أو غيرها من الصناديق، وأن تدمع في صندوق واحد يهتم بجميع المواطنات المواطنين الذين يعانون من الفقر”.

ضف “راميد” وخصاص في الأطر الصحية

“أما التغطية الصحية رميد”، يضيف لركو شارحا: “كانت أيضا محدودة، لأن دور الحكومة لم يكن متكاملا، خاصة من ناحية مد المستشفيات بالموارد المالية الكافية ، علما أن هذه المستشفيات كان من المقدر أن تسير ذاتيا، بل انه تم انتزاع جزء من مداخيلها عبر المؤمنين من الموظفين، إذ أن الضمان الاجتماعي وغيره لم يعد يساهم في ميزانية هذه المستشفيات، لأن كل المؤمنين بدأوا يلتجؤون إلى القطاع الخاص وتركوا المستشفيات، مما أدى إلى إضعاف مدخولها”، لافتا إلى أن “عدد المؤمنين مهم، ولكنه كان كارثة بالنسبة للخدمات”.

وبين بوبكر لركو، أن “ميزانية وزارة الصحة ضعيفة، إذ لا بد من زيادتها، خاصة وأن جائحة كورونا أظهرت بالملموس كل ما كان يقال سواء بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، او بالنسبة حتى للوزارات التي كانت تشتكي من قلة الأطر أو من قلة التجهيزات في المدن والمناطق النائية والقرى الهامشية، حيث تركزت الأطر الصحية ما بين القنيطرة والدار البيضاء في حين أن باقي المناطق تعاني خصاصا كبيرا، سواء بالنسبة للأطباء أو الممرضين”.

التنمية المستدامة لا تتم إلا في فضاء فيه حرية

وأوضح مصدرنا أن “ما يتعلق بالتغطية الاجتماعية لا بد من مجهود لتتم للجميع، وهو ليس بالأمر الهين أن تكون لكل الأسر حماية اجتماعية حقيقية إلا بتضحية الجميع، وأقصد بالجميع كل الفاعلين من الموظفين وعمال، لان تحقيق هذا الجانب يستدعي تظافر الجهود خاصة وان هناك فصلا في الدستور يقول أنه على الجميع أن يساهم حسب قدراته في الصناديق التي تعنى بالكوارث أو غيرها، او من خلال التضامن الاجتماعي بين المغاربة، الذين أبانوا عن هذا التضامن خلال هذه الجائحة”.

وخلص لركو في نهاية حديثه لـ”آشكاين”، أنه “بكل ما ذكرنا يمكن أن نحقق تنمية مستدامة من خلال التزام المغرب بتطبيق أهداف التنمية المستدامة، وتنزيل التوصيات الأممية، ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا بوجود فضاء فيه حرية بالنسبة للتجمع والتظاهر السلمي، فيه تأسيس للجمعيات المدنية غير المسيسة، لأن السياسة حكر على الأحزاب السياسية، وكل هذا سيؤدي إلى تحقيق عدالة اجتماعية”.

مشددا في الوقت نفسه على أن “مشروع النموذج التنموي المقبل يجب أن يأخذ بكل ما قلناه منذ البداية، كما أن التغطية الاجتماعية التي نادى بها الملك محمد السادس يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مقترحات المجمع المدني وكل الهيئات ذات المصلحة، من خلال إشراكها في أي نموذج سيقترح في هذا المجال”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
اتحادي رجاوي
المعلق(ة)
19 ديسمبر 2020 14:08

حركة 20 فبراير جاءتنا ببن كيران والوافا والداودي والحقاوي واليزمي ….حركة 20 فبراير جاءتنا بقاعدة انتخابية وشعب تافهين… كيف يعقل ان يرفض الشعب السيد فؤاد عالي الهمة ويختار الفشل بعينه: بن كيران ورهطه.
حركة 20 فبراير ضيعت على المغاربة حكومة تتكون من كبار اطر الدولة وخيرة ابنائها : الهمة، الزناكي، بوريطة، الحموشي ، الماجيدي، المنصوري وغيرهم تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس…
المغرب بدأ ربيعه وثوراته منذ 1956…و توجناه بجلوس الملك العظيم الحسن الثاني وقائد المعارضة الاستاذ اليوسفي على مائدة يتوسطها القرأن…عاهدنا ملكنا على الوفاء للوطن وللعرش …بدانا البناء والتشييد…الى ان تسلطت علينا هذه الحركة المشؤومة و جاءتنا بالتافه الفاشل بن كيران ومن معه…
الشعب الذي يصوت على بن كيران مرتين ويرفع شعارات الهمة ارحل سيدفع الثمن غاليا…
الدولة قادرة لاشك ان تعيد تربية هؤلاء…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x