لماذا وإلى أين ؟

الكتاني: التسديد الاستباقي للقروض المغربية دعاية على كل المستويات

أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن المغرب عمل، أول أمس الإثنين 21 دجنبر الجاري، على التسديد المسبق لمبلغ 651 مليون وحدة من حقوق السحب الخاصة لصالح صندوق النقد الدولي، أي ما يناهز 936 مليون دولار أمريكي أو 8.4 مليار درهم. مؤكدا على هذه العملية ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من 8 يناير 2021.

ولفت البلاغ مشترك لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة وبنك المغرب، إلى أن هذا التسديد جاء “في إطار مقاربته الاستباقية لمواجهة الأزمة المرتبطة بجائحة كوفيد-19. وذلك بعدما لجأ المغرب، في 7 أبريل المنصرم، إلى الاستعانة بخط الوقاية والسيولة لسحب ما يقارب 3 ملايير دولار، قابلة للسداد على 5 سنوات، مع فترة سماح تصل إلى 3 سنوات”. وأن هذا التسديد الاستباقي “سيمكن من تخفيف الالتزامات المالية المستقبلية للمغرب مع خفض التكلفة، بفضل الظروف الملائمة جدا لإصدار الخزينة الدولية”، مسجلا أن “هذه العملية لن تؤثر على تعزيز ثقة المستثمرين والسوق في اقتصادنا”.

 هذا التسديد الاستباقي، شكل غموضا لدى المتتبعين للشأن الاقتصادي المغربي، خاصة أنه جاء عقب إصدار المغرب لسندات مالية في السوق الدولي باهظة التكلفة، وهو ما اعتبره المحلل والخبير الاقتصادي، عمر الكتاني “ممارسة للدعاية على جميع المستويات”، من خلال إعلان وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة “التسديد المسبق لجزء من مبلغ السحب برسم خط الوقاية والسيولة والذي يقارب المليار دولار”، وهو ما اعتبره الكتاني “أمرا غيرا استثنائي، إذ أن المغرب طالما يسدد ديونه”، لافتا إلى أن “الغرض من هذا إعلان هو كسب ثقة المستثمرين الأجانب وثقة صندوق النقد الدولي”. حسب تعبيره.

المغرب وفّر مصاريف مالية في جائحة كورونا

وأوضح الخبير والمحلل الاقتصادي، عمر الكتاني، في حديث لـ”آشكاين”، أن معنى هذا التسديد المسبق هو أن المغرب وفر بسبب كورونا المصاريف التي كان يصرفها في المسائل غير الضرورية، وأنه رغم الأزمة ورغم الانخفاض الاقتصادي، قام بهذا التسديد المسبق لديونه في آن واحد مع الوضعية الحالية”، مؤكدا ان “هذا تناقض مع القرض الأخير الذي تسلمته الدولة من خلال إصدار سندات بثلاثة مليارات دولار في السوق المالية الدولية”. متسائلا عن “كيف للمغرب أن يرد الدين في آن واحد مع اقتراضه من صندوق النقد الدولي من جانب آخر؟، موردا أن “القروض التي يأخذها المغرب من هذا الصندوق أقل كلفة من اللجوء إلى السوق المالية الدولية”.

تسديد القروض استباقيا دعاية على جميع المستويات

كما يعني هذا الإعلان بالتسديد المسبق، يضيف الكتاني في حديثه للموقع، “إما أن هناك قروض وصلت لفترات سدادها، وحفاظا على علاقته الجيدة مع صندوق النقد الدولي يقوم المغرب بتسديدها”، مؤكدا على أنه من خلال هذا التسديد المسبق أن “المغرب يمارس بها الدعاية على مختلف المستويات، فإذا لاحظنا انه قبل هذه الفترة لم يكن المغرب يعلن عن رده للديون الخارجية، عكس الآن أصبح يصرح بها”.

موضحا أن هذا التسديد يعطي مؤشرا على أن “مصداقية المغرب كبلد ليس في وضع صعب للغاية، ومعناه انه يوفي بالتزاماته مع صندوق النقد الدولي، ويجب أن يحافظ على علاقة جيدة مع هذا الصندوق، كما يعني ذلك رسالة إلى الدول التي تستثمر في المغرب على ان المغرب بلد قادر على سداد الديون “Solvable”، وهو ما يؤكد أن هناك مجموعة من الرسائل تصدر بهذا الأسلوب”.

طمأنة وحفاظ على التنقيط الدولي لاقتصاد المغرب

وتساءل الكتاني في معرض حديثه: هل كنا نسمع من قبل أن المغرب كان يرد ديونه الخارجية؟؛ علما أن هذا الدين يلاحقه دوما، بمعنى أن هذا الإعلان ليس حالة استثنائية، ولكن في الوضع الحالي يجب أن يكون هناك نوع من الطمأنة، خاصة وأن تنقيط المغرب انخفض في ترتيب وكالة التصنيفات الائتمانية العالمية “فيتش”. إذ أن المعروف على هذا التنقيط، يؤكد المحلل الاقتصادي نفسه، “يؤثر على الاستثمارات الأجنبية في المغرب، فعندما انخفض هذا التنقيط كان هناك رد قوي لوالي بنك المغرب، الذي تفاجأ بهذا التنقيط، وكأنه اتهم تلك المؤسسة بظلم المغرب في انخفاض تنقيطها للاقتصاد المغربي”.

وإذا أردنا أن نعطي لهذا التنقيط تفسيرا، يقول الكتاني إنه: “آت من كثرة مديونية المغرب في هذه الوضعية الحالية، إذ انه يلجا إلى المديونية أكثر من لجوئه إلى سياسة تقشف جهاز الدولة، فعند حديثنا عن التقشف نجد أن الشعب متقشف، عكس الدولية التي لم تتبنّ بعد سياسة حقيقة للتقشف إلا بشكل رمزي، والقانون المالي لسنة 2021 يعبر عن المواقف المحتشمة جدا في تقشف الدولية”. لافتا إلى انها “خفضت قليلا من بنزين السيارات المخصصة للتنقل الوظيفي، وقللت نوعا ما من شراء السيارات، ومن دروس التكوين المستمر الخاص بالموظفين، ولكن هذا التقليص كان بنسب متواضعة”.

وخلص الكتاني في نهاية حديثه مع آشكاين إلى أن “كل ما ذكر جعل المؤسسات الدولية تتخوف من ارتفاع المديونية في المغرب، وهو من العناصر التي جعلت المغرب يرد حوالي مليار دولار، بشكل استباقي، من الدين لصندوق النقد الدولي.

 

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x