هل يملك المغرب إستراتيجية لتدبير الكوارث الطبيعية؟
مع كل واقعة طبيعية تحصل في المغرب، يتجدد النقاش حول “تدبير المخاطر” ويُسلط الضوء أكثر على كيفية إدارة الأزمات ما قبل وقوعها، ثم إعادة البناء بعد الأزمة، إذ وفقا لمنشور سابق لوزارة الاقتصاد والمالية إنه “في جميع أنحاء العالم، يمكن أن تستغرق جهود إعادة البناء المناطق التي دمرتها الكوارث الطبيعية، شهورا أو حتى سنوات في بعض الحالات، أيضا، بينت التجارب على أن الإنفاق العمومي بعد وقوع الكارثة أكثر بكثير من الاستثمار المحققة في مجال الوقاية، بحيث يتراوح ما بين 1 إلى 100 مرة”.
وفي هذا السياق، يُعلق أحمد أزيرار، محلل اقتصادي، ورئيس المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي، على منشور الوزارة بالقول “إن الوقاية خير من العلاج، وفي ميدان التسيير ككل هناك علم قائم متعلق بتدبير الأزمات، غير أنه لكي يكون هناك تدبير للأزمة بنجاعة فلا بد من العمل القبلي، وقبل 25 سنة خلقت الدولة المغربية مجلس لتدبير الأزمات، والآن وزارة الداخلية تعمل على التتبع، وفقا لموارد مالية تُخصص سنويا خاصة للتعامل مع المستجدات كالمخاطر”، مضيفا “نفتقر للعقلية الاستباقية لدى المسؤولين، إذ لا يجب انتظار الأزمات لكي نتحرك”.
لا بد من إصلاح مستمر
وفي ما يتعلق بالتجهيزات الكبرى المتعلقة بالطرق والسدود، زاد أزيرار “لا بد أن يكون لدينا كيفية التشييد بجودة عالية، بتمويلات وتتبع وإصلاح مستمر، وترقب لسير هذه الإنجازات والمشاريع، لأنه لا يكفي التشييد بدون تتبع حالتها والعمل على الترقب والإصلاح من طرف تقنيين، وكذلك يجب أن تكون هناك المسؤولية التامة لمتخصصين لتتبع جودة المنجزات”، مؤكدا “مثلا فيما يتعلق بالأرصاد الجوية، لدينا الآليات الكافية فلا بد من اتخاد كافة الإجراءات اللازمة للحد من أي طارئ، عندما تكون هناك الإنذارات، سواء في القطاع العام أو الخاص، ويجب أن نحاسبهم في حالة عدد الإعلام بإنذارات دقيقة”.
من جهته، خالد الشيات، محلل سياسي، وأستاذ القانون الدولي في جامعة محمد الأول بوجدة، قال إن “ما حدث في الدار البيضاء بالنسبة لي، يدخل في نسقين، إذ الواقع يقول إن هناك مجموعة من النقط السوداء فيما يتعلق بالبنية التحتية للمدينة المرتبطة بإنجاز عدد من المشاريع، وأعتقد في هذا السياق أن مواقع التواصل الاجتماعي ليست معيارا لتحديد مفهوم الكارثة، الذي يجب أن يكون وفق معايير عملية مضبوطة، إذ لكل كارثة سلم معين سواء تعلق الأمر بالأعاصير أو الزلازل أو الفيضانات، ولا أعتقد أن ما يقع هو كارثة”.
تقصير في المسؤولية
وزاد الشيات، في حديثه مع “آشكاين” وإذا كان هناك الكشف عن تدهور عدد من البنيات التحتية في عدد من المدن فهذا يعني أن هناك تقصير في المسؤولية أكثر مما يعني أن الأمر يتعلق بكارثة، وإن المنازل الآيلة للسقوط هي ظاهرة لا زالت متواجدة في عدد من المدن المغربية، خاصة الكبرى كفاس ومراكش وأكادير وطنجة، التي تحتاج لإعادة نظر، مضيفا “بالرغم من أن عدد من الجماعات تصدر قرارات بالإفراغ بالنسبة للساكنة، لكن المشكل الأساسي هو اجتماعي، إذ في الغالب إن ساكنة هذه المباني لا يستجيبون لهذه النداءات إذ ليس هناك بديل، ولا بد هناك من العمل على برنامج اجتماعي مناسب للإيواء، خاصة أن هؤلاء الناس لا يتجاوزون في الغالب المئات”.
“لا أريد أن أستجيب لمطالبات المواطنين في تبخيس كل شيء، مدينة الدار البيضاء لديها بنية تحتية”، يضيف الشيات، “طبعا ليست هناك حياة رخيصة للمواطنين، غير أن ما حدث في الدار البيضاء لا يدخل في الكارثة، وهناك نقط سوداء في البنية التحتية والأشغال العمومية، وهنا ينبغي أن يتحمل كل طرف مسوليته، وبالنسبة للمنازل الآيلة للسقوط يجب أن تتحمل المسؤولية الجهات المسؤولية، وأن تراجع الأمر على المستوى الوطني، وإحداث سياسة لمدن الإيواء وإدماج هؤلاء الأشخاص المتواجدين في مثل هذه المساكن، لأن هذه الأشياء تحز في القلب”، مشيرا “إذا أردنا مغربا متقدما فلا بد من ضمان حياة كريمة للمواطن”.
تدبير فترة الطوارئ
“مسألة وجود نفقات إضافية في مرحلة الأزمات في المغرب، هي مسألة نسبية، لأن هناك بعض القطاعات مثلا تكون في حالة استعجال، وهي التي قد لا تتوافق مع حالة تدبير الميزانية السنوية فيما يتعلق بالموارد المخصصة”، يؤكد المتحدث ذاته، أنه “تبين في عملية تدبير الجائحة أن القطاع الصحي المغربي لم يكن مستعدا من الناحية المالية من جهة مقومات بنيته التحتية للتعامل بسرعة مع هذه الجائحة، التي سرقت الزمن ولم تعطِ فرصة لمحاولة إيجاد حلول بصيغة استراتيجية، في الوقت الذي يجب أن تكون هناك نوع من الاتزان والحكمة في فترة الطوارئ، من أجل العمل على اتخاد قرارات”.
وزاد في السياق ذاته، “إن الجائحة كلفت الدولة مبالغ مالية مهمة تُقدر بمئات الملايين الدراهم، من ناحية التدابير المتخذة في المرافق العمومية، الشأن العام، المصحات، المدارس، وغيرهم من القطاعات، مما يوحي أن المسألة كانت مكلفة وغير متوقعة، غير أنه في نفس الوقت هناك عدد من الجوانب التي عملت الدولة فيها على تقليص النفقات كالاستيراد وتضاؤل التصدير، غير أن الرقم الذي يوحي أن هناك أزمة هو رقم الناتج الداخلي الخام التي تراجع، فضلا عن عدد المناصب التي تم فقدانها في الشغل”.
“أما فيما يتعلق بوجود استراتيجية لتدبير الأزمات، فيتبين غياب استراتيجية وطنية مندمجة في تدبير المخاطر بصف عامة”، يضيف الشيات، في حديثه مع “آشكاين” مؤكدا “لا بد من وجود رؤية في الجانب الوقائي الاستباقية، ثم فيما يسمى بإعادة التأهيل فهناك صندوق تدبير الوقائع الكارثية التي تم إحداثه في سنة 2016 من أجل تعويض المتضررين، ويحدد مفهوم الكارثة سواء على المستوى الجماعي أو الفردي”.
نحن ننتقد السلطات كي نحفزها على الاجتهاد والاصلاح. لكن هل بإمكان الدولة ان توفر مراقبين لكل قنطرة مثلا. الم يهلك المئات بسبب التهور.
واحد كيشوف الواد كدامو وكيترمى ليه.
هذه العقلية هي التي يجب تغييرها.