لماذا وإلى أين ؟

العثور على قائد عسكري جزائري مقتولا يعيد نظرية الاغتيالات للواجهة

مازال الوضع في الجزائر يشوبه الكثير من الغموض، خاصة بعد عودة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للعلاج بألمانيا، وازداد الوضع قتامة بعد أخبار نشرتها منابر إعلامية عن “وُجود مدير القضاء العسكري الجزائري سابقا، عمر بوسيس، جثة هامدة داخل سيارته بعد تصفيته من طرف مجهولين”.

عودة الاغتيالات بالجزائر

وقال موقع “الجزائر تايمز” ، في نقله للخبر إنه “يظهر أن الجزائر بدأت تدخل عهد التصفيات والاغتيالات السياسية من المستوى العالي، حيث أشارت بعض الأخبار الغير مؤكدة وُجود مدير القضاء العسكري الجزائري سابقا، عمر بوسيس، جثة هامدة داخل سيارته بعد تصفيته من طرف مجهولين.

موردا أن عمر بوسيس، ليس مجرد قاضي عادي، وإنما شغل مهام كثيرة داخل جهاز القضاء العسكري إبان حقبة ما يسمى بـ”العشرية السوداء” ثم في عهد بوتفليقة، وقد تم تعيينه من قبل اللواء قايد صالح، سنة 2017، مديرا للقضاء العسكري قبل أن يتم عزله من قبل الجنرال سعيد شنقريحة في ماي الماضي”.

“قد حضر الجنرال بوسيس كل محطات التحقيق مع الجنرال توفيق(ربّ دّْزاير كما يطلق عليه) وسجنه عندما كان قايد صالح هو الآمر والناهي، إلا أن وفاة أو مقتل هذا الأخير كان عنوانا لبداية حقبة جديدة في الجزائر عنوانها التنحية والاغتيالات والإبعاد والاعتقالات. يسترسل الموقع الإخباري نفسه.

وأضاف المصدر ذاته، أن “العديد من المتتبعين للشأن الجزائري أن اغتيال عمار بوسيس، الذي كانت له خلافات مع قيادة الجيش، وخاصة الذين حكم عليهم مؤخرا وغادروا السجون،  هو بداية مرحلة جديدة عنوانها الاغتيالات والقتل والتصفية في حق كل المعارضين لجوقة توفيق ونزار”.

تسويق للاغتيالات

الخبير في العلاقات الدولية، خالد الشيات أوضح أنه “يصعب أن نقرأ المشهد الجزائري، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتصفيات العسكرية بهذا التبسيط الشديد، لأن ما يروج هو الذي قد يطرح هذا التصور، بأن هناك صراع أجنحة وأن هناك اغتيالات، أعتقد أنه نوع من التسويق الذي يصعب أن يُصدق في هذه المرحلة”.

وشدد الشيّات على أن “الأمر أعمق بكثير من أنها مجرد أجنحة، وحتى لو تحدثنا عن الأجنحة داخل العسكر الجزائري، فطبعا هناك بعض الثوابت، شخصيات تثبت هنا وهناك، وهذا  لن يستطيع أن يحدد هذا التيار سوى بعض القمم الصغيرة، يقول أن هذا ضد هذا”.

موردا أن “هناك نوع من التسويق الفلكلوري والضبابي بالجزائر، لأن هذا الأمر يتكرر في الجزائر منذ زمن بعيد، وهناك حالة من تسويق هذا المشهد، باعتبار أن المشهد ضبابيا وأن المنظومة في خطر، وأن الأمر يتطلب الحيطة والحذر وأن هناك أعداء خارجيين، وأعتقد أن الذي يصنع هذا الأمر هو جهة داخل الجزائر”.

بيئة تنافسية

وأكد محدثنا أن “هناك خلافات ومصالح متضاربة، وعندما تتضارب المصالح في الجزائر فاعرف أن الموارد قد قلت، بمعنى الموارد التي كانت تصنع الريع الجزائري أصبح التنافس عليها شديدا، وهذا أمر يرتبط بالموارد المالية والاقتصادية للدولة والتي تعتبر المصدر الأساسي لهذا الريع، كمنظومة متخلفة من المنظومات المتخلفة من دول العالم الثالث”.

مؤكدا أن ما “يزكيها هذه الحماية العسكرية التي يقدمها الجيش لهذه البيئة التنافسية، التي تجد مجموعة من القواعد لاستمرارها، منها تصريف العداء ضد المغرب، وهو عقيدة لأنها ترتبط بمنظومة مصالح أخرى وهي تحقق نفوذا على مستوى الشعبي، بموجب العمل الدعائي لمدة عقود،  فقليلا ما تجد مثقفا أو جامعيا أو حتى رجلا من الجيل الجديد سيكون مع الطرح المغربي، وهذا أمر يجب أن نسلم به.

“طبعا هناك اغتيال، لكن متى كانت الجزائر في هذا التقاطب المجنح بين أقطاب معينة، فلم يكن هذا بشكل مستمر، فأنا لا زلت أومن بأن هناك جهة قوية داخل النظام الجزائر تمسك بزمام الأمور وتصرف هذه التفاهات هنا وهناك وهذا التجنيح بين الأطراف وهذا التشويق الإعلامي”، يسترسل خالد الشيات.

عداوات متقاطبة

وأضاف الشيات أن “هناك أزمة حقيقة بالجزار على المستوى الاقتصادي، وهو ينعكس على مستوى الميزانية، والقادم سيكون أسوأ، ولكن محاولة تصريف كل هذه الأشياء في صيغة جديدة، توحي أن هناك عداوات متقاطبة داخل النظام السياسي، وعداوة إقليمية تقليدية هي ضد المغرب واستعمال الوحدة الترابية ضد المغرب لإشعال فتيل الحرب إما محدودة أو طويلة الأمد، وهذه إستراتيجية لا يمكن أن تتغير في الجزائر لأن المنظومة الأمنية متحكم فيها، سواء حضر الجنرال توفيق بجسده في المحاكم أو خارجها، والأسماء تتكرر ولكنها لا تحدد طبيعة التقاطبات الحقيقة داخل المنظومة السياسية الجزائرية”.

محاولة تسميم الرئيس

وستطرد الخبير في العلاقات الدولية خالد الشيات، بقوله إن “حتى وجود الرئيس تبون في ألمانيا بدواعي العلاج من كورونا، فيصعب أن نصدق هذا الفهم، ربما كانت اللعبة أكبر، وكانت تستهدف الرئيس في حد ذاته، ربما نوع من التسميم أو ما شابه، رغم عدم وجود دلائل، ولكن هذا نتيجة خلاصات النظام الجزائري كيف يستجدي استمراره على مستوى الشعبي وكيف يخلق العداء انطلاقا من مقومات داخلية أو كما يسميها مبد آتية”.

وخلص الشيات إلى أن “هذا الأمر يجب أن نأخذه بكثير من الحذر”، مشددا على أن “النظام الجزائري ليس على حافة الانهيار، وليس على شفى مشابهة داخلية بين قطبين لا أحد يعرفهما أو يسميهما أو يحدد طبيعة المصالح المتضاربة بينهما، لهذا تبقى هذه اللعبة الداخلية في النظام الجزائري مستمرة، وبها يستطيع أن يستمر في مستويات متعددة داخليا، ضبط المجال الحزبي والسياسي، والمعارضة صوري الموجودة على مستوى الأحزاب، والمعارضة الحقيقة خارج النظام”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x