2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ماذا ربح المغرب خلال سنة من جائحة كورونا؟

مضت سنة كاملة على اكتشاف أول حالة إصابة في المغرب، من فيروس كورونا المستجد، وتضاعفت خلفها الحالات، وانطلقت السلطات بعزم على حصر حالات العدوى باعتماد إجراءات احترازية شاملة وصارمة، ساعدت الإنسان وأنهكت الاقتصاد في مجمله؛ إذ أوضحت عدد من الدراسات ارتفاع نسب البطالة وتفاقُم عدد من الفئات اجتماعيا؛ غير أن هناك كذلك من أكد أن الاقتصاد المغربي لم يمسه الضرر الكثير الذي طال دولا أخرى.
وفي هذا السياق، قال أحمد أزيرار، رئيس المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي وأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، إنه “كم من نقمة فيها نعمة” مشيرا إلى أن “أزمة كورونا أوضحت صلابة القيادة المغربية، وميزتها على الصعيد العالمي، إذ أن الدولة برمتها تجندت وانطلقت في اعتماد كافة الاجراءات اللازمة، تحت شعار (صحة الإنسان أولا) مع اتخاد عدد من الاحتياطات في المجال الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بالإعانات التي تم تقديمها للأسر المتضررة وللقطاع غير مهيكل، والسرعة في غلق المجال الجوي”.
إجراءات لتفادي إنهاك الاقتصاد الوطني
وزاد أزيرار، في حديثه مع “آشكاين” أن “المغرب عمل على ضبط مخطط مدمج في التعامل مع الجائحة، في الوقت الذي كانت فيه عدد من الدول تترنح في شكوكها، ولم تتعامل مع كورونا كأزمة غير مسبوقة وذات أبعاد مختلفة ومتشعبة ومعقدة، وعلى رأسهم دول كبيرة من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية، وها هو الآن بايدن يسابق الزمن من أجل تصحيح خطأ ترامب، لم يأخذوا منذ البداية عمق المسألة وعواقبها بجدية”.
وأوضح أزيرار، أن المواطنين المغاربة في هذه السنة العصيبة، التي شهدت تفشي فيروس لم تشهد مثله البشرية من قبل مثيلا، “كانوا شعبا منضبطا، باستثناء ما حصل في الآونة الأخيرة من أحداث في الفنيدق وهذا شيء نتفهمه، خاصة أن له علاقة بمشكل هيكيلي متعلق بسبتة ومليلية، ويجب إيجاد حل له بالنقاش مع الطرف الآخر، ولا علاقة له بأزمة كورونا في الأساس مضيفا “المغاربة منذ البداية انضبطوا بتعليمات الحجر الصحي المنزلي، ثم الآن نراهم مقبلين على الاستفادة من الحملة الوطنية للتلقيح”.
أما بالنسبة للخسائر، فأول ما يمكن ذكره هنا هو أنه “في فترة الإغلاق الشامل خصوصا، كانت هناك عددا من التكاليف التي تحملها الاقتصاد الوطني إثر غلق المجال الجوي والتنقل، والتجارة الخارجية والتموين، وعدد من القطاعات التي أُنهكت بشكل ملاحظ من قبيل السياحة والفندقة والمقاهي والحمامات” بحسب المتحدث ذاته. الذي أشار إلى أن ” قانون المالية المُصحح كشف على انحدار نمو الاقتصاد المغربي لأقل من 7 في المائة، وهو الرقم الذي لم يصله منذ سنوات طوال، وهذا الأمر هو خسارة كبيرة، خاصة أن هناك قطاعات اقتصادية كبرى توقفت، ثم كذلك تضررت ميزانية الدولة بالمقارنة مع السنوات الأخرى، وإن المديونية الخارجية قفزت لمعدلات مرتفعة، وتزايدت نسب البطالة بخسارة أزيد من 400 ألف منصب شغل هذه السنة”.
كورونا والجفاف.. أزمتين في جهات محددة
“كان هناك فرق كبير بين جهات المملكة” يضيف أزيرار و”الجهات التي كانت جد ضعيفة متعلقة بالجنوب الشرقي، كشفت أزمة كورنا على مشاكل جوهرية بها، خاصة أن الجائحة فيها تزامنت مع الموسم الثاني من الجفاف الذي تعاني منه هذه المناطق، فضلا عن مشاكل الكلأ، لهذا يجب التركيز كذلك على الجهات الوطنية المتضررة”.
وزاد أزيرار أن “هناك عدد من القطاعات التي لم تعرف انقطاعا مع تفشي أزمة كورونا بشكل كبير، واستمرت بالعمل من قبيل الفلاحة والفلاحة المصنعة، أي كل ما هو متعلق بالتموين الداخلي، والتجارة الداخلية، والأبناك، والمناجم والفوسفاط، وقطاع النسيج الذي مضى في تغيير لإنتاجه بصنع الكمامات، التي أصبح الطلب عليها ملحا، ولا ننسى أن المغرب منذ البداية كان رائدا في صنعها، وكذا تقديم الإعانات لعدد من الدول في إفريقيا جنوب الصحراء”ّ، مردفا “إذن كان هناك تفاوت بين القطاعات في نسبة الكسب والخسارة، باستثناء الحديث هنا عن القطاع غير مهيكل الذي تضرر بشكل ملحوظ وكبير”.
استشراف للأمل في الاقتصاد الوطني
“منذ انتهاء فترة الحجر الشامل نسبيا إلى حدود الآونة الأخيرة، انطلقت مجموعة من القطاعات في الانفتاح مجددا، بتدخل من الجهات الوصية في الدولة بعدد من المساعدات”، يضيف أزيرار موضحا أن الإعانات كانت من قبيل “(أكسجين) وإيقاف أداء الضرائب لفترات، وما يتعلق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مما جعلهم يقاومون الأزمة، ويترجلون منها نسبيا، وللأسف هناك عدد من المقاولات التي لازالت تعاني من الوضعية الهشة ومنها من تمضي نحو الزوال، في انتظار أيادي الرحمة”.
وختم أزيرار حديثه مع “آشكاين” مؤكدا “الآن الاقتصاد يعيش مرحلة من التغيير ويجب اعتماد توجه جديد في إنتاج، إذ أن السلاسل العالمية في مرحلة التحول، ويجب أن نَعقد العزم على العمل مع الدول الأروبية ومع البحر الأبيض المتوسط وجنوب الصحراء”، مردفا “يجب استغلال هذا المناخ الاقتصادي العالمي الجديد لأن المغرب له عدد من الإمكانيات الهائلة التي يجب الكشف عنها أكثر”.